دبي.. لؤلؤة الإمارات.. تحفظ الذاكرة تراثها.. تحتضن الحاضر تفتح ذراعيها للمستقبل.. الذي يحلم به ويتطلع إليه كل إنسان في أنحاء المعمورة.. هذه مدينة من حقها أن تتيه.. وتفخر بإنجازاتها علي العالم.. ومهرجان دبي السينمائي الدولي هو أحد المحافل الثقافية الفنية الذي نجح في أن يجذب إليه نجوم العالم.. وعلي مدي سنواته التسع.. استطاع أن يساهم في خلق جيل من السينمائيين الشبان في دول الخليج مكتشفا موهبتهم وقدراتهم الإبداعية.. كما ساعد آخرين في أن تري أفلامهم النور. إن حصيلة الأفلام الإماراتية والخليجية التي عرضت في مهرجان (دبي) ماهي إلا حلم تحقق لرئيسه (عبدالحميد جمعة).. ومديره الفني الرائع (مسعود أمر الله). (الساحر) محمود عبد العزيز .. والمخرج (مايكل أبتيد) أفضل ممثلة (وعد) السعودية في العاشرة من العمر نادين خان.. (من شابه أباه فما ظلم) لعنة الله علي كل حاكم ظالم مستبد جعل شعبه يدفع ثمن طغيانه وجبروته.. لأنه كان جواز المرور لدول أخري أكثر استبدادا للتدخل بحجة حماية الديمقراطية.. نهاية الحاكم لا تهم كثيرا سواء حبسوه أوقتلوه أو حتي مثلوا به.. مايهم هو معاناة الشعب الذي سيظل يدفع ثمنها غاليا نتيجة هذا الظلم البين.. ومنكوب عالمنا بحكامه الذين اعتقدوا أنهم بوصولهم إلي الحكم فإنهم قد ورثوا الشعوب وباتت ملك إيمانهم (ومن حكم في ماله ما ظلم) لذا لهم أن يفعلوا بنا ما شاءوا.. وليس علينا سوي الرضوخ والامتثال.. ناسين أن التاريخ له عظات جليلة أوضحت أن الظلم مهما ساد فهو ليس إلي خلود..وأن الحكام زائلون.. والشعوب هي الباقية.. وأن (الظلمة) منهم سوف يلقي بهم في (مزبلة) التاريخ. إن الحكام الظلمة وما أكثرهم ينسون أن إسرائيل وأمريكا تتربص بالعالم العربي دون أن ننسي طبعا أوروبا ومطامعها الخاصة.. وأن الحلم الكبير هو تغيير خريطة الوطن العربي من جديد وإعادة تقسيمه لصالح إسرائيل والأقليات. وفي مهرجان دبي السينمائي الدولي ال 9 شعرت بسعادة ممزوجة بالحزن عند عرض الفيلم العراقي (بيكاس) وهو بالمناسبة إنتاج (سويدي) وهو التجربة الروائية الطويلة الأولي للمخرج (كرزان قادر) الذي ولد في السليمانية في كردستان بالعراق.. ورحل مع عائلته إبان الحرب علي العراق ولم يكن يتجاوز عمره السادسة.. حطت العائلة الرحال إلي السويد.. وهناك عاش ودرس الإخراج في معهد (الدراما) وتخرج عام 0102 بعد أن نال جائزة أكاديمية الطلاب عن فيلمه مشروع التخرج.. وليعمل منذ ذلك الوقت وطوال عامين علي تقديم فيلمه الروائي الأول (بيكاس) الذي جاء عملا فنيا جميلا ومتميزا استحق عنه بجدارة جائزة (الجمهور). ولعلي بهذه المناسبة أذكر جيدا إنني سافرت إلي العراق مع أول طائرة مصرية تكسر حاجز المقاطعة وكان علي متنها بعض الفنانين علي رأسهم القديرة سهير المرشدي واللاعب محمود الخطيب ومن الأصدقاء مني