بعد مرور أكثر من عامين علي ثورة يناير 2011 انتشرت عصابات تجارة الخردة وبدأوا يتفنون في سرقة ممتلكات الدولة في ظل غياب شرطة المرافق وهيئة المجتمعات العمرانية وشرطة المسطحات المائية حيث وصل الأمر بهذه العصابات إلي تفكيك وسرقة أجزاء حديدية من كوبري قصر النيل والهيكل العلوي لكوبري الأزهر للمشاة وكوبري أبو العلا علي الرغم من أن حكومة النظام البائد كانت تنتوي تجميعه ووضعه بمتحف أو أمام مركز التجارة العالمي موازيا للنيل في شكل ديكوري باعتباره يمثل ذكري تاريخية لمصر.. »آخر ساعة« جابت شوارع المحروسة ورصدت عدستها سرقات الممتلكات العامة للدولة في غفلة أجهزتها الرقابية عن عصابات الخردة بالمحروسة. كانت بداية الجولة من أعلي كوبري قصر النيل ورصدت العدسة تفكيك فواصله وميل أسوار وشروخ الهيكل الخرساني للكوبري فمن المعروف أن كوبري قصر النيل الذي يقع قرب ميدان التحرير بالقاهرة وهو أول كوبري إنشئ في مصر للعبور علي النيل، ويتميز بتلك التماثيل الأربعة للأسود القابعة عند مدخلي الكوبري المصنوعة من البرونز في عام 1869 في عهد الخديو إسماعيل حيث أصدر أمراً عالياً إلي نظارة الأشغال عام 1865 أثناء بناء سراي الجزيرة بإقامة كوبري يصل بين القاهرة والجزيرة بتكلفة 113 ألفاً و850 جنيهاً مصرياً، وقامت شركة فرنسية ببنائه، ليكتمل في منتصف عام1871 بطول (406 أمتار) وعرض (10.5 متر) منها (2.5متر) للرصيفين الجانبيين وطريق بعرض (8 أمتار)، وبلغت تكاليف إنشائه 110 آلاف جنيه. وتقرر فرض رسوم عبور حسب نوع المار بالجسر فالرجال والنساء ربع قرش والأطفال والغزلان معفون من الرسوم والعربات الملأي بالبضائع قرشان والفارغة قرش، سمي الجسر بكوبري قصر النيل نظراً لأنه كان يوجد قصر كبير علي النيل من جهة ميدان التحرير يسمي قصر النيل أنشأه محمد علي لابنته زينب، ولما تولي سعيد باشا الحكم قام بهدم القصر وتحويله لثكنات للجيش، وقد احتلها الإنجليز بعد احتلالهم لمصر، وبعد جلائهم تم هدم الثكنات وبناء جامعة الدول العربية وفندق هيلتون وبعد 59 سنة من إنشاء الكوبري تم عمل كوبري جديد مكان الكوبري القديم يفي بحاجة النقل المتزايدة والحمولات الحديثة ويتلاءم مع ما وصلت إليه القاهرة من عمران في عهد الملك فؤاد الأول، حيث قام بوضع حجر أساس الكوبري الجديد في 4 فبراير عام 1932 إحياء لذكري والده فقد اطلق عليه اسم (كوبري الخديو إسماعيل) ويبلغ طوله (382 متراً) - وعرضه (20 متراً) بتكلفة بلغت 291.955 جنيهاً، وقام الملك فؤاد الأول بافتتاحه في مارس عام1933. سرقة مشاة الأزهر أما كباري عبور المشاة فمن المعروف أن تصميمها كان بغرض خفض معدلات الحوادث علي الطرق السريعة بالإضافة إلي حل مشكلة التكدس المروري بالشوارع الحيوية خاصة في شوارع وسط القاهرة مثل مشاة الأزهر الذي اختفي في حريق نشب العام الماضي نتيجة ماس كهربائي في أحد المولدات الكهربائية، وعن ذلك يقول محمد متولي أحد أصحاب المحلات التجارية بمنطقة الأزهر : بعد حريق الكوبري أصبح الشارع يعاني من شلل مروري وتركت المحافظة الأجزاء العلوية للكوبري دون التفكير في إعادة إصلاحها فقامت مجموعة من الرجال بتفكيك الجزء العلوي من مشاة الأزهر ليلا وحملة داخل عربات نقل ولم تعرف عنه المحافظة أي شيء حتي الآن علي الرغم من نفي مسئوليها سرقته فالجميع يعلم أنه تم سرقته وبيعه في سوق الخردة. ويلتقط منه طرف الحديث الحاج عبد المولي بائع في أحد محلات الاقمشة بالأزهر قائلا، بعد الثورة انتشرت السرقات بجميع محافظات مصر والحرامية سرقوا بيوت ومحلات التجار يبقي فاضل إيه غير الكباري والمنشآت العامة في الدولة وبعدين اين ذهبت شرطة المرافق والهيئات العمرانية؟. ويعلق علي ذلك المهندس عادل البرلسي مدير عام الطرق والكباري بمحافظة القاهرة قائلا: لقد سبق وطلب الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية تقريراً حول سرقة المعدات والمحركات والتروس الأثرية التي تم سرقتها من كوبري قصر النيل الذي يعد أقدم الكباري الأثرية بالإضافة إلي أن الهيئة قامت بإيقاف فتح وإغلاق الكوبري لأن المحركات والتروس وعمود الجزرة سرقت بالكامل ونقوم الآن بتنظيم دوريات من خلال شرطة المسطحات المائية لحماية ما تبقي من معدات أعلي الكوبري، أما عن كوبري مشاة الأزهر فلم يتم سرقته وسبق وتم نفي هذه الشائعة بل قامت الهيئة بتفكيك الجزء العلوي لإصلاحه. وفضل فريق عمل آخر ساعة إنهاء جولته بحثاً عن كوبري أبو العلا الذي حل محلة الآن كوبري إمبابة الحديدي، الذي يربط بين القاهرة والجيزة وتحديدا يربط بين حي بولاق أبو العلا وروض الفرج بحي إمبابة بالجيزة ومزود بحارتين لعبور السيارات علي حواف الكوبري وممرين سطحيين لعبور المشاة ويرجع تاريخه منذ أواخر الخمسينيات واتجاهات القطارات عليه من القاهرة إلي قنا والأقصر وأسوان والعكس، وعندما صعد فريق عمل آخر ساعة أعلي الكوبري لم يستطع التقاط الصور حيث فوجئ بهجوم مجموعة من الشباب والفتيات يجلسون ورائحة دخان السجائر والحشيش يتصاعد من حولهم في شكل أشبه بالغرز الليلية ووجوههم تستشيط غضباً عندما صعد فريق العمل إلي كوبري المشاة وسرنا علي نحو من السرعة في اتجاه سيارة العمل خوفا من أن يقوموا بالهجوم علينا، ولم يكن أمامنا اختيار فذهبنا إلي تصوير الكوبري من الخارج وبقدر الإمكان من الداخل وفي طريقنا إلي الكوبري قاطعنا أحد المارة الذي رفض ذكر اسمه قائلا، أنه أحد قاطني منطقة امبابة ولا يستطيع أحد من سكان المنطقة بحي بولاق أو روض الفرج الصعود إلي كوبري مشاة إمبابة لأن به البلطجية والحشاشين يجلسون في غرز ليلية وأشبه ببيوت الدعارة ويسيطرون علي الكوبري ويغلقون جوانبه، فضلا عن المهملات والحجارة المنتشرة علي أسفل الكوبري . إشلاء كوبري أبو العلا وعندما سألناه عن كوبري أبو العلا تعجب قائلا: لاتقولي كوبري بل قولي بقايا خردة أبو العلا هتلقوه أسفل كوبري الساحل بروض الفرج بعدما قام مجموعة من تجار الخردة بسرقة هيكله وذهب فريق العمل إلي مكان الكوبري الملقي علي كورنيش النيل في منظر يوحي بالحزن علي ثروات مصر التي تضيع هباءَ بسبب إهمال الأنظمة والحكومات المتعاقبة، فمن المعروف أن كوبري أبو العلا هو كوبري من الحديد الصلب كان يقطع نهر النيل ويربط بين حي الزمالك الراقي وحي بولاق أبو العلا الشعبي تم البدء في بنائه عام 1908 وتم افتتاحه عام 1912 في عهد الخديو عباس حلمي، قام بإنشاء هذا الكوبري شركة إنشاءات فرنسية اسمها (فيف ليل) وقد أغلقت هذه الشركة في الخمسينيات وقام بتنفيذ الجزء المتحرك من الكوبري شركة أمريكية هي شركة (شيرزر) وعند افتتاحه كان هذا الكوبري يفتح من نصفه حتي تستطيع السفن التجارية ذات الصاري العالي أن تمر منه وقامت شركة (المقاولون العرب) بتفكيكه عام 1998 وذلك لبناء كوبري الزمالك الجديد وكانت تكلفة فكه أربعة ملايين جنيه مصري، وقبل قيام ثورة 25 يناير كانت تنوي الحكومة تجميعه ثانية أمام مركز التجارة العالمي بشكل مواز للنيل كديكور وبعد الثورة أهمل الكوبري وسرقت بقية أجزائه وهو الآن يرقد بحثا عمن ينقذ تاريخه.