في إطار الحوار المجتمعي الذي أطلقته الحكومة المصرية مؤخرا، بهدف المشاركة في محاولة الخروج من الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد المصري حاليا، نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي وطول أمد الفترة الانتقالية، وتفاقم عجزي الموازنة وميزان المدفوعات، كان هناك حديث دائر عن ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي، والعمل علي تحقيق الانضباط المالي من خلال ترشيد الإنفاق من جهة، وتعظيم الإيرادات من جهة أخري لتضييق الفجوة بين الإيرادات والنفقات، والسيطرة علي العجز في الموازنة، وفي ذات الوقت زيادة الاستثمارات الحكومية والخاصة، بهدف تنشيط الاقتصاد ورفع معدل النمو إلي مستوي يتراوح بين 4٪ و5.4٪ لخروج الاقتصاد المصري من حالة الانكماش الحالية.. مع الأخذ في الاعتبار أن هذه التدابير تأتي في وقت انخفض فيه سعر الجنيه أمام العملات الرئيسية وخاصة الدولار.. وهذا عبء إضافي يتمثل في زيادة تكلفة الواردات مع توقعات بموجة جديدة من ارتفاع الأسعار. وإذا كانت هناك تدابير يتعين اتخاذها في إطار إصلاح الاقتصاد المصري وتحقيق الانضباط المالي، فإن السؤال المطروح حاليا: من يتحمل أعباء فاتورة الإصلاح الاقتصادي؟ هل الفئات الفقيرة والضعيفة التي لم تعد تتحمل المزيد من الأعباء..؟ أم الفئات الأكثر قدرة مالية والأعلي صوتا وتأثيرا..؟ الموضوعية تقتضي أن تتحمل الفئات القادرة النصيب الأكبر في فاتورة الإصلاح الاقتصادي ولعل إحدي هذه السبل، إعادة النظر في المنظومة الضريبية من خلال الاتجاه نحو ضرائب الدخل التصاعدية لتحقيق قدر أعلي من العدالة الضريبية، إلي جانب تقديم حوافز لتحصيل المتأخرات الضريبية وتحسين آليات التحصيل ومكافحة التهرب الضريبي.. والموضوعية تقتضي أيضا أن تتحمل الكثير من شركات الأموال والشركات الاستثمارية وغيرها والتي حققت أرباحا وتراكما رأسماليا خلال السنوات الماضية في ظل سعر الضريبة المنخفض، تتحمل جانبا من أعباء الإصلاح الاقتصادي خلال المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد المصري حاليا.. فالحلول السهلة بترحيل أعباء الإصلاح وتتحملها الفئات الفقيرة والضعيفة تعني المزيد من التدهور لتلك الفئات، ويتسبب إلي جانب المشكلات الاجتماعية في تراجع الطلب الاستهلاكي الذي يمثل إحدي ركائز النمو، مما يعني المزيد من التباطؤ والركود.. وهذا مايجب تلافيه لمصلحة الجميع وفي مقدمتهم الشركات الكبيرة والمستثمرين.. المطلوب الإسراع بوتيرة النمو الاقتصادي لمصلحة الجميع!