فوزي.. وأمل فوزي.. وإيهاب فتحي.. وقد هالنا جميعا مارأينا وما وقع علي أبناء هذا الشعب الذين امتلأت بهم المستشفيات.. وكيف تم تدمير الملجأ الذي كانت تختبئ به العائلات فأصبحت أشلاء الأطفال متناثرة في كل مكان.. وأخيرا وليس بآخر.. لن أنسي أبدا فرحة الأطفال الصغار بالأقلام الرصاص التي أخذناها لهم مع الحلوي.. فهناك جيل كامل من أطفال العراق.. حرم من هذا (القلم) الذي خططنا جميعا به حروف أسمائنا الأولي.. لأن قوات الاحتلال كانت تخشي أن يتم تحويل هذا الرصاص الضئيل إلي بارود. إن معاناة الشعب العراقي تحتاج لمجلدات،، فقد عاني من طغيان (صدام) لكنه عاني أكثر من جراء الاحتلال الأمريكي الذي مازالت آثاره إلي اليوم مدمرة.. وياللحسرة علي هذا البلد الذي كان في أحد الأيام من أكثر دول المنطقة ثراء.. وصاحب تاريخ رفيع في الحضارة.. ويدين له الشعر والأدب بالكثير.. وكان العراق من أكثر شعوب المنطقة التي تقام فيها المهرجانات المختلفة.. لقد قتلوا كل شيء جميل في هذا البلد.. لكنهم نسوا أن الشعوب لن تموت وأنها خالدة جيلا بعد جيل.. وأن الزمن في حياة الشعوب لايقاس بحياة الإنسان العادي.. لذلك فإنني أدعو من كل قلبي أن يسود الصفاء العراق وأن يعود كما كان.. لأنه كان قوة كبري يخشاها الغرب وأمريكا.. وإن شاء الله سوف يعود.. (هو) وكل وطن عربي جريح مكلوم من (حكامه) .. ومن فقدانه خيرة شبابه. وعودة مرة أخري إلي فيلم (بيكاس) الذي يقول مخرجه إن السينما تبرئ وتشفي جراح النفس العليلة وإن هذا الفيلم استطاع إلي حد كبير أن يداوي الجروح والألم النفسي للمخرج الشاب الذي رحل عن وطنه صغيرا لكنه لم ينسه أبدا.. ثم عاد ليقدم جزءا من ذكرياته البعيدة وبعضا من نفسه وتجربته الشخصية في هذا الفيلم.. الذي يحلم فيه الأخوان الصغيران (دانا) و(زانا) بالرحيل إلي أمريكا للاستعانة بالبطل (سوبرمان) ليعيد والديهما إلي الحياة ويحقق أحلامهما الضائعة.. طفلان صغيران الشارع هو المأوي.. إلا من عطف البعض عليهما.. ورحلة من الألم النفسي يستعرض فيه المخرج رائحة بلاده التي غادرها.. ورغم أن الطفلين هي المرة الأولي التي يواجهان فيها (الكاميرا) إلا أنهما تفوقا علي أنفسهما ونافسا ممثلين كبارا.. وكان الفيلم أجمل افتتاح (لليالي العربية) إن مشكلة الأكراد أدرك إنها مشكلة شائكة وهي إحدي المشاكل الإقليمية في عدة دول عربية.. يعجز بعضها عن أن يستوعبهم تماما.. ويكون لهم نفس حقوق المواطنة.. ومشاهدة هذا الفيلم تثير أشجانا كثيرة.. لكن كما قال مخرجه إن السينما تبرئ وتشفي جراح النفس العليلة.. وربما فيما قدمه ما يشفي جراحا قديمة قد تزول تماما مع أفلام أخري جديدة يقدمها. الفنان.. والتكريم ليس هناك من شيء يسعد الفنان أكثر من حب جمهوره وتقديره لمشواره الطويل.. لذلك كان تكريم الفنان هو ترجمة حقيقية لنبض الناس وصورة