في سيرة المصطفي صلي الله عليه وسلم كثير من الإيجابيات الجديرة بالطرح والبحث العميق. لعلنا نلتمس من أحداثها الواقعية العديد من الحلول لمشاكلنا. لتخطي العقبات التي تحول دون تحقيق أهداف النهضة. التي نطمح إليها جميعاً. فنجتاز الأخطار والفتن التي تحاك لنا ولأمتنا. وذلك يتجلي بوضوح عند تعاطي سيرة المصطفي صلي الله عليه وسلم ومسيرة هجرته النورانية. التي تحقق لنا بإتباعها المحافظة علي مقومات هويتنا الإسلامية الذاتية وأصالتنا. للارتقاء بسلوكياتنا وأخلاقنا. ففيها القدوة في شتي نواحي الحياة. لاختصاصها بالشمولية. فكانت سيرة جامعة. فما وهبه المولي عز وجل لجميع رسله من خصال حميدة ومكارم أخلاق اجتمعت فيه. فاستحق الفضائل بأسرها. ولذلك فالمصطفي صلي الله عليه وسلم النبي المرسل الوحيد الذي حفظت سيرته بدقائقها وتفاصيلها قبل مجملها. لكي تبقي خالدة للبشرية. تجد فيها القدوة في كافة الأحوال والظروف علي مدي العصور. فيقول بن حزم "من أراد خير الآخرة. وحكمة الدنيا. وعدل السير. والاحتواء علي مكارم الأخلاق كلها. واحتقاق الفضائل بأسرها فليقتد بمحمد صلي الله عليه وسلم وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه. فاتباعاً لمنهجه تعالي حينما وجهنا آمراً بقوله "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً" "الأحزاب: 21". خاصة وكانت تعاملاته واقعية وعملية. حتي تستطيع أمته تحقيقها والانطلاق من خلالها. فنجده صلي الله عليه وسلم هاجر بعد محاولاته المتعددة لفتح آفاق جديدة للدعوة علي الرغم من أحزانه في السنة العاشرة من النبوة والتي أطلق عليها "عام الحزن" لوفاة عمه أبوطالب والذي كان يرد عنه أذي المشركين. وكذلك وفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد الشريكة الحانية التي كانت مكمن الطمأنينة والسكينة والسند المعنوي المطلوب لتلك المرحلة. ولكن المصطفي لم ييأس ولكنه أخذ يخطط لاستمرار دعوته رغم التحديات الصعبة والأحداث الجسام. وهذا ما يجب أن نلتمسه فنتعلمه ونسير علي نهجه. حتي نتخطي الواقع المرير الذي تحياه الأمة حالياً. فنقتحم كل الصعاب ونتغلب عليها. علي هدي سيرة المصطفي وسنته صلي الله عليه وسلم بإيجابياته وحلول واقعية وسريعة. لتخطي الحواجز النفسية وعراقل العقبات. فنجده عليه الصلاة والسلام تدبر حال دعوته وقوة الشرك التي تواجهه. فأخذ في التحرك الإيجابي. فكان يعرض نفسه ودعوته علي القبائل التي تنهال علي مكة للحج. وقريش مستمرة في آذاها. فتصد عنه كل من يقترب منه ليتعرف علي الدعوة.