استقي المسرح العربي منذ ولادته من المسرح الغربي وقبله اليوناني وبلغ شدة تأثره أن تظل المدرسة المسرحية باقية لديه رغم انتهائها وذلك نتيجة لإدراك المسرحيين الأول من العرب ما يحتاجه جمهورهم فيأخذونه ويحافظون عليه ويتناولونه بالطريقة المثلي لهم ويفند فرحان بلبل في كتابه »شئون وقضايا مسرحية« الأسباب التي أدت إلي أن يظل المسرح التجريبي قابعا عند العرب منذ انتقاله إليهم حتي الآن فقد ظهر مع بداية التسعينات من القرن الماضي فكان العرب فيه ناقلين ثم استطاعوا أن يكونوا مجددين غير مقلدين يحاولون استخدام كل أركانه تأثرا بمنهاجه حتي انحل المسرح العربي المعاصر وأصبح كله المسرح التجريبي وإذا كان هناك سؤال لايزال حتي هذه اللحظة لايجد إجابة ألا وهو هل سيكتمل هذا النوع من المسرح بتعريفاته كما اكتمل عند غيرهم؟ ويأتي جواب المؤلف ب لا فعدم اكتماله هو الذي يحدد موقع المسرح العربي المعاصر اليوم وهو الذي سيجعله يتخلي عن الحداثة ليعود إلي الحديث أو الجديد وهذا ليس لأنه ضعيف أو متخلف عن تطورات المسرح في العالم يتحول من فن يحاول العربي استكمال أدواتهم فيه إلي فن صاروا قادرين علي إبراز اكتماله عندهم.. وسيحاول العرب تحقيق عناصر المسرح التجريبي ولن يستطعيوا فسوف يكون السعي وراء وهم مسرحي كاذب وسيفقد المسرح الكثير من قدرته الذاتية إذا فاز العرب بالجوائز في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي أو في غيره مما يشبه ويجب إلا نغتر بهذه الجوائز فليس فوزهم دليلا علي اكتمال المسرح التجريبي عندهم فلو طبقت عليهم عناصر العرض المسرحي التجريبي لما نال أيا من العروض العربية جائزة فالتجريب يمزق الدراما القديمة ويتجه إلي عرض جديد في شكله ومضمونه واختفت اللغة الغربية وتمركزت العامية بحجة الاقتراب من المجتمع والحياة اليومية ويذكر المؤلف فرحان بلبل أن البلدان التي اعتمدت في نصوص مسرحها علي اللغة العربية هي التي انتجت أدبا كما في مصر وسوريا والبلاد التي قدمت مسرحها بالعامية لم تنتج أدبا ونصوصها المسرحية أقل قوة كما في تونس والمغرب والعراق وكان الأدب هو أول ما دمره المسرح التجريبي وبعدها جاء دور الممثل الذي كان دائما بطلا للعرض وأصبح دوره ثانويا ومكانته من مكانة مكونات العرض المسرحي كالديكور والإضاءة التي غالبا ماتتميز بالعتمة مع المكياج القوي والاقنعة.. ويبقي التدمير الأكبر للمسرح التجريبي في علاقة المسرح بجمهوره وظهرت قضية هامة بالنسبة لمخرجي هذه العروض هل ننجرف وراء جمهور جاهل لايعرف الأشكال الجديدة أم نجبره علي مشاهدتها وكانت نتيجة هذا الموقف أن أهمل الجمهور المسرح وانصرف عنه ونجدنا نعود بعد قرن ونصف إلي نقطة البداية في تعميم ثقافة المسرح والدفاع عنه وعن ضرورته في الحياة وعن ضرورته للحياة ويجب ألا تخدع بعشرات من مثقفي النخبة الذين يرتادون المسرح فالمسرح ليس لهم وإنما لعموم الناس.