لم يكن السلفيون يدركون وهم يضعون صورة الوردة بدلاً من صور مرشحاتهم في انتخابات مجلس الشعب أن ذلك الأمر سيجر عليهم كل هذه المتاعب لدرجة أن أحد القيادات السلفية قال "إن الحزب لم يكن ينتوي من الأساس ترشيح نساء علي قوائمه وأنه أضطر لهذا بسبب قانون القائمة الموحدة".. ومن الواضح أن حزب النور وضع نفسه في مأزق شديد الصعوبة بذلك العمل الذي رفضته كل شرائح المجتمع دون استثناء. "عقيدتي" حاولت الاستماع إلي آراء كل الأطراف في محاولة لاستقراء صورة المرأة في العملية الانتخابية المقبلة. خاصة واننا يفصلنا عن الانتخابات أيام قليلة. حزب النور من جانبه وعلي لسان المتحدث الرسمي باسمه يسري حماد فجر مفاجأة عندما قال إن أمر حجب صورة المرشحات علي قوائم الحزب لم يأت من قيادات الحزب ولكنها رغبة شخصية من المرشحات. وقال حماد إن الحزب لا يمنع مشاركة المرأة في العمل السياسي ولكنه يشترط الالتزام بآداب وتعاليم الإسلام والدليل علي هذا أننا نسمح للمرشحات بحضور المؤتمرات الانتخابية في الدوائر المختلفة. القانون لا يمنع من جانبه أكد المستشار مرسي الشيخ -رئيس محكمة استئناف دمياط السابق- أن اللجنة العليا للانتخابات ليست لها أي علاقة بموضوع استبدال صورة المرشحة بصورة وردة لأن مسألة نشر صورة المرشح من عدمها يعود للمرشح واللجنة لا تجبر المرشح علي عرض صورته لأنه لا توجد مادة في القانون تنص علي ذلك. الإسلام كرم المرأة يري الشيخ محمود امبابي -وكيل الأزهر السابق- أن ما أقدم عليه حزب النور أمر يسيء للإسلام قبل ان يسيء إليهم لأن الإسلام كرم المرأة ومنحها حق دخول معترك السياسة وأفضل الشواهد علي ذلك هو موقف السيدة فاطمة الزهراء التي دخلت الميدان السياسي عقب وفاة النبي صلي الله عليه وسلم وتقول المصادر التاريخية إن علي كرم الله وجهه خرج يحمل السيدة فاطمة الزهراء علي دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة فكانوا يقولون يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل ابي بكر ما عدلنا عنه. يضيف الشيخ امبابي أن هذا الموقف يمنح الفرصة للتيارات العلمانية كي يخطلوا الأوراق ويقولون إن الفكر الإسلامي يحرم المرأة من المشاركة في الحياة السياسية ويمنع عنها العمل السياسي دون ان يفرقوا بين الإسلام كنظام وشريعة ومبادئ وبين الكثير من اتباع الإسلام الذين يمثلون في سلوكهم السياسي والاجتماعي وللأسف الشديد فقد وجد هؤلاء العلمانيون في سقطة حزب النور الفرصة للصعود علي أكتاف الإسلام فانطلقوا بدعاية مضادة يخوفون فيها الناس من الإسلام ويقولون إن الإسلاميين إذا كانوا ينظرون لوجه المرأة علي أنه عودة فماذا سيفعلون معها إذا فازوا في الانتخابات ولهذا فمن الأفضل عدم السماح للإسلاميين الوصول إلي كرسي البرلمان حتي لا يخرجون بقية بدعهم التي ستكبل شعب مصر وبكل تأكيد فإن تلك الدعاية المضادة التي سيشنها العلمانيون ستؤتي ولو جزء من ثمارها. المسلم الحقيقي يري د. صبري عبدالرءوف- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر- أن إخفاء المرأة لشخصيتها والتستر وراء صورة الزوج أو وردة هو تصرف يتسم بالتزييف والتخريف وفيه إساءة إلي تعاليم الإسلام. كما أن المسلم الحقيقي المتفقه في دينه لا ينتهج مثل هذا السلوك. فقد كانت زوجات الرسول تجلسن في المسجد أو يأتي الناس إليهن يسألونهن