محاولات فاشلة تخوضها الأقليات حتي الآن من أجل تمثيلهم بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور، فمنهم من يوجد بنسبة ضئيلة ومنهم من تستمع الجمعية إلي آرائهم ومنهم من تجاهلتهم الجمعية من الأساس، بالرغم من اتفاق الجميع علي أحقية جميع الأقليات العرقية والدينية في التمثيل بالجمعية كي يكون الدستور معبراً عن كافة طوائف الشعب.. هناك 3 أقليات عبرت عن غضبها في الفترة الأخيرة إما بسبب عدم تمثيلها أو لرفض المجتمع لهم، وهم الأمازيغ وأقباط 83 والشيعة. الأمازيغ هم مجموعة من سكان شمال أفريقيا الأصليين المصريون منهم يعيشون في واحة سيوة (053 كلم جنوب مطروح) علي هيئة قبائل، ويقدر عددهم من12 : 52 ألفا، يعتبرون من الأقليات العرقية التي تنادي بحقوقها دون أن تصغي إليهم الدولة، وهذا ما حدث في مطالبتهم بالتمثيل بالجمعية التأسيسية للدستور إلي أن حركوا دعاوي قضائية في هذا الصدد لكنها لم تجد بشيء. المتحدثة الإعلامية باسم الأمازيغ أماني الوشاحي تري أنه لا يحق لتيار سياسي الاستحواذ علي كتابة الدستور وإقصاء جميع الفصائل الأخري؛ لأن الدستور عقد اجتماعي للشعب .. لهذا يجب أن يشارك في كتابته جميع أفراده، وما يحدث داخل التأسيسية من إقصاء للأقليات انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. وأضافت الوشاحي: من حق الأقليات العرقية التقدم بمطالبها استنادا إلي المواثيق والمعاهدات الدولية. وأفادت الوشاحي بمخاطبتها للبرلمان السابق لأجل حقها في تمثيل أمازيغ مصر قبل تشكيل الجمعية التأسيسية إلا أنها قوبلت بالتجاهل، ما دفعها إلي اللجوء إلي القضاء فالحقوق تنتزع ولا تستجدي. وعن مطالب الأمازيغ في الدستور الجديد، قالت إنه يتركز في التعددية الثقافية والاعتراف باللغات المحلية، إضافