وصف القيادي الإخواني كمال الهلباوي الأحداث الأخيرة التي وقعت بجوار مجلس الوزراء بأنها دليل وجود أزمة كبيرة عجزت الأجهزة المسئولة عن حلها مؤكداً أن تهدئة الأمور وتفريخ ميدان التحرير من "ثواره" ممكنة بإنشاء مجلس متكافئ من العسكريين والمدنيين والثوار الحقيقيين وليس بالمجلس الاستشاري الذي لا يملك شيئاً إلا "المشورة". وأشار الهلباوي إلي أن نجاح التيار الإسلامي سواء في مصر أو الشمال الإفريقي مرهون بالاستمرار وحل المشكلات وإلا فالمحاكمات التاريخية هي البديل.. واصفاً التخويف من الإسلاميين أو اتخاذهم "فزاعة" إنما هو حجة المهزوم لتبرير سقوطه. وفيما نص الحوار الذي أجري معه: * بداية.. ماهو تقييمك للوضع الحالي وأحداث مجلس الوزراء وقصر العيني الأخيرة؟ ** للأسف الشديد تعودنا حين يحدث فشل لا أحد يقبل أن يكون جزءاً من السبب. أما في حالات النجاح فيبقي عندنا أكثر من مدعي ومتبني للنجاح. وما حدث علي مدار الأيام القليلة الماضية يؤكد أن هناك مشكلة وأزمة عجزت الأجهزة المعنية والسلطة المختصة عن أن يجدوا حلا لها. وأبسط الأمور تتمثل في اتهام كل من في ميدان التحرير وفي مجلس الشعب بأنهم بلطجية رغم أنني شخصياً أعرف أعداداً كبيرة منهم من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات وإذا افترضنا جدلا أن كل هؤلاء بلطجية وجاء بلطجية عليهم كي يضربوهم فأين الأمن؟ وأين المطافئ. والأجهزة المختصة؟ فهذا أمر غير مقبول. وعلي أي حال فإن المجلس العسكري والدكتور الجنزوري إذا كانوا جادين يتم حصر الحالات وعلاجها وهل المصابين والقتلي هؤلاء بلطجية. ويكفي أن 12 عضواً بالمجلس الاستشاري قدموا استقالاتهم رغم كون هذا المجلس مناط به تقديم استشارات للمجلس العسكري وهو ما يعني أن الأجهزة غير قادرة علي التوصل إلي حل وأن استئثار المجلس العسكري بالسلطة طوال الشهور الماضية أثبت أنه لا يعفي من المسئولية. دور الأزهر * سقط ولأول مرة منذ قيام الثورة المصرية أحد علماء الأزهر وأحد فقهاء دار الافتاء هو الشيخ محمد عماد عفت - رحمه الله - ما رمزية ذلك من وجهة نظركم؟ ** رحم الله الشيخ عماد ونحسبه عند الله من الشهداء. وعلماء الأزهر كانوا موجودون في الميدان منذ البداية ولم يهربوا ولا يمكن أن نقول عليهم بلطجية وهم من توسطوا بين الثوار والداخلية في أحداث محمد محمود ووصلوا إلي حل وهذا مما يدحض القول بأن واحداً قتل وغيره قتل ايضا وأن هناك تدخلات من الأمن لا مبرر لها وهناك استخدام لنفس الوسائل التي كان يستخدمها المخلوع وهذه وسائل خاطئة للغاية. * لكن البعض يصف هذا التصعيد في المواجهات الميدانية في هذا التوقيت علي أنه رد من القوي الليبرالية والعلمانية علي تصاعد تصدر الإسلاميين للمشهد السياسي؟ ** القوي الليبرالية والعلمانية أظنها لا تسلك هذا المسلك خاصة وأن لديها مجالها للمواجهة وهو الإعلام الذي تسيطر عليه بقوة وتواجه منه والذي يستخدمه البعض منهم لكي يلقي بظلال الشك علي النتائج التي أتت بالإسلاميين ويبرز تخوفاته وتكهناته من الصعود الإسلامي. فلا أظن أن القوي الليبرالية تجند بلطجية وضباطاً وتأتي بآخرين وتضعهم علي الأسطح وتلبسهم "مدني" وتلبسهم "عسكري" ليقوموا بهذه العمليات القذرة التي تنم عن تخطيط مسبق بالتأكيد. صعود الإسلاميين * في ظل الصعود الإسلامي وكل ما نعيشه حولنا من تداخلات.. هلي تري أن المشهد ممكن أن يكتمل ويتولي الإسلاميون السلطة؟ ** ما إن اكتملت مراحل الانتخابات والمهزوم يقول للمنتصر مبروك وينتظر علَّ دوره يأتي في المرحلة القادمة. ولعل الليبراليين والعلمانيين يأخذون درساً من هذه الانتخابات ويتقربون إلي الشعب كما فعل الإسلاميون من خلال مساعدة المحتاجين ومعالجة المرضي وإقامة المستشفيات ورعاية كل فئات المجتمع المصري وإن نجحوا في هذا ربما يكونون الأقرب إلي الشعب.. وعلي كل أنا أري أن الصورة ممكن أن تكتمل رغم كل هذه المعوقات ثم تأتي عقبة أخري تتعلق بكم السلطات التي ستعطي للبرلمان القادم؟ وهل سيعطي سلطاته كاملة أم أن المجلس العسكري سيطمع في بعض السلطات؟ وهل سيخضع المجلس العسكري كجزء من الدولة إلي رقابة البرلمان أم كما قرأت أنه يكفي الجهاز المركزي للمحاسبات وكأنه هو الآخر جهاز عسكري؟! والجيش يجب أن يتعلم من أن وزير الدفاع في أمريكا وغيرها من الدول الديمقراطية في معظم الأحيان يكون مدنياً وأن الميزانيات كلها تخضع للكونجرس وتناقش فيه وأن الذي يملك قرار التعامل بالقوي النووية وإعلان الحرب هو رئيس مدني غالباً كأوباما وساركوزي وميركل وكاميروني فيجب أن يتعلم من كل هؤلاء ولا يجب ان يستعلي الجيش. فلولا الثورة ما كان الجيش ولولا الجيش ما كانت الثورة. * بعد حدوث هذه الأزمة وعدم القدرة علي استيعابها في ظل وجود المجلس الاستشاري. فهل يبطل عمله ونحتاج لطرح فكرة المجلس الرئاسي المشترك مرة أخري؟ ** عمل المجلس الاستشاري لم يبطل ودوره إسداء النصيحة وبالتالي يجب أن يكون لهذه النصائح صدي وإذا وجد المجلس أنه لا توجد فائدة لنصائحه تلك. والمجلس الاستشاري يبقي استشاريا ولا يرقي لإتخاذ القرار إنما ما كنت أبادر إليه هو تشكيل مجلس مشترك ما بين العسكريين والمدنيين متكافئ في العدد وقادر علي اتخاذ القرارات ويشتمل مدنيين من الثوار الحقيقيين من ميدان التحرير ليتفرغ هؤلاء من بين 19 شخصاً من بين المخلصين جداً من الثوار للاشتراك في صناعة القرار وهذا يفرغ ميدان التحرير مما فيه وينتظر الشعب تنفيذ متطلبات الثورة. كل الوطنيين * مع الصعود الإخواني الكبير. هل لدي الإخوان الكوادر القادرة علي تحمل المسئولية؟ ** نعم لديهم الكوادر لكن ذلك لا يغني عن الاستعانة والتآلف مع آخرين للاستفادة من كافة الخبرات والقدرات إذ قد يكون عند الليبراليين أو النصاري من هم أكثر كفاءة ممن هم في الإخوان المسلمين والحكومة الناجحة هي التي تستطيع أن تستفيد من كافة القدرات المتاحة في الوطن وليس فقط الحزب. * المناوئون للفكرة الإسلامية سواء ليبراليين أو علمانيين أو يساريين أو قوميين لديهم تخوفات عديدة من تصدر الإسلاميين للمشهد السياسي.. بماذا ترد علي هذه التخوفات؟ ** هذه التخوفات لا مبرر لها. لكن عادة من يهزم يسعي لإيجاد مبررات لهزيمته وعدم توفيقه ويثير الشبهات وهذا يحدث في أمريكا وبريطانيا وروسيا وكل مكان في العالم. لذا فأنا لا أنظر إليها نظرة جدية ولكن يجب علينا جميعاً أن نقوم أداء بعضنا البعض ونري أين اخفق التيار الليبرالي وأين أخفق الإخوان؟ ونتعلم من أخطائنا للمرات القادمة. * المواجهة الإسلامية - الإسلامية ولا سيما الإخوان والسلفيين. يعتبرها البعض شقاً للصف الإسلامي؟ ** هذا تنافس سياسي لا أثر له علي شق الصف إنما هناك "تباين" في وجهات النظر والآراء الفقهية وفي المدارس والمذاهب الفقهية المتنوعة. * لكن لماذا المواجهة بينهما وهما ينتميان لأرضية واحدة هي المرجعية الإسلامية خاصة وأن الانتخابات تتسبب في وقوع فتن بينهما؟ ** لماذا المواجهة. ولماذا لا يتم التوافق؟ ولماذا لا يتركون الشعب يقول كلمته. الوضع الإقليمي * الصعود الإسلامي في دول الشمال الإفريقي "المغرب وتونس وليبيا" وعلي الطريق مصر.. بماذا تفسر كل هذا من وجهة نظرك؟ ** إذا استطاع هذا الصعود الإسلامي أن يعالج مشكلات الوطن. وأن يضع أولويات واضحة داخلياً وخارجياً وحل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الطاحنة مثل البطالة وغيرها من المشكلات وكذا استنفار طاقات الأمة فسيستمر وسيواصل وسيأتي بنتائج طيبة. أما إذا رضخ للضغوط الخارجية والهيمنة الأمريكية كما حدث في العراق - علي سبيل المثال - أو لا قدر الله ما حدث في افغانستان فمصيرهم سيكون لمحاكمة تاريخية. * طرح الشيخ محمد حسان فتنة "التمكين" كبلاء قد يقع فيه الإسلاميون.. ما تعليقكم؟ ** المنصب بطبيعته فتنة والسلطة فتنة "إن الإنسان ليطغي أن رآه استغني". وأنا كتبت مقالا من أسبوعين تحت عنوان "من آداب النصر". ودائماً نتذكر أن الرسول - صلي الله عليه وسلم - دخل مكة في أعظم فتح في التاريخ بشر به القرآن من قبل "إذا جاء نصر الله والفتح.." فماذا ".. فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا" وهذه الطريقة العظيمة من التسبيح والاستغفار تنقي النفس من أهوائها وشهواتها الدنيوية فهل الإسلاميون قادرون علي هذا. وهم يجب أن يلتزموا بالأمانة وتقوي الله. * هل أنت مستبشر خيراً بالصعود الإسلامي؟ ** مستبشر خيراً كثيراً جداً جداً.. لكن يصدق ذلك العمل أو يكذبه. * وماذا تخاف؟ ** أنا خائف من التشدد والغلو وإكراه الناس ومن بعض الآراء الفقهية التي لا وضع لها الآن في حياتنا المعاصرة مثل العلاقة مع الأقباط والعلاقة مع المرأة.