عن بعض القضايا. فالمرأة دائما تتكلم ولها وجودها واحترامها. فعلي المرأة ان تفصح عن شخصيتها والالتزام بقوله تعالي: "وقرن في بيوتكن". تزييف للإسلام يؤكد د. عبدالمعطي بيومي -عميد كلية أصول الدين الأسبق- أن ما يحدث هو تزييف للإسلام وعودة لعصر الحريم وطمس لهوية المرأة المسلمة وهو أمر غير جائز. فكل إنسان مسئول عن نفسه لقوله تعالي: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه". وعليه إذا رغبت امرأة في تحمل المسئولية فعليها ان تظهر بصورة محتشمة لائقة بالمسئولية فالمرأة في عصر الرسول كانت تفتي وتبايع في قوله تعالي: "ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعك علي ألا يشركن بالله شيئاًولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن" سورة الممتحنة. فالمرأة كانت تبايع الرسول ولم يبايع وردة أو زوجاً مكان زوجته. المرأة غاضبة كان لزاماً علينا ان نستمع إلي رأي المرأة في هذه القضية. حيث تقول نهاد أبوالقمصان -رئيس المركزي المصري لحقوق المرأة- إن هذا التصرف يؤدي إلي تشويه صورة الإسلام في العالم وهو ردة إلي الجاهلية الحقيقية. ويناقض قول رسول الله عن السيدة عائشة "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" ومثل هذا السلوك يتناقض بشكل قوي مع فكرة المشاركة السياسية ويضر بكل مناحي الحياة بالعدل والقانون والأقباط ويدل علي أن هذه الجماعة ليس لديها وعي سياسي حتي تقع في هذا الخطأ الجسيم والذي يعني أن المرأة عورة يجب اخفاؤها وهو تصرف يشابه الوأد في الجاهلية. مضحك ومبك تري د. سالي توما -عضو ائتلاف شباب الثورة- أن هذا السلوك مضحك ومبك يدل علي أن المجتمع المصري هو مجتمع ذكوري. فالمرأة في الأحزاب الليبرالية أو الإسلامية المستورة تعاني من التهميش ووجودها علي قوائم الأحزاب مجرد "سد خانة" ولا يمكنها الفوز لأنها لم تخرج وتتفاعل وتتعرف علي مشاكل أبناء دائرتها ولن يعطي المصريون أصواتهم لمن يعتبر صورة المرأة عورة. كما أن هذا السلوك مؤشر علي عودة المرأة لبيتها في حال وجود حكم إسلامي وهو ما يهدد 65% من الأسر المصرية التي تعولها المرأة. تحريم الديمقراطية تشير لمياء لطفي -ناشطة سياسية وحقوقية بمؤسسة المرأة الجديدة- إلي أن القيادات الإسلامية سبق وأصدرت فتوي بتحريم الديمقراطية وأن وصول النساء للبرلمان مفسدة ثم انقلبوا علي فتواهم لصالح وصولهم للسلطة واضطروا لترشيح المرأة لأنها شرط في القواعد الانتخابية. إلا أنهم يلعبون اللعبة بقواعدهم وليس تبعاً للقواعد الانتخابية والتنافسية وهو ما يعني بشكل رئيسي عدم احترام قواعد الحياة السياسية بشكل عام وغياباً وطمساً لحقوق النساء بشكل خاص. تدليس وتزييف تعترض د. منال أبوالحسن -القيادية الإخوانية ومرشحة حزب الحرية والعدالة عن شرق القاهرة- بشدة علي مسألة وضع صورة الزوج مكان زوجته لأن الأصل في الإسلام احتفاظ المرأة بهويتها وعدم إدراج اسمها تحت اسم زوجها. مؤكدة أن هذا التصرف يخالف القواعد السياسية ويضر بالصالح العام في المرحلة القادمة وسوف يؤدي إلي سوء فهم للتوجهات الإسلامية السياسية في مصر خاصة في الإعلام الدولي وسوف "يجر" معه الإخوان ويضعهم في نفس السلة. لذلك فالضرر سوف يكون عاماً ولا يقتصر علي جماعة بعينها. وقد تؤدي إلي إصدار قوانين ليست في صالح المرأة والنسيج والتنوع المصري.