أغلقت اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية بشقيها الشعب والشوري أبوابها ولم تكن مفاجأة ان يكون علي رأس المتقدمين عدد كبير من رموز الحزب الوطني المنحل. كما دفعت الأحزاب المنبثقة عن المنحل بعدد كبير من القوائم في محاولة منها لإعادة السيطرة علي المشهد السياسي من جديد. ومع عدم صدور قانون العزل السياسي حتي الآن والذي كانت القوي السياسية تعول عليه كثيراً لإبعاد من أفسدوا الحياة السياسية حتي لا يعيدوا السيطرة علي مقومات صنع القرار في مصر من جديد خاصة البرلمان بدأت تظهر دعاوي من نوع جديد وهي عزل الفلول عن طريق الفتاوي الدينية فصدرت فتوي من الشيخ عمر سطوحي أحد علماء الأزهر جاء فيها أن التصويت لصالح الفلول حرام ومن يفعل ذلك فهذا خيانة. ولم يقف الأمر عند فتوي الشيخ عمر سطوحي فقد أفتي الشيخ عماد عفت أمين عام الفتوي بدار الإفتاء بأن التصويت لصالح فلول الحزب الوطني المنحل حرام شرعاً لأنه يعد مساهمة في الفساد وبما أن درء المفاسد واجب شرعاً قدمه الفقهاء علي جلب المصالح وبما أن فلول الوطني يرغبون في تدمير مستقبل مصر بإعادة نشر الرشاوي و المحسوبيات مرة أخري بعد ان نجحت الثورة في القضاء علي مثل هذه الأمور يكون التصويت لهم حرام شرعاً. السؤال الذي يطرح نفسه حالياً.. هل يجوز استخدام الفتاوي الدينية في مثل هذه الأمور أم لا هذا يعد اقحاما للفتاوي في أمور هي بعيدة عنها تماما؟ الشيخ يوسف البدري- الداعية الإسلامي المعروف- يرفض هذا التوجه نهائياً ويري أن استخدام الفتاوي الدينية في مثل هذه الأمور مرفوض تماماً. يضرب البدري مثالا بما حدث مع كفار مكة ويقول: عندما فتح الرسول صلي عليه وسلم مكة ماذا فعل معهم قال لأهلها "أذهبوا فأنتم طلقاء" ونحن جميعاً نعلم ماذا فعل كفار مكة في رسول الله وصحابته وكان الرسول قادراً علي إنزال أي عقاب بهم ولكنه لم يفعل لحكمة معينة والسؤال الآن هل ما فعله فلول الحزب الوطني يفوق ما فعله كفار مكة بالطبع لا ومع ذلك عفا الرسول صلي الله عليه وسلم وهو ما يجب ان نأخذه في الاعتبار عند إطلاق مثل هذه الفتاوي. أضاف: هناك أمر آخر هذه الفتوي بمثابة تشريع وهو أمر مرفوض ان نشرع بما لم ينزل الله عز وجل. الشيخ سليم بلال- الداعية الإسلام بوزارة الأوقاف- يتفق مع الشيخ يوسف البدري في عدم جواز إقحام الفتاوي الدينية في هذه القضية واصفا إياها بأنها مسألة سياسية بحتة وليست دينية وأن للمواطن ان يختار الأنفع والأصلح بغض النظر عن انتمائه وليس الحزب الوطني كله فاسد بل هناك شخصيات محترمة ولم تشارك في الإفساد وهناك شخصيات اضطرت ان تكون عضوة بالحزب الوطني دون ان تشارك في أي فاعلية من فعالياته وكل هذا يجب ان نأخذه في الحسبان ونحن نتكلم عن هذا الأمر الخطير. فتوي متعجلة قال إن فتوي عدم الزواج بأعضاء الحزب الوطني متعجلة وغير مدروسة ولا يوجد لها أي سند شرعي لأن أركان وشروط الزواج معروفة فإذا تم الزواج وفق الشريعة الإسلامية فهو صحيح تماما ولا شيء فيه. نفس الأمر يراه الشيخ عمر الديب- وكيل الأزهر السابق- الذي قال إن اقحام الدين بهذا الشكل أمر غريب جدا ومرفوض ولا يجب ان يتم بهذا الشكل أبداً. أضاف الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" وهذا معناه أن الزواج له شروط وليس من بينها ألا يكون منتمياً للحزب الوطني فهذا أمر مبالغ فيه. قال إذا كان من أعضاء الحزب الوطني من أفسدوا الحياة السياسية وهذا أمر نعمله جميعاً فإن من الأولي ان نقول من الأفضل أو من الأولي عدم الزواج منهم لا أن نقول إن الزواج منهم حرام فهذا خطأ كبير لا يجب الوقوع فيه. بالنسبة لمسألة التصويت لهم في الانتخابات فإذا علم يقيناً أن هذا الشخص قد أفسد الحياة السياسية فعلاً فلا يجب ان ننتخبه سواء كان منتمياً للحزب الوطني أو لغيره من الأحزاب الأخري. فالانتماء للحزب الوطني ليس هو الشرط ولكن العلم بالإفساد. الشيخ عبدالحميد الأطرش- رئيس لجنة الفتوي بالأزهر- أيضا يرفض هذا التوظيف ويري أن كلمة حرام لا يمكن ان نطلقها دون مستند ثابت أو دليل قاطع. والحكم الشرعي يكون لمن ثبت إفسادهم للحياة السياسية. سواء كانت منتمين إلي الوطني أم إلي غيره من الأحزاب. فساد واضح الدكتور عادل عبدالشكور- الداعية بوزارة الأوقاف- يري أن هذه الفتاوي صحيحة تماماً لأن هؤلاء أجرموا في حق مصر وحق شعبها وعزلهم سياسياً ودينياً أمر واجب ومفروض وكان يجب علي ولي الأمر ان يبادر بإصدار القرار حتي لا نقع في مثل هذا الجدل بين العلماء فهؤلاء فسادهم ثابت والكل يعلمه وإلا كيف وصلت مصر إلي ما كانت عليه ولماذا قامت الثورة أليس من أجل فساد هؤلاء وتزويرهم للانتخابات الماضية وتفصيل القوانين التي تهيئ لهم كل ما يرتكبونه من جرائم؟ أضاف إذا لم ننجح في إقرار قانون العزل سياسياً فسوف نحاصرهم دينياً ويجب ان يعرف الشعب كله أن التصويت لهم حرام لأنهم مفسدون وفاسدون ومشاركتهم في البرلمان القادم جريمة في حقنا جميعاً.