تعد الوثيقة العالمية التي أطلقها 132 عالما منذ أكثر من 3 سنوات وتحمل عنوان "كلمة سواء" إحدي المبادرات المهمة التي تسعي للتقريب بين وجهات النظر بين المسلمين والمسيحيين وتضع أرضية مشتركة بينهم ليكونوا أخوة متحابين سواء علي الصعيد الدولي أو المحلي. وبحسب تصريحات الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الذي ترأس هذه الوثيقة فإنها وغيرها من المبادرات كل منها مكمل للآخر من أجل اشاعة روح التسامح وتأكيد مفاهيم المواطنة. نافيا أية علاقة تضاد بين تلك المبادرات واعتبر انها تتميز بالتنوع والتكامل وتتفق وطبيعة الواقع المتغير. ويؤكد المفتي ان هذه المبادرة لن تلقي مصير حوار الأديان والحوارات لأنها من المبادرات التي لاتزال مستمرة واجمعت عليها جميع الطوائف والكنائس علي مستوي العالم بما فيها الفاتيكان الذي كان متخوفا في البداية من هذه النقطة إلا انه وافق بعد ذلك.. مشيرا الي ان فكرتها تنبثق من الكتب السماوية وتركز علي النقاط المشتركة ومنها حب الله والجار والبحث عن المشترك من واقع القران والكتاب المقدس. مضيفا ان دورها محوري في حل اية مشاكل للاحتقان الطائفي ودعوتها الي قيام مشروعات مشتركة بين المسلمين والأقباط. ويطالب المفتي الاعلام بالتركيز علي تلك المبادرة حتي تساهم في مواجهة أي أعمال ارهابية ودعا الي تنظيم برامج تليفزيونية للشباب من الجانبين المسلم والمسيحي ترسخ مفاهيم التسامح والوحدة وتعمق روح التعاون والتعايش بين أبناء مصر مسلمين ومسيحيين والتصدي لمحاولات اشاعة الفتنة الطائفية مع مراعاة ثقافة المجتمع وهويته وطبيعته. وتهدف هذه المبادرة الي تحديد أرضية مشتركة يبني عليها الحوار والتعامل الاسلامي المسيحي وترسيخ قيم الحوار والتفاهم والتسامح والاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين وتحقيق السلام العالمي والتعايش بوئام بين سائر البشر والاحترام المتبادل للرموز المقدسة للأديان. وترجع فكرة المبادرة الي عام 2006 وبالتحديد بعد شهر من المحاضرة التي ألقاها البابا بندكتوس السادس عشر في ريجينسبيرج في الثالث عشر من سبتمبر 2006 صدرت كلمة الرد علي البابا من ثمانية وثلاثين من علماء المسلمين من أرجاء العالم يمثلون جميع المذاهب والمدارس الفكرية بروح من التبادل الثقافي المفتوح والتفاهم المتبادل وفي هذا الرد الذي حمل عنوان "رسالة مفتوحة الي البابا" تحدث العلماء المسلمون من جميع فئات المسلمين ولأول مرة في التاريخ الحديث بصوت واحد حول التعاليم الحقيقية للاسلام. وتلاقي ثمانية وثلاثون ومائة عالم من العلماء ورجال الدين والمفكرين المسلمين بالاجماع لأول مرة منذ عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ليعلنوا علي الملأ القاسم المشترك بين المسيحية والاسلام والموقعون علي هذه الوثيقة ينتمون الي جميع المذاهب والمدارس الفكرية الاسلامية مثل الموقعين علي "الرسالة المفتوحة" كما مثلت جميع البلدان أو المناطق الرئيسية الاسلامية في العالم في هذه الوثيقة الموجهة الي قيادات الكنائس في العالم بل الي جميع المسيحيين في كل مكان. والصيغة النهائية للوثيقة قدمت في المؤتمر الذي عقدته في شهر سبتمبر 2007 الأكاديمية الملكية التابعة لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي بعنوان "الحب في القرآن الكريم" برعاية صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وفي الواقع فإن القاسم المشترك بين الدين الاسلامي والدين المسيحي الذي يعتبر القاعدة الأفضل للحوار والتفاهم هي حب الله وحب الجار. ولم يسبق من قبل ان المسلمين خرجوا بمثل هذا البيان