الذين ينكرون التوسل ينكرون أن النبي وسيلة بيننا وبين الله عندما نسأل سؤالاً خاطئاً.. لا مفر من أن تكون الإجابة خاطئة.. عندما نسأل:من الذي أنجبنا الأم أم الأب ؟.. لا يمكن أن نتلقي إجابة صحيحة.. فلو قلنا الأم فقط.. أو الأب فقط تكون الإجابة خاطئة.. والحال نفسه لو سألنا بأي اليدين نصفق ؟.. بأي العينين نري ؟.. بأي الفكين نأكل ؟.. بأي الشهادتين ندخل الإسلام "شهادة أن لا إله إلا الله أم شهادة أن محمداً رسول الله" ؟.. في بعض الأسئلة لا تكون الإجابة الوحيدة القاطعة إجابة صحيحة. وهناك سؤال شائع يخضع لهذه القاعدة وينتمي إلي هذه القبيلة من الأسئلة:هل التوسل حلال أم حرام ؟.. لو قلنا حلال.. خطأ.. ولو قلنا حرام.. خطأ.. لابد من الإجابتين معاً.. لكن.. كيف ؟.. كيف يلتقي الحلال والحرام معاً ؟.. أعطني قلبك وعقلك وصبرك قبل أن نخوض في التفاصيل. التوسل هو استخدام وسيلة لبلوغ غاية.. تعريف لا علاقة له بالدين حتي الآن.. فالعين وسيلة رؤية يستخدمها الحيوان والإنسان.. الكافر والمتدين.. واللسان وسيلة نطق لجميع البشر علي كافة اختلافاتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم.. ولا يجوز هنا أن نسأل ما رأي الدين في رؤية العين.. أو نطق اللسان.. أو شم الأنف.. أو سمع الأذن.. المسلم وغير المسلم يستخدمون هذه الوسائل التي نطلق عليها حواس.. بل إن الطيور والحيوانات تستخدمها أو بعضها.. ومن ثم نضيف لتعريف التوسل:أنه استخدام وسيلة لبلوغ غاية وهو ضرورة فطرية. ولا أحد يجادل في أن الإسلام هو دين الفطرة ويتماشي معها.. وبالفطرة نستخدم الحواس مثلنا مثل غيرنا.. أي لا علاقة لهذه الضرورة الفطرية بالدين.. لكن الإسلام قنن استخدام هذه الوسائل.. فتركنا نسمع بآذاننا بشرط ألا نتسمع بها علي الآخرين.. بشرط ألا نتجسس عليهم.. تركنا نري بأعيننا بشرط ألا ننظر إلي ما حرم الله.. قال سبحانه وتعالي:¢ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ¢.. إذن العين مثلاً وسيلة لا نقول أنها مباحة مطلقاً.. أو محرمة مطلقاً.. والذي يبيحها أو يحرمها هو الغاية.. فإذا كان الذي أنظر إليه مباحاً فتكون الوسيلة هنا وهي العين حلالاً.. والعكس صحيح. ويصبح تعريف التوسل هو استخدام وسيلة لبلوغ غاية.. وهو ضرورة فطرية تحل بحل غايتها وتحرم بحرمتها.. ومن ثم فتحريم التوسل مطلقاً كالأمر بتغميض العين أمر ضد الفطرة.. وتحليل التوسل مطلقاً كالأمر بفتح العينين علي كل شئ بما في ذلك المحرمات.. دون حساب للشرع. إن استخدام السكين مشروع.. كوسيلة قطع.. تنفع الناس.. لكنه غير مشروع.. كوسيلة ذبح.. تقتل وتضر الناس.. فلا يجوز إباحتها أو تحريمها علي الإطلاق.. يقول الله سبحانه وتعالي:¢ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ¢.. ما يقضيه الله يذعن له المؤمن وما يقضيه الرسول يسلم له المؤمن.. هناك أوامر إجبارية لا خيرة لنا فيها.. وهناك وسائل ترك لنا الخيار في استخدامها علي أن نحاسب علي كيفية استخدامنا لها.. فلو لم يترك لنا الخيار في استخدام الحواس لكان كل منا مسيراً غير محاسب.. لكنه ترك لكل منا الخيار رابطاً المعرفة بالاستطاعة.. إذن ليس كل متاح مباح.. إلا في حدود ما شرع الله سبحانه وتعالي.