أجمل بنت فى مصر تراهم في الشوارع يبحثون عن لقطة تضيء وجوههم اللاهثة بابتسامة، لا ينتمون لصحيفة أو موقع إلكتروني، في الوقت الذي يتعاملون فيه باحترافية مع الصورة.. إنهم المصوراتية الذين قرروا مصادرة الجمال داخل أطرهم، ونشرها علي حساباتهم الشخصية في "فيس بوك". غير مهمومين بالربح ومشغولون دوما بالحفاظ علي فن دخله كل من هب ودب بعد ظهور الموبايل ووجوده بين أيدي الجميع. »آخر ساعة« التقت بثلاثة من هؤلاء الفنانين وجلست إليهم تستمع إلي تجربتهم ورؤيتهم حول ما يقومون به من عمل يستحق التقدير والمشاهدة. دائما ما كنت أري أن أروع ما يمكن أن يقدمه الشاعر من خلال قصائده هو البحث عن الحرية المطلقة بخيال لا محدود، ودائما ما كنت أري أن أروع ما يمكن أن تقدمه القصيدة هو الصورة الشعرية التي لا تستطيع قصيدة أخري أن تقدمها. ولما أمسكت الكاميرا صرت أحول القصائد صورا أو فلنقل إنني صرت أكتب الصور قصائد.. هكذا أدعي، ولأن أجمل القصائد ما تكتب في النساء – كما أري أيضا – فإن أجمل الصور هي للنساء كذلك، وعليه فقد صارت أغلب صوري وجوها نسائية لا يحددها عمر أو ثقافة أو درجة جمالية أو لون . ولأن القاهرة هي عمري لا مدينتي وحسب، ولأنني عاشق للتاريخ والآثار ودارس قديم لهما فقد جاءت صوري القريبة لروحي مستوحاة من ذلك الماضي الذي يمتد حتي خمسة آلاف عام متمثلة في أهرام الجيزة ويقترب من قرن من الزمان أو أقل متمثلة في عمارة وسط المدينة. لقد حقق لي التصوير حلما دفينا كاد يتلاشي وسط اليومي والاستهلاكي، حلما بتجسيد عالم ينتمي في ظاهره لواقع حياتي تراه كل العيون، لكنه مختبئ بين ثنايا ما يسميه أصدقائي (روح الصورة)، فهذا رأي الكثيرين أنني أظهر روحا مختبئة بين الملامح ... روحا ربما تناقض أحيانا ما يظهر به صاحب الصورة سواء كان بشرا أم حجرا أم طريقا وهو الأمر الذي يسعدني كما يلقي علي كتفيّ المزيد من العبء الذي يتمثل في المطالبة بضرورة التطوير المستمر والبحث الدائب عن التميز. إلا أن الأمر ليس حلوا كله، فكما يسعد المصور منا بالتصوير ويفرح كطفل بالتقاط صورة مميزة، يبدو وكأنه مطالب أيضا بالإجابة المستمرة علي تساؤل يتكرر في الشارع المصري "إنت بتصور إيه؟" هذه الإجابة ربما تتطور إلي (خناقة) وربما تختصر في تجاهل ومغادرة للمكان وحسب. لقد كانت الثورة المصرية مفصلا تاريخيا مهما في كل شيء تقريبا إلا أن أثرها في التصوير الفوتوغرافي كان غير محدود، فإلي جانب أن الجميع صاروا مصورين مع انتشار الهواتف ذات الكاميرات، وهو أمر محمود علي كل حال، فإن الكثيرين صاروا يتحسسون من فكرة التصوير، خاصة إذا كانت الكاميرا من النوع الاحترافي لكن إصرار المصور منا علي القيام بدوره كمؤرخ بالكاميرا يجعله يغامر باستمرار لالتقاط صورة يري أنه يجب أن يلتقطها وربما لأنه يري أن غيره لن يستطيع التقاطها.