إنه الصحابي الجليل القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنه الذي قدم إلي مصر مع الفاتح العظيم عمرو بن العاص رضي الله عنه وأبلي بلاء حسناً في الفتح الإسلامي لمصر حتي استقر به المقام في مدينة المنزلة التابعة لمحافظة الدقهلية وقبره معروف بها. ومدينة المنزلة كانت تعرف قديماً ب "تنيس" وهي كلمة تعني باللغة الهيروغليفية "الحرير" لأنها كانت مشهورة بصناعة الحرير وقد انتشرت شهرة حريرها في العالم كله وكان يصنع منه كسوة الكعبة المشرفة وعباءات الخلفاء في دولة الخلفاء الراشدين. وسبب تسمية هذه المدينة بالمنزلة يرجع إلي كتاب عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي رد فيه علي رسالة القعقاع بن عمرو رضي الله عنه الذي أخبره فيها أنه نزل هذه المنطقة بعد أن فتح أحد حصون الرومان فقال له عمرو رضي الله عنه : بارك الله لك في منزلتك ياقعقاع. فسميت بالمنزلة "بكسر الزاي" وهي كلمة تعني الموضع الذي ينزل فيه الإنسان. ثم حرفت بعد ذلك إلي المنزلة "بفتح الزاي". وقد كان للقعقاع رضي الله عنه من اسمه نصيب فاسمه القعقاع والقعقعة تعني صوت السلاح أو صوت كل شيء مزلزل في ميدان المعركة يحدث خوفاً وهلعاً في نفوس الأعداء. وكان شعاره في المعركة: الله أكبر وهو شعار كل مجاهد في الإسلام يتذكر به المجاهد أن الله أكبر من كل شيء فيصغر في عينه الأعداء وينسي الدنيا وما فيها ومن فيها ويضحي بكل غال ونفيس في سبيل الغاية التي يريدها وهي إما النصر وإما الشهادة. وكان يردد مع هذا الشعار من شعره. ولقد شهدت البرق برق تهامة... يهدي المناقب راكباً لعيار في جند سيف الله سيف محمد... والسابقين لسنة الأحرار ولذلك قال فيه أبو بكر الصديق رضي الله عنه : "لا يهزم جيش فيه القعقاع بن عمرو". وقال عنه أيضاً: صوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل شهد القعقاع رضي الله عنه فتح دمشق وأكثر المعارك التي دارت بين المسلمين والفُرس. وشهد معركة اليرموك في أرض الشام وهي المعركة التي استطاع فيها الجيش الإسلامي أن يطهر الشام من احتلال الروم. وحينما حاصر خالد بن الوليد رضي الله عنه "الحيرة" طلب من الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه المدد فأمده برجل واحد فقط هو القعقاع بن عمرو رضي الله عنه. وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أي فارس أيام القادسية كان أفرس؟ وأي رجل كان رجل؟ وأي راكب كان أثبت؟ فكتب إليه: لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو. حمل في يوم ثلاثين حملة ويقتل في كل حملة "كمياً" أي شجاعاً مقداماً وفي القعقاع بن عمرو رضي الله عنه وفي أمثاله من الرجال المخلصين الذين تنهض بهم الأمم.