التوافقي التفصيلي المحدد حول الدين المسيحي وعوضا عن الانخراط في الجدل والمناظرة تبني الموقعون علي الوثيقة الموقف الاسلامي التقليدي الذي تتبناه غالبية المسلمين والقائم علي احترام كتب الله قبل القرآن الكريم ودعوة المسيحيين الي المزيد من الاخلاص لها والتمسك بها لا التقليل من ذلك الاخلاص. وتوفر هذه الوثيقة دستورا مشتركا للعديد من المنظمات البارزة والأفراد الأكفاء العاملين في مجال الحوار بين الأديان في جميع أنحاء العالم. فغالبا ما تكون هذه الجماعات منقطعة عن بعضها بعضا لا تدري واحدتها بما تقوم به الأخري مما يؤدي الي تكرار الجهد. وما توفره أيضا وثيقة "كلمة سواء بيننا وبينكم" لا يقف عند حد إعطاء هذه الجماعات نقطة انطلاق للتعاون والتنسيق علي المستوي العالمي بل يتعدي ذلك إلي أن يقام التعاون والتنسيق علي أصلب أرضية دينية عقائدية ممكنة. القرآن الكريم وحديث النبي صلي الله عليه وسلم والوصايا التي وصفها السيد المسيح عليه السلام في الانجيل يشترك فيه الدين المسيحي والدين الاسلامي بالرغم مما بينهما من فروقات ليس فقط أصولهما بالتنزيل الإلهي وموروثهما الابراهيمي بل يشتركون في أعظم وصيتين أيضا. وقع علي الرسالة 138 شخصية من كبار الشخصيات الاسلامية من مختلف المذاهب من بينهم أكاديميون ومفكرون وعلماء دين ووزراء. من أبرزهم الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. الشيخ الحبيب علي زين العابدين الجفري المدير العام ومؤسس مؤسسة طابا. الاستاذ ابراهيم احمد شبوح المدير العام لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي. والدكتور احمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية العربية السورية. والشيخ احمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة عمان والدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد كبير المفتين في دائرة الشئون الاسلامية والعمل الخيري في دبي والسفير الدكتور أكبر أحمد استاذ كرسي ابن خلدون للدراسات الاسلامية. الجامعة الأمريكية. والدكتور تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين ورئيس المركز الفلسطيني لحوار الأديان والحضارات والدكتور جان لوي ميشون باحث اسلامي سويسرا. والدكتور جوزيف لمبارد استاذ مساعد بجامعة برانديس والدكتور حسن حنفي مفكر اسلامي والشيخ راوي عين الدين المفتي العام لجمهورية روسيا والدكتور زغلول النجار رئيس لجنة الحقائق العلمية في القرآن الكريم بالمجلس الأعلي للشئون الاسلامية وفيهين داتؤ حاج سهيلي بن حاج محيي الدين نائب المفتي العام لسلطنة بروناي. الدكتور عباس الجراري مستشار صاحب الجلالة ملك المغرب والدكتور علي أوزاك رئيس وقف دراسات العلوم الاسلامية تركيا. وقامت بالعديد من الانجازات وفعاليات أهمها توجيه 138 عالما وداعية رسالة مفتوحة "كلمة سواء بيننا وبينكم" التي انطلقت من مدينة أبوظبي إلي قادة الكنائس المسيحية في العالم والمسيحيين كافة تدعوهم الي التلاقي علي أرضية مشتركة أساسها حب الله الواحد وحب الجار. وأحدثت المبادرة صدي عالميا واسعا واهتماما اعلاميا كبيرا وردودا مسيحية متوالية من كنائس ومنظمات وشخصيات دينية مسيحية كان أولها ترحيب كبير أساقفة كنتربري د. روان وليامز بالاضافة الي بعض السياسيين منهم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون وسابقه توني بلير. كما قام الوفد المسلم في ملتقي "من أجل عالم بلا عنف" في نابولي "21-23/10/2007" بإصدار بيان يؤكد ردا علي تصريح الكاردينال توران السلبي الأولي علي المبادرة المغزي الحقيقي لمبدأ الحوار وقامت جامعة