الشيخ عماد عفت شهيد دار الإفتاء قامة دينية رفيعة سطر بدمائه الذكية اسمه في سجل الشهداء الذي طالما تمناه وسعي إليه.. اتسم بالزهد والورع.. لم يسع إلي الدنيا لكنها أتته بعد استشهاده وأصبح وفاة عالم حديث جميع الناس.. وبالرغم من أحزانها إلا أن أرملته الزميلة نشوي عبدالتواب الصحفية بالأهرام ويكلي حرصت علي مساعدتنا للوقوف علي أهم الملامح في حياة عالمنا الجليل وعن توجهاته السياسية التي رصدناها في هذا الحوار. ** في البداية نريد التعرف علي الشيخ عماد ومسيرة حياته. * عماد عفت من نسل سيدنا رسول الله ولد عام 1959 والده كان فنان الخط العربي في الديوان الملكي.. حصل علي العديد من الأوسمة والنياشين من الملك.. يزخر المتحف المصري بالعديد من أعماله نشأ عماد عفت في بيئة راقية في زمن يسود فيه الاحترام والرقي.. التحق بكلية الهندسة وفي الفرقة الثالثة قرر ألا يكمل الدراسة بها والتحق بكلية الآداب وحصل علي ليسانس لغة عربية بتقدير جيد عام ..1991 وليسانس الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف عام ..1997 ثم حصل علي دبلومة الفقه الإسلامي العام من كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر عام 99 ودبلومة الشريعة الإسلامية من كلية دار العلوم بالقاهرة. سمات شخصية ** ما هي سمات شخصية الشيخ عماد؟ * الشيخ عماد كان مربياً دمث الأخلاق فقيهاً عابداً ذاكراً شاكراً لله.. نبيلاً لا يخشي في الله لومة لائم.. كان شخصية مبهرة تساعد علي التغيير.. اجتمعت عليه قلوب الصادقين أتسم بالزهد لم يسع إلي الدنيا.. حسن السمت.. خفيف الظل.. صاحب بسمة لا تفارقه.. ما رآه أحد إلا وأحبه.. عرف عنه ثوريته في الحق فهو صاحب الفتوي الشهيرة بتحريم التصويت لفلول الحزب الوطني لأنهم أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية والصحية والإعلامية للمصريين علي مدار ثلاثة عقود.. وسأله دكتور علي جمعة عن هذه الفتوي فقال: نعم فأبلغه المفتي أنها الآن علي 30 موقعاً وقال له د. علي جمعة: "أدرأ بالمؤسسة الدينية عن السياسة" إلا أن عماد عارضه باحترام. وحدث أن سأل عماد مفتي لبنان بعض الأسئلة التي أثارت غضبه وتم إبعاده عن الفتوي وأعطوها لزميله وتم نقله لإدارة الحساب الشرعي خاصة أن د. علي جمعة كان يعلم أن مخرج أي شيء لا يكون إلا بالاقتصاد القوي لذلك فكر في أن تتطور إدارة الزكاة وأن تصبح مثل مؤسسة تجميع الزكاة أو وقف كبير واختار عماد لأنه شديد الأمانة زاهد في الدنيا والفلوس معه تزيد. الزواج برؤية ** كيف كانت معرفتك بالشيخ الشهيد؟ * حلمت أني استزيد من العلم الديني واخترت دكتور علي جمعة لأنهل من بحر معرفته ولأنه شخصية مبهرة ورفضت التعلم علي يد تلاميذه لأنهم يقلدونه في كل صغيرة وكبيرة خاصة أنه كان مثالاً في العلم ولديه الكثير من متاع الدنيا. واستخرت الله فرأيت أنني في مكان مظلم وفجأة أمسكت بالكاميرا وخرج منها نور قوي وظهرت مدينة رائعة غير مسكونة تمتد أعمدتها للسماء وطلبت أن أذهب لهذا المكان ورأيت أنها جنتي وسمعت اسم عماد.. استيقظت واتصلت بمكتب دكتور علي جمعة وسألت عن عماد فعلمت أنه أول اسم رشحه دكتور علي للتعلم علي يديه علي الرغم من إنني أعلم جميع تلاميذه إلا أنني لم أسمع عن الشيخ عماد فهو لم يسع إلي الشهرة والأضواء ولم يطلب العمل بمجلس الشعب وخلافه مثل غيره.. وعلمت أنه رقم واحد هو وزميله بعد فضيلة المفتي. ** وماذا عن حياته العائلية؟ * هو متزوج من السيدة علا ولديه محمد وخديجة وسمية من مطلقته الأمريكية وابني إبراهيم.. تزوجت عماد بناء علي أمر رباني واقنعني أن الله أراد لنا الزواج.. وبالرغم من أن تعدد الزوجات هو من أسوأ القرارات إلا أنني وجدت رحابة في صدري وتزوجنا وكنا علي قلب رجل واحد وكان يعلمني بكل صغيرة وكبيرة في حياته كما كان زوجي شاطراً يمتلك من الإرادة ما استطاع به أن يجعل العلاقة بيننا غاية في الاحترام لذلك لم أشعر بالغيرة منهن.. كان يحمل عنا الكثير من الأعباء فكان يقول "يكفي عليكن أعباء البيت". الحقيقة أن زوجي لم يحظ من الدنيا سوي بالزوجات الصالحات فهن قمة في الأخلاص والتعبد والعمل بجدية من داخل البيت. وكان مسموحاً أن أسافر بدون محرم وأذكر أننا حصلنا علي التأشيرة قبل السفر للحج بثلاثة أيام وجاءت التأشيرة بدون محرم فقال: "أنك سوف تكونين مثل السيدة هاجر" فقلت: "إذا لن يضيعنا الله" وتركني في الحج وهو ترتيب من الله أن أكون بدونه مع ابني إبراهيم. تربية الأبناء ** كيف كان الشيخ يربي أولاده؟ * بالنسبة لأبنائه حرص علي تحفيظهم القرآن حتي أن سمية 5 سنوات تحفظ 4 أجزاء.. ساعدهم علي تعلم اللغة الانجليزية فهو يتقن العديد من اللغات.. وقرر أن يعلمهم الفروسية مع كريمة ابنة أخي.. وكان يصطحبنا إلي دار الأوبرا ذلك التراث المصري الرائع وكنا نلتقط له الصور وهو يضحك مع الأبناء.. كما كان يحرص علي الذهاب لهم إلي "نايتي ساينز" وهو مركز علمي بمصر الجديدة. كذلك مكتبة الأطفال بالمعادي لحضور كورسات استخراج المعلومات وكليلة ودمنة وخيال الظل. علاقته بالمفتي ** ما هي حقيقة العلاقة بين الشيخ عماد عفت وفضيلة المفتي؟ * دكتور علي جمعة له فضل علي زوجي من "ساسه لراسه" لأنه أخرجه من "قمقم" الفكر السلفي المعطل إلي رحابة الدين ووسطية التفكير الأزهري.. أذكر أنه كان يخرج لاستطلاع الهلال وينظر إلي السماء ويدعو لمدة نصف ساعة وكان للدكتور علي جمعة النصيب الوفير من الدعاء. لكن عماد كان حزيناً لأن د. علي لم يقف وقفة علماء الأزهر الذي درسناها طوال عمرنا وإذا فعل كان يمكن أن يتولي رئاسة الجمهورية لأنه وطني ومؤهل لذلك بدرجة غير طبيعية لكن هناك أناساً غرر بهم كما قال زوجي علي صفحته علي الفيس بوك. وبالرغم من الخلاف في الرأي إلا أن فضيلة المفتي قام بترشيح عماد لأداء الحج مع بعثة وزارة العدل وفي ندوة عقدت قبل السفر قال لهم المفتي: سوف يرافقكم في رحلة الحج عالم عامل اختلف معه في الرأي ولكني أحترمه وبالرغم من اختلاف أفكار المشاركين مع الشيخ إلا أنهم تذكروا كلمة المفتي عنه واستمعوا له. الشيخ والثورة ** ماذا عن دور الشيخ عماد في ثورة 25 يناير؟ ** عماد نزل إلي الميدان يوم 28 يناير لدرجة أنه لم يحضر عقيقة إبراهيم وعاد يوم جمعة الغضب مضروباً. ونزل إبراهيم يوم التنحي وكان اليوم العشرين لمولده وكان الجو شديد البرودة ليلاً فقررنا العودة إلي البيت وفي الطريق علي الكوبري سمعنا شخص يقول: تنحي تنحي فأستبشر بوجود إبراهيم وقال له "مش كنت تنزل من بدري" وقام بالسجود لله شكراً علي الكوبري وقررنا العودة إلي التحرير. ولم يكتف بالنزول بمفرده بل كان يدعو أصدقاءه إلي النزول وحث دكتور علي جمعة علي النزول وكتب له "11" ورقة ملخصها "أن هواء التحرير مثل ريح الأماكن المقدسة" وقد ذكر د. علي جمعة أن عماد هو الوحيد الذي حثه علي النزول إلي الميدان. كان عماد أكبر المشاركين سناً وكان يتقدم الصفوف ولم يتراجع أثناء الضرب وهو ما شاهدناه في كاميرا البث المباشر وفي النهاية تم اغتياله عن قصد ضرب برصاصة في قلبه سوف ترد عليهم إن شاء الله.. لأن حياتي معه أثبتت أن الله لا يضيع حقه لأن معيشته حلال وفيها خير غير طبيعي.. وسوف ينال الله ممن أضروا بمصر والأمة. الأحزاب السياسية ** هل هناك علاقة بين الشيخ والأحزاب السياسية أو الدينية؟ * عماد لا ينتمي لأي حزب سياسي أو تيار ديني بالرغم من أنه كان سلفياً في بداية عمره. فإنه ترك السلفية بفضل د. علي جمعة الذي أقنعه بالحجة والمنطق لدرجة أنه فور خروجه منها كان يقول: إن الفكر السلفي فكر معطل حرمه من أشياء كثيرة ورغم انفصاله عن السلفيين فإن معظم أصدقائه كانوا ينتمون إلي السلفية والإخوان. كان يحترم الإخوان لأنهم عذبوا وقتلوا في السجون في عهد النظام البائد لكنهم الآن يلعبون سياسة قذرة للمحافظة علي مصالحهم فلم يهبوا لنجدة المظلوم في الوقت المناسب لذلك لم يعطهم صوته وكذلك لم يعطه للسلفيين.