أمام طبيب المخ والاعصاب جلست حسناء في ريعان شبابها تشكو للطبيب أحزانها من أعراض جديدة ظهرت علي ملامح وجهها وفجرت جراحها وطعنت وجدانها بآلام مبرحة. قالت للطبيب.. كأن عين حاسدة قد أصابتني في مقتل!. وتابعت كلماتها المخنوقة بدموع ساخنة: "كل يوم تزداد عيناي جحوظا فتبرزان إلي الخارج ويتسلل إليهما الاحمرار وتزدادان تورماً وتنهمر منهما الدموع. ويفحص الطبيب المريضة ويطلب منها إجراء تحاليل لمعرفة مدي نشاط الغدة الدرقية. أتابع حواراتنا وأسأل ضيفنا اليوم الدكتور محمد نبيل موصوف.. كيف رأي العلماء هذا الحالة الأخيرة في أبحاثهم؟؟ يجيبني ويقول: مع بداية جهود العلماء لاستكشاف اسرار جسم الإنسان ضمن معطيات عصر العلوم الحديثة منذ أربعمائة عام وجدوا حقيقة علمية سبقهم القرآن الكريم إليها منذ ألف عام في الآية الكريمة "إنا كل شيء خلقناه بقدر" "سورة القمر 49" فقد خلق الله جل شأنه الغدة الدرقية في أجسامنا وقدر نشاطها تقديراً فإن زاد إفرازها من الهرمونات عن الحد المقرر أصيب الإنسان يمثل هذه الحالة المرضية "أعني جحوظ العينين وما يلازمه من أعراض أخري" وإذا أهمل علاج الغدة الدرقية للحد من نشاطها الزائد وطال هذا الإهمال فإن المريض يصاب بمضاعفات خطيرة مثل اضطراب ضربات القلب وضيق التنفس وهشاشة العظام واضطراب السلوك ومع تواصل الاهمال يزداد إفراز الهرمون المحفز للغدة الدرقية الذي يفرزه الفص الأمامي للغدة النخامية وفي النهاية تتضخم الغدة الدرقية وتمتليء بمادة غروية تفتقر إلي اليود ويسمي هذا بالورم الدرقي. نقص الإفرازات * ونتابع الحوار وأتساءل وماذا يحدث للإنسان إذا نقص إفراز الغدة الدرقية عن الحدود الطبيعية التي رسمها لها الخالق العظيم؟؟ ** في هذه الحالة يشكو الإنسان من شعور بالتعب والخمول والإعياء ويتسرب إليه التبلد العقلي والشعور بالكآبة ويسيطر الإمساك علي أمعائه ويشكو من آلام عضلية وجفاف في الجلد وربما يلاحظ انتفاخه وتقشره ووخز في أصابع اليدين والقدمين وإن كان المريض رياضياً فإنه يشكو عدم قدرته علي التواصل مع اللعب لعدم احتماله لما يبذله من مجهود. أكثر من ذلك أن قلة نشاط الغدة عن المعدلات الطبيعية تصيب الإنسان بزيادة الوزن رغم أنه لا يأكل ويشكو فقدان الشهية للطعام. عيب خلقي * نسمع أحيانا أن هناك أطفالاً صغاراً يعانون من مرض يسمي الضمأة له علاقة بمتاعب في الغدة الدرقية فما هي الحكاية؟؟ ** إنه عيب خلقي فقد يولد الطفل بدون غدة درقية أو قد يتمثل العيب الخلقي في أن الطفل يعاني من نقص إفرازات الغدة التي ولد بها أو ربما يكون العيب من الأم إذ ربما كانت تعاني فترة الحمل من نقص اليود فيبدو جسم المولود قصيراً والرأس متسعاً عن الحجم الطبيعي والرقبة قصيرة ولا تنمو أنسجة جسمه بصورة طبيعية خصوصاً أنسجة المخ وإذا أهمل العلاج قد يصاب الطفل بتخلف عقلي.. وهناك حقائق علمية هامة وآيات قرآنية نزلت علي نبي أمي تجسد إعجازاً إلهياً عظيماً وصدق الله العظيم في قوله في قرآنه الكريم "إنا كل شيء خلقناه بقدر" قول يزداد حياله العلماء خشية لله جل شأنه لأنهم أول من يكتشفون هذا الإعجاز الإلهي العظيم في أجسام البشر. الغدة النخامية أمثلة أخري لخلق عظيم في أجسامنا كل شيء فيه بقدر يقدمها لنا الدكتور محمد نبيل موصوف فيقول: خلق الله جل شأنه في أجسامنا وبالتحديد في قاع المخ الغدة النخامية ويطلق عليها الأطباء الغدة السيدة أو "الريسة" لأنها تفرز عدداً من الهرمونات تقوم بإعجاز إلهي يضبط نشاطات بقية الغدد الصماء في الجسم رغم أن الغدة "الريسة" هذه لا يزيد حجمها علي حبة الحمص ولا يتعدي قطرها سنتميتراً واحداً وهي مثل الحمصة تتكون من فصين ملتحمين في عضو واحد هما الفص الأمامي والفص الخلفي وكل فص عبارة عن غدة صماء تقوم بوظائف مختلفة عن وظائف الفص الآخر.. فالفص الأمامي يفرز هرمون النمو فإن ولد طفل بعيب خلقي يتمثل في أن هذا الفص لا يفرز هذا الهرمون بالقدر المحدد من الخالق العظيم فإن جسم الطفل لا ينمو طوليا بالمعدلات الطبيعية وبعد مرحلة البلوغ التي يتوقف عندها النمو الطولي يكون طول الطفل أقصر من أقرانه. ولأن كل شيء خلق في أجسامنا بمقادير دقيقة ومقننة بحسابات بالغة الدقة فإن زاد إفراز هرمون النمو هذا يحدث ضخامة غير طبيعية في الجسم خاصة في الأطراف الأربعة.