* الإسلام هو دين الرحمة ونبي الإسلام هو نبي الرحمة وليست رحمته صلي الله عليه وسلم للمسلمين وحدهم وإنما هي الرحمة العامة لجميع الخلائق: "وما أرسالنك إلا رحمة للعالمين" "الأنبياء آية 107" وهذه الرحمة تجلت في وصية المسلمين بالعدل مع غير المسلمين والتحذير من ظلمهم حتي ولو كانوا كفاراً قال تعالي: "ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوي واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" "المائدة 81". * وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب". * كما أمرنا بالإحسان إليهم وبرهم فقال تعالي: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطو إليهم إن الله يحب المقسطين" "الممتحنة 8". * وإذا كانت هذه هي تعاليم الإسلام في معاملة غير المسلمين فإن أهل الكتاب لهم مكانة خاصة ومعاملة خاصة لدي المسلمين تنفيذاً لتعاليم دينهم الحنيف فالقرآن يناديهم بأحب الأسماء إليهم: "يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضاً بعضا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون" "آل عمران 63". * والقرآن يشير بهذا إلي أنهم في الأصل أهل دين سماوي بينهم وبين المسلمين رحم وقربي تتمثل في أصول الدين الواحد الذي بعث الله به أنبياءه جميعاً "شرع لكم من الدين ما وصي به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر علي المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب" "الشوري 13". * كما أكدت شريعة الإسلام الغراء أن المسلمين مطالبون بالإيمان بكتب الله قاطبة ورسل الله جميعاً ولا يتحقق إيمانهم إلا بهذا قال تعالي: "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" كما وجههم إلي مجادلة أهل الكتاب في حالة ضرورة المجادلة بالتي هي أحسن بعيداً عن المراء الذي يوغر الصدور ويجلب العداوة قال تعالي: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" "العنكبوت أية 46". * وفي حالة عدم تسليم أهل الكتاب بالحقائق فما علي المجادل المسلم من سبيل سوي الإعلان عن هذه الحقيقة وترك الجدال قال تعالي: "قل "يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضاً بعضا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون" "آل عمران 63". * وحتي يكون هناك التقارب ودوام الصلة والمحبة بين المسلم وإخوانه من أهل الكتاب أباح الإسلام لأبنائه مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم بالتزاوج من نسائهم قال تعالي: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين" "المائدة 5". * هذه هي تعاليم الإسلام في معاملة أهل الكتاب عامة أما النصاري فلهم معاملة أخص لعدة أسباب منها ما ورد بالآية الكريمة: "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلي الرسول تري أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فاثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين" "المائدة: 82 85". * وهذه الوصايا المذكورة تشمل جميع أهل الكتاب حيث كانوا غير أن المقيمين في ظل دولة الإسلام منهم لهم وضع خاص وهم الذين يسمون في اصطلاح المسلمين باسم "أهل الذمة" والذمة معناها العهد وهي كلمة توحي بأن لهم عهد الله وعهد رسوله وعهد جماعة المسلمين أن يعيشوا في ظل الإسلام آمنين مطمئنين. * وهؤلاء بالتعبير الحديث مواطنون بالدولة الإسلامية وقد أجمع المسلمون منذ العصر الأول إلي اليوم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم إلا فيما يتعلق بشئون الدين والعقيدة فإن الإسلام يتركهم وما يدينون به.