بيل بتاريخ 18/11/2007 بنشر بيان في نيويورك تايمز وقع عليه 300 شخصية مسيحية بروتستانتية في الغالب يثني علي المبادرة ويقدم اعتذارا تاريخيا غير مسبوق عن آثام ارتكبها المسيحيون بحق المسلمين في الماضي "الحروب الصليبية" وفي الحاضر "الحرب علي الارهاب" في اعقاب ذلك عقد مؤتمر صحفي أبوظبي جمع البروفيسور ميروسلاف فولف والحبيب علي الجفري والدكتور عارف نايض للاعلان والتعريف بشأن المبادرة ورد جامعة ييل الكبير. وفي 19/11/2007 جاء رد الفاتيكان يثني فيه البابا علي المبادرة ويدعو الي لقاء مجموعة من العلماء. وفي مارس 2008 قام وفد يمثل علماء كلمة سواء بزيارة الفاتيكان للتحضير لاجتماع العلماء. وصدر عن الاجتماع التحضيري في 5/3/2008 بيان صحفي يعلن عن الاتفاق علي تأسيس المنتدي الكاثوليكي الإسلامي وتنظيم الندوة الأولي له في روما "4-6/11/2008" بحضور بابا الفاتيكان وعقدت جامعة ييل في عام 2008 مؤتمر ييل حول كلمة سواء "حب الله والجار بالقول والفعل" كانت أيامه الأربعة الأولي مكرسة لورش عمل حوارية وحظي بتغطية إعلامية جيدة في أمريكا وأوروبا. كما أصدر كبير أساقفة كنتربري ردا لاهوتيا بعنوان "كلمة سواء من أجل الخير المشترك" وعقد في عام 2008 مؤتمر كلمة سواء والتعامل الاسلامي المسيحي المستقبلي في كمبردج ولندن دعا اليه كبير أساقفة كنتربري الدكتور روان ويليامز وتركز علي حب الله وحب الجار. كما عقدت الندوة الأولي للمنتدي الكاثوليكي الاسلامي في روما تركزت علي حب الله وحب الجار وكتب أكثر من 600 مقالة تناولتها آلاف المواقع والاصدارات الصحفية حول كلمة سواء باللغة الانجليزية وحدها وأيضا كانت كلمة سواء موضوع عدة أطروحات ماجستير ودكتوراه في جامعات غربية في بلدان مختلفة "منها جامعة هارفارد والمعهد اللاهوتي لجامعة توبنجن في ألمانيا ومركز الدراسات الاسلامية في بريطانيا". كما انها صارت تدرس في كلية اللاهوت بجامعة ييل. وكانت كلمة سواء الحافز الأساسي وراء قرار وامب أليسون في مجلس النواب الأمريكي الذي صدر عام 2008 حيث جري في هذا القرار التنويه والإشادة بالمبادرة. ومنحتها جائزة أويجن بيزر الرفيعة المستوي عالميا مؤسسة أويجن بيزر لمبادرة كلمة سواء من خلال شخص الأمير غازي بن محمد بن طلال والحبيب علي زين العابدين الجفري ومفتي البوسنة د. مصطفي تسيرتش عرفانا بدورها في تأكيد السلام والتعايش بين الأديان. وعقدت مؤسسة طابا اجتماعين في بداية عامي 1429/2008 و1430/2009 لوضع خطة عمل للمضي قدما بالمبادرة بحضور الأمير غازي بن محمد وفضيلة كبار العلماء أعضاء اللجنة الاستشارية العليا للمؤسسة. كما عقد في عام 2009 مؤتمر يركز علي تداعياتها السياسية في جامعة جورجتاون في واشنطن. وفي اكتوبر 2009 عقد مؤتمر في موقع تعميد السيد المسيح عليه السلام في الأردن تستضيف فيه كل ذي علاقة بالمبادرة من أجل خاتمة تاريخية برعاية مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الاسلامي. كما اشترك في الفترة من 1-4 نوفمبر 2010 المجلس العالمي للكنائس و60 من العلماء والنشطاء المسلمين والمسيحيين من الجنسين ممثلين لمختلف التيارات الفكرية في مناقشات من أجل تعزيز الالتزام المشترك وعرض المبادرات وبناء جسور التفاهم بين الديانتين. وقام الأمير محمد بن غازي في 20 اكتوبر 2010 بتسلم الخطة المقترحة ل "اسبوع التفاهم بين ديانات العالم" للأمم المتحدة وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الموافق 20 اكتوبر بالإجماع علي الاقتراح المقدم من الأردن لإعلان الأسبوع الأول من شهر فبراير اسبوعا عالميا للتفاهم بين ديانات العالم.