صادقة لما قدمه خلال مشواره الفني.. وفي حياتنا الفنية فنانون أثروا حياتنا الشخصية وأضفوا علينا المتعة والبهجة.. وترجموا وعكسوا هموم وواقع وحاضر وأحلام شعوبهم والإنسان عامة في كل مكان في العالم. فاستحقوا أن يحتلوا مكانة كبيرة في نفوس جماهيرهم العريقة ومحبيهم في كل مكان.. فقد كانوا سفراء لبلادهم.. وإحدي ثرواتهم القومية.. وشاهدا علي حضارتهم وتراثهم الإنساني حتي قبل الفني.. وأحد هؤلاء الفنانين العظماء (الساحر) (محمود عبد العزيز) (رأفت الهجان) بمشواره الفني المتميز.. وأدائه الرائع في كل عمل قدمه.. كان دائما (محمود المصري).. ومحفوظ زلطة الذي مازالت كلماته تتردد في (باب الخلق). (حبوا مصر .. خللوا بالكم منها .. دي ماتستهلش مننا كده) (محمود عبد العزيز) هذا المصري الأصيل ابن الإسكندرية كرمه مهرجان دبي بجائزة إنجازات الفنانين هو والمخرج البريطاني مايكل ابتيد. وتكريم محمود عبد العزيز يقودني إلي الصحبة الجميلة لمجموعة متناغمة من الفنانين في دبي (بوسي شلبي) هذه التليفزيونية النشطة الغيورة علي بلدها.. لا تخشي في الحق لومة لائم.. وهي رغم نجوميتها وشهرتها في مجال عملها إلا أنها لاتنسي أبدا أنها زوجة في المقام الأول.. بوسي لفتت الأنظار في حفل الافتتاح بالحقيبة الجميلة التي كانت تحملها في يدها وعليها صورة الزوج الفنان محمود عبدالعزيز. الصحبة تضم سمير فقيه الصديق العزيز المصري الشهم.. رفيق السفر الجميل.. الذي يشمل بأخوته ورعايته كل من يكون معه.. وأنا شخصيا أشعر بالاطمئنان الشديد في كل مرة أسافر فيها ويكون (سمير) من بين الرفقاء والأصدقاء.. ومن نايل سينما الدينامو مهاب صاحب أعلي رصيد في تغطية المهرجانات.. والمذيعة اللامعة (اسماء). الفنانة القديرة رجاء الجداوي.. نرمين الفقي.. محمد حسن رمزي.. شريف رمزي وشيرين.. مجموعة من النجوم تواجدهم أضفي البهجة علي ليالي دبي وكانوا محل حفاوة وتقدير من الجميع.. وتبقي علي رأس القائمة الصديقة العزيزة الغالية (سهير عبدالقادر) التي لم يكف الجميع عن تهنئتها بالدورة الناجحة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي تلك الدورة الاستثنائية التي أشاد بها الجميع.. ورغم أن (سهير) ليست أكبر الموجودات سنا.. إلا أن الجميع وفي كل سفرية يعتبرها (أم المصريين) فهي تحرص علي راحة الجميع والاطمئنان عليهم.. وصدق المثل القائل (الرفيق قبل الطريق). أما الحبيبة العزيزة الصديقة (ليلي علوي) والتي شاركت في ندوة هامة عن صورة الممثل في السينما وسوف يكون لنا حديث عنها في عدد قادم.. فرغم المدة الصغيرة التي قضتها في دبي إلا إنها أصرت علي العودة لمصر لمدة ساعات قليلة لتعود مرة أخري وذلك علي نفقتها الخاصة.. لتؤدي دورها في الاستفتاء.. فقد كانت وستظل مصر حبها الكبير. بهؤلاء الفنانين ستظل إن شاء الله (صورة مصر حلوة).