الحمد لله الذي أنار الوجود بخير مولود وأشهد أن لا إله إلا الله اصطفي محمداً من البرية ليكون منقذاً للبشرية. "هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله". وكفي بالله شهيداً وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله نور الله في أرضه وهدايته لخلقه. اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وبعد. انه حين يتحدث المتحدثون ويكتب الكتاب في ذكري مولده صلي الله عليه وسلم فإنما يقدمون للناس سيرته العطرة ويعرضون طرفاً من خلقه العالي العظيم فلقد كان مولده صلي الله عليه وسلم علامة بارزة في سيرته الإنسانية ونقطة تحول في حياة البشرية وثورة فجرت ينابيع التاريخ وغيرت معالم الدنيا ووضعت قدم الإنسان علي طريق الحق والخير وأخذت بيده إلي طريق الهدي والرشاد. ولقد مضت قرون طويلة علي تاريخه صلي الله عليه وسلم ولا يزال خلقه الكريم وأدبه العظيم قيمة لا يرقي إليها البشر فلقد كان أصحابه صلي الله عليه وسلم أحسن صحبة منا وكانوا أكثر طاعة له وأشد التزاماً بهديه. وجدوا الله يأمرهم بطاعته فاطاعوه وينهاهم عن التمرد فلم يخرجوا عليه سمعوا قوله تعالي "ومن يطع الرسول فقد أطاع الله" وقوله أيضاً "ومن يطع الله ورسوله ويخشي الله ويتقه فاولئك هم الفائزون" وأيضاً وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" فهموا كل هذه التوجيهات وايقنوا وعلموا ان الخير كل الخير في ان يعيشوا ويتعلقوا بنبيهم ويلتزموا بهداه وانظر كيف أحبه أصحابه عليه الصلاة والسلام دخل النبي صلي الله عليه وسلم علي خادمه ثوبان ذات يوم فوجده مهموماً قلقاً قال له الحبيب "ما بك يا ثوبان" قال ثوبان "والله ما بي من سوء يا رسول الله غير أني لا أطيق فراقك وإذا غبت عني اشتقت إليك فتذكرت الدار الآخرة وأنك تكون في أعلي عليين في الفردوس الأعلي وأنا واحد من الناس لا أصل إلي منزلتك فخشيت الا أراك فهمني ذلك "فإذا بالنبي صلي الله عليه وسلم يطمئنه ويقول له "يا ثوبان المرء مع من أحب" وأنزل الله قوله تعالي "ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" هذا الحب لله ورسوله كانت له نتيجة واحدة وهي الالتزام الكامل بأمر الله والاقتداء الملتزم بسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ذلك بما دعانا إليه القرآن وصدق الله العظيم إذ يقول "لقدكان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً" ذكري مولده صلي الله عليه وسلم فرصة لإحياء هذه القيم والمبادئ فعلينا ان نسأل أنفسنا أين نحن من هذا الدين. أين نحن من قيم هذا الدين وآدابه لو ان المسلمين راجعوا أنفسهم وجددوا إيمانهم واعتنقوا هذه القيم الايمانية وطبقوها في مجتمعهم وعادوا إلي الله لمكنهم الله في الأرض ورزقهم وإننا في هذه الذكري لا نجد مفراً من ان نقول للناس عودوا إلي دين الله وإلي الله قبل فوات الآوان وساهموا في أمن هذا البلد واستقراره ورخائه بالعودة إلي الله واعتناق هذه القيم والعيش في هداها وصلي الله علي سيدنا محمد.