تعرض المجلس القومي للمرأة للعديد من الانتقادات التي كانت تلاحقه منذ نشأته وحتي الآن.. ومن أهم هذه الانتقادات قضايا حواء من منظور غربي.. والانحياز الكامل للمرأة علي حساب الرجل وتجاهل المرأة الفقيرة والمهمشة والعمل لصالح الكبار.. والعديد من الانتقادات الأخري. وعقب التشكيل الجديد للمجلس وإعادة هيكلته بصورة قد يراها البعض تمثل كافة الشرائح من النساء علي مختلف توجهاتهن الفكرية والسياسية التقت "عقيدتي" بالناشطة الحقوقية نهاد أبو القمصان الأمين العام الجديد للمجلس القومي للمرأة في أول حوار لها عقب توليها منصبها الجديد لتضع النقاط علي الحروف فكان هذا الحوار: * هل تم التشاور معك لدخول المجلس القومي للمرأة؟ ** تم إبلاغي بقرار انضمامي لتشكيل المجلس الجديد وتلا ذلك إنتخابي من قبل الأعضاء كأمين عام ولكن سبق ذلك تكليفي بالتشاور مع مؤسسات المجتمع المدني لبحث سبل إعادة هيكلة المجلس وتفعيل دور المجلس في أعقاب ثورة 25 يناير من خلال الرؤية الخاصة بي. وقد تم التشاور مع "80" جمعية نسائية وأهلية وتحالفا نسويا وتنمويا و"50" شخصية عامة. * ما هي تصوراتك لإعادة هيكلة المجلس والقضايا المطروحة خلال هذه الفترة الانتقالية؟ ** تم إعادة هيكلة المجلس بصورة تسمح بتمثيل كافة الشرائح من النساء علي مستوي المحافظات والتوجهات الفكرية والسياسية. بالإضافة إلي مشاركة جيدة من خبراء من الرجال. أما عن هيكلة الأمانة العامة فقد استحدثنا منصبين هامين وهما نائب الرئيس ونائب الأمين العام ويجري اختيارهم بالانتخاب أيضاً وذلك لتوسيع قاعدة المشاركة في تحمل المسئولية وعدم استئثار شخصا أو اثنين بصناعة القرار بالإضافة إلي متحدث رسمي. كما سنسعي لإعادة الهيكلة بصورة تسمح بتفعيل دور المجلس ليؤدي عمله بالكفاءة المرجوة. أما عن أولويات القضايا المطروحة فتتمثل في التوجه لتحقيق العدالة الاجتماعية وخاصة للمرأة الفقيرة والمهمشة وقاطني العشوائيات. والمرأة الريفية. وكيفية تمكينها إقتصادياً إلي جانب دعم المرأة العاملة وزيادة مساهمتها في دفع الاقتصاد أيضا. إلي جانب الملف السياسي ويتمثل في تمثيل المرأة في لجنة وضع الدستور وتمثيلها في المجالس المحلية القادمة. * في رأيك هل يمثل المجلس الحالي كل التيارات السياسية؟ ** التشكيل الجديد للمجلس يمثل أغلب التيارات السياسية القائمة في المجتمع. * هل هناك تعاون في المرحلة القادمة بين المجلس والائتلافات النسائية؟ ** هناك توجه لوجود تعاون دائم ومستمر بين المجلس وجميع الإئتلافات النسائية والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني. * البعض يوجه لك انتقادات شديدة لانحيازك بشدة للمرأة علي حساب الرجل. فما رأيك؟ ** ليس صحيحاً علي الإطلاق ولكن عندما يشوب الأمر تمييز وحرمان للمرأة من حقوقها أسعي جاهدة لتحقيق العدالة وحصول المرأة علي حقوقها المسلوبة والتي نصت عليها جميع الشرائع السماوية والدستور المصري. فالمرأة القوية قادرة علي دعم كل من حولها والاعتماد عليها وهذا ليس خصماً من الرجال وإنما إضافة حقيقية له. كما أن المرأة الضعيفة أو البائسة عبء علي الجميع ويكفي الإشارة إلي أن الشباب الشجاع الذي قاد الثورة كان نتاج الطبقة الوسطي لأمهات متعلمات ويعملن وكان لديهن الخبرة والقدرة علي بناء جيل جديد من القيادات. وقد أوصانا الرسول الكريم علي النساء: "استوصوا بالنساء خيراً" كما ورد في القرآن سورة خاصة باسم "النساء" فهل كان القرآن منحازاً للمرأة. * هل تجمعين بين المركز القومي لحقوق المرأة والمجلس القومي للمرأة وهل يؤثر ذلك بشكل إيجابي علي قضايا المرأة؟! ** لن أجمع بين المنصبين فقد كنت أعمل كرئيس لمجلس إدارة المركز المصري لحقوق المرأة وحالياً قدمت استقالتي والمركز حالياً بصدد تعيين رئيس جديد. * هل هناك تنسيق بين المجلس والجمعيات الأهلية؟ ** هذه أحد أولويات المجلس وهو التواصل مع المجتمع المدني والتنسيق بين المجلس وكافة المنظمات الحقوقية والجمعيات التنموية وحتي الخيرية لدعم هذا القطاع الهام. * ما هي خطة المجلس القومي للمرأة مع انتخابات الرئاسة؟ ** المجلس سوف يقدم التوعية للسيدات بالمشاركة السياسية حيث ان المشاركة هي أساس الديمقراطية خاصة أن انتخابات مجلس الشعب شهدت اقبالا من النساء علي التصويت وهو ما سنحاول أن يتكرر علي مستوي الرئاسة وأن تشكل النساء قوة تصويتية فاعلة تدعم المرشح أو المرشحة الذي يضمن العدالة للجميع. * هل يقتصر عمل المجلس علي القاهرة دون باقي المحافظات في هذه الفترة؟ ** للمجلس 27 فرعاً في كل محافظات مصر وسوف يتوجه إلي المرأة الفقيرة والمعيلة والمهمشة في جميع محافظات الجمهورية وفي المناطق النائية والعشوائية ونسعي أن يكون ملكاً للمصريين والمصريات والقيادات الشابة. * هل يعاد ترتيب المجلس بعد المرحلة الانتقالية أم يظل قائماً كما هو؟ ** سوف يعمل بكل جهد وطاقة لإنجاز عدد من الملفات التي سوف تحددها الأولويات في المرحلة المقبلة ولا يعنينا أن تكون فترة المجلس الحالية انتقالية أو مستمرة. المهم التأكيد علي أن حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وتغيير المفاهيم المغلوطة بأنها معركة ندية بين الرجل والمرأة وهنا يوجد حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة إن استطاع ألا يقوم حتي يغرسها فليغرسها" سنقوم بما يحقق العدالة بصرف النظر عن أننا في فترة انتقالية ما نستطيع فعله الآن يجب أن نفعله. * هل يظل المجلس تابعاً لرئيس الجمهورية؟ ** حتي الآن لا يوجد تغيير في قانون إنشاء المجلس والذي ينص علي تبعيته لرئيس الجمهورية. * البعض يطالب بنقل تبعيته إلي مجلس الشعب. فما تعليقك؟ ** تبعية المجلس إلي رئاسة الجمهورية تضمن له الاستقلالية كهيئة استشارية وفيما يتعلق بمشروعات القوانين فإن المجلس منذ البداية يعرض أي مشروع قانون علي الحكومة ومجلس الشعب. * هناك تخوف لدي البعض من رفع مصر للتحفظات علي الاتفاقية الدولية لإنهاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة "السيداو" خاصة ان البنود المتحفظ عليها تتعارض مع الشريعة الإسلامية. فما تعليقك؟ ** لن يتم رفع التحفظات علي البنود التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية في الاتفاقيات الدولية. كما أن أي قرار برفع أو وضع تحفظات يكون بموافقة الحكومة ومجلس الشعب وهو إجراء معقد لا يملك المجلس وحده اتخاذ قرار فيه. * ما هي علاقة المجلس بالتيارات الدينية خاصة بعد رفض حزب الحرية والعدالة لتشكيل المجلس؟ ** المجلس سوف تربطه علاقات جيدة بكافة التيارات القائمة في المجتمع سواء الدينية أو الاشتراكية أو الليبرالية لأن اللحظة الحالية تحتاج منا التواصل أكثر من الخلاف وخاصة أن حقوق المرأة واردة بقوة في الشريعة الإسلامية ومساحات الاتفاق مع حزب الحرية والعدالة أكبر كثيراً من الخلاف. وتربطني بالكثير من القيادات علاقات طيبة والحوار يساعد دائماً علي فهم وجهات النظر المختلفة. * موقف المجلس من قوانين "سوزان" إذا طلب مجلس الشعب تعديلها أو إلغاءها خصوصاً قوانين الخُلع أو الرؤية؟ ** لا يوجد ما يسمي بقوانين سوزان مبارك وإنما قوانين عدالة اجتماعية وكل القوانين التي صدرت فيما سبق عرضت علي مجلس الشعب وأنا علي ثقة أن الحوار والمعلومات ستجعل النواب يدركون أن ما حصلت عليه المرأة المصرية ضئيل جداً إذا ما قورن بحقوقها في الدستور والشرع إذا ما قورن بدول إسلامية أخري وهي مكاسب وطنية يجب الحفاظ عليها ونزيدها "كما قال الغنوشي في تونس". * المجلس الحالي لا يضم ممثلين من الوزارات المختلفة فكيف يكون حلقة وصل بين قضايا المرأة والمسئولين؟ ** سوف يتعاون المجلس مع الجميع وسوف يعقد إجتماعاً مع رئيس مجلس الوزراء كلما لزم الأمر. إلي جانب وجود وحدات تكافؤ الفرص القائمة بوزارات الدولة مما يساعدنا علي إحداث تواصل مع الوزارات. وهذه الوحدات تعمل بكفاءة وأصبح بعضها نموذج تأتي وفود من الدول العربية وغيرها للاستفادة منه. * هل مكتب شكاوي المرأة سوف يستمر في أداء عمله أم يتم تطوير عمله وتغيير اسمه؟ ** بالتأكيد سيستمر المكتب في أداء الدور المنوط به في تلقي ورصد وتحليل شكاوي المرأة المصرية والسعي إلي حلها علاوة علي التقدم بمقترحات التعديلات التشريعية التي تستهدف إصدار أو تعديل بعض النصوص القانونية التي تحرم المرأة من الحصول علي حقوقها التي كفلها الشرع والدستور. وسيتم تطوير عمله ليكون قاعدة معلوماتية هامة لكل المعنيين لاسيما نواب البرلمان حتي يستطيعوا دراسة القضايا ذات الصلة بطريقة علمية تساعد علي اتخاذ القرار المناسب وتساعد المجتمع علي رؤية الصورة الحقيقية للواقع دون مبالغة. * ماذا عن علاقة المجلس بالمنظمات النسائية الدولية؟ ** مصر بلد رائد في حقوق المرأة وحقوق الإنسان وقد ساهمنا في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 واتفاقية القضاء علي أشكال التمييز ضد المرأة عام 1971 والمجلس تربطه علاقات دولية جيدة بكافة المنظمات النسائية الدولية كما سيسعي إلي توطيدها خلال الفترة القادمة حتي نستطيع أن نكون فاعلاً نعكس فكرنا وثقافتنا وليس متلقياً. واحدة فقط لا تكفي * هل يختلف دور المجلس بعد الثورة عن دوره قبلها؟ ** بالتأكيد سوف يركز المجلس علي نقل ملكيته إلي الشعب المصري ليكون مكاناً للمرأة والرجل معاً. كما سيركز علي القضايا التنموية من خلال التركيز علي الوصول إلي المرأة الفقيرة والمعيلة والمهمشة ومن خلال التركيز علي قضايا محو الأمية والتمكين الاقتصادي والمشاركة الحقيقية نحو تراجع وتقييم كل السياسات السابقة.