ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 20٪ الشهر الماضي.. والشباب يلجأون للإيجار الجديد "ارتفاع تكاليف الزواج" أصبح مشكلة تؤرق عددا كبيرا من الشباب فالارتفاع الجنوني للأسعار في جميع السلع أنعكس علي ارتفاع أسعار احتياجات الزواج بداية من أسعار الموبيليا والعقارات والذهب وتكاليف ليلة الزفاف وهو ما أدي إلي ارتفاع معدلات العنوسة بين الفتيات والشباب. وبحسب آخر الإحصائيات فإنه يوجد في مصر 10.5 مليون فتاة فوق سن ال35 ومعدل العنوسة في مصر يمثل 17٪ من الفتيات اللاتي في عمر الزواج، ولكن هذه النسبة في تزايد مستمر وتختلف من محافظة لأخري، فالمحافظات الحدودية النسبة فيها 30٪ لأن هذه المحافظات تحكمها عادات وتقاليد أما مجتمع الحضر فالنسبة فيه 38٪ والوجه البحري 27.8٪ كما أن نسبة العنوسة في الوجه القبلي هي الأقل حيث تصل إلي 25٪ ولكن المعدل يتزايد ويرتفع في الحضر. ومن أهم أسباب انتشار العنوسة في مصر ارتفاع معدلات البطالة وغلاء المهور والإسكان علي وجه الخصوص وارتفاع أسعار تكاليف الزواج الأخري الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة وكذلك ارتفاع معدل التعليم بالنسبة للإناث وأيضا تباين الكثافة السكانية من حيث الجنس حيث إن عدد الإناث يفوق عدد الرجال. أما عن أهم المشكلات التي تواجه الشاب في عملية الزواج وقد تدفعة إلي تأجيل الزواج ارتفاع السعر العالمي للذهب الذي استخدمه المصريون في زينتهم اليومية وكانوا يدفنون الفراعنة مزينين به وحتي وقت قريب تعتبره كثير من النساء وسيلة للزينة تدل علي الترف والرفاهية بينما ينظر إليه آخرون باعتباره مخزنا للقيمة ووسيلة آمنة للإنسان من نوائب الدهر. ومع الارتفاع الكبير في سعر الذهب يعتبر جيل الشباب المقبلين علي الزواج الأكثر تضررا بعد أن أصبح شراء الشبكة أو الهدية الذهبية التي تقدم للعروس -وهو طقس لا غني عنه في زيجات مصر والعالم العربي- عبئا علي الشباب راغبي الزواج. يقول باسم خطاب (27 سنة) موظف بإحدي شركات القطاع الخاص: إنه اضطر إلي تأجيل خطبته أكثر من مرة بسبب عدم قدرته علي شراء "الشبكة" في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الذهب. وقال إسلام مسعود مهندس كمبيوتر (25 عاما): لا يمكن أن يتوقف الناس عن الزواج وشراء الذهب، لذا فإن الحل في التيسير علي الشباب والاكتفاء بشبكة رمزية تضم مثلا شراء محبس فقط أو خاتم من العيار الخفيف. وأضاف إن فكرة الزواج بشبكة رمزية لم تكن واردة في السابق ولكن تدهور الأوضاع الاقتصادية والارتفاع الرهيب في أسعار الذهب دفعا معظم الأسر المصرية إلي التضحية من أجل سعادة بناتهم. ورغم أهمية الشبكة الذهبية التي تعتبر شرطا أساسيا من شروط الزواج في مصر، فإن - هدي سيد (مدرسة) تري أن الأسر أصبحت مستعدة للتعاون والتخلي عن ارتباطها العاطفي بالذهب بعد أن أدركت أنه يتعين علي الرجل الادخار لعدة سنوات كي يوفر ثمن الشبكة ومتطلبات الزواج الأخري.. إلا أن هبة محمد (موظفة بإحدي المصالح الحكومية) لا توافقها الرأي وتقول إن الشبكة لابد منها باعتبارها ضمانا ماليا للمرأة في حال تعرضها لغدر الزوج أو الطلاق. أما بالنسبة للعقارات فرغم ارتفاع أسعارها هي الأخري مقارنة بحالة الركود الذي كان يعاني منه سوق العقارات في الفترة الماضية فإن أرقام الشعبة العامة للاستثمار تشير إلي زيادة المبيعات خلال الشهر الماضي بنسبة 20٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وهو ما تؤكده شركات التمويل العقاري التي ارتفعت عملياتها بمعدلات تراوحت بين 15 و20٪ رغم ارتفاع تكلفة التمويل. وتشير الوحدة العامة للاستثمار إلي ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والتجارية الجديدة بمعدلات تتراوح بين 5 و10٪ نتيجة ارتفاع التكلفة وارتفاع أسعار مواد البناء بصفة عامة وأسعار الحديد والإسمنت بصفة خاصة وبلغ سعر طن الحديد 5720 جنيهاً بينما يتراوح سعر طن الإسمنت بين 700 و750 جنيها. وقال محمد عيسي أحد العاملين في مجال العقارات إنه بالرغم من ارتفاع الأسعار فإن الكثيرين يفضلون اتخاذ قرارات الشراء في هذه المرحلة، خوفاً من زيادات جديدة في الأسعار مستقبلاً، علي ضوء التحركات الحكومية الهادفة إلي فرض المزيد من الضرائب بما يحمل الأنشطة الاقتصادية مزيداً من الأعباء وكذلك تقليص دعم الطاقة بما سيؤثر سلباً علي أسعار مواد البناء وتكلفة نقل المنتجات. وأشار إلي أن أغلب المبيعات في العقارات موجهة للطبقة المتوسطة التي تتراوح أسعار وحداتها بين 300 ألف ونصف مليون جنيه في المدن الجديدة إلي جانب العقارات التجارية والمباني الإدارية التي تشهد طلباً متزايداً منذ عدة سنوات رغم زيادة أسعارها بسبب ارتفاع إيجار المكاتب الإدارية والمحلات التجارية في مختلف مناطق مصر. أما الشباب المقبل علي الزواج فأصبح شراء الشقة بالنسبة له أمرا أقرب إلي الحلم فلجأ العديد من الشباب إلي شقق الإيجار الحديث وهو مافعله إبراهيم طه 26 عاما ويعمل محاسبا بإحدي الشركات الخاصة. وقال إن هناك ارتفاعا جنونيا في أسعار العقارات فالمتر الواحد تمليك وصل سعره إلي 3000 جنيه في بعض المناطق التي لاتعتبر من الأماكن الراقية . أما الأمر الثالث الذي يقف عائقا أمام الشباب ايضا ماشهده سوق الموبيليا مؤخرا من ارتفاع كبير في أسعار الأثاث الأمر الذي دعا عددا من القيادات العمالية بدمياط إلي تنظيم مظاهرة كبري لصناع الأثاث الأسبوع الماضي وإغلاق ورش الأثاث احتجاجا علي ارتفاع أسعار خامات صناعة الأثاث مما أدي إلي إغلاق عدد كبير من ورش صناعة الأثاث وتسريح العمال. من جانبها أكدت الدكتورة إيمان عبدالمنعم أستاذة علم الاجتماع الأسري بجامعة القاهرة أنها أجرت مؤخرا دراسة بعنوان "التكلفة الاقتصادية للزواج في مصر" بمشاركة 33 باحثا وأربعة منسقين. وخلصت الدراسة إلي أن ارتفاع تكاليف الزواج ساهم في إفراز ظواهر اجتماعية وسلوكية سلبية بالإضافة إلي انتشار الزواج العرفي بين الشباب وزيادة العلاقات المحرمة وهو ما أدي إلي زيادة الأطفال اللقطاء.. وأضافت أن الدراسة رصدت خلال الكشف عن تكلفة الزواج، عن المتغيرات الاجتماعية والثقافية في مصر، من خلال إجراء الدراسة علي عينة من المتزوجين حديثا في القاهرة والمجتمعات العمرانية الجديدة بباقي المحافظات أن الزواج أصبح مثل السوق، وإن كان له نظام اجتماعي أساسي، ويؤدي وظائف اجتماعية ونفسية وهو ما دفع الأسرة المصرية لتبني أساليب متنوعة لمواجهة التكاليف المرتفعة لزواج أحد أبنائها والذي أدي إلي اللجوء للعمل في الخارج أو لجوء أحد الأفراد إلي ممارسة عمل إضافي إلي جانب عمله الأساسي. ولفتت إلي أن الظروف التي تسبق الزواج تختلف من حيث قنوات التعارف بين العريس والعروس باختلاف الثقافة السائدة في المناطق التي شملتها الدراسة ففي القاهرة يتم التعارف من خلال المناسبات أو الصداقات العائلية وفي سوهاج نصف المتزوجين حديثا من أبناء العم والخال، مشيرة إلي أن الفترة الزمنية من فترة الخطوبة لعقد القران لم تزد علي العام ووصل الحد الأقصي إلي عامين في حين تطول مدة الخطوبة في سوهاج إلي 3 سنوات وقد تصل إلي 5 سنوات في القاهرة والسويس. وانتقدت عبدالمنعم ارتفاع تكلفة مصاريف الزواج الأولية والتمسك بها مثل الشبكة والمهر مؤكدة أنه نادرا ما تقتصر الشبكة علي دبلة لكل من العروسين أو الاستغناء عنها ولكن يتم كتابة قيمتها في قائمة العفش في الوقت الذي يتحمل فيه العريس غالبية تكلفة الشبكة. وأشارت إلي أنه في الوقت الحالي أصبح الكثير في القاهرة والمحافظات المختلفة لايلتزم بالمهر في حين يدور الحديث عن أساليب الحصول علي مسكن الزوجية باختلاف المستويات الاجتماعية الاقتصادية للعريس والعروس ومناطق الإقامة الأكثر شيوعا في القاهرة الذي يأتي عن طريق الإيجار في أغلب الأحيان للغالبية في حين تحصل نسبة قليلة علي شقق تمليك أو الزواج في بيت الأسرة. وقالت إن ظاهرة ارتفاع التكاليف تؤدي إلي ارتفاع معدلات العنوسة وهو ما أدي لزيادة بعض الظواهر غير المقبولة اجتماعيا ودينيا مثل الزواج السري والعرفي بين الشباب في الجامعات والشذوذ الجنسي بين الفتيات وأيضا العنوسة للرجال تعتبر سببا في الإقبال علي إدمان المخدرات بالإضافة إلي أن المرأة تعاني من متغيرات هرمونية في مراحل حياتها، فالأمر يتغير عند الزواج والإنجاب اما إذا كانت غير متزوجة فتحدث اضطرابات والفتيات العازبات غالبا ما يتعرضن للإصابة بأمراض نفسانية مثل الكآبة نظرا لفقدان حياة الأسرة وافتقاد الامومة". وطالبت عبد المنعم بضرورة تساهل المجتمع في قبول تخفيض تكاليف الزواج من مهور وتأثيث السكن بالإضافة إلي قبول فكرة تعدد الزوجات اجتماعيا ودعم وتشجيع الحكومة للمتزوجين من خلال خفض الضرائب علي الرواتب للمتزوجين ودعم المؤسسات الخيرية عينيا لغير القادرين علي مصروفات الزواج وزيادة التكافل الاجتماعي بين الأفراد بالمساهمة في تكاليف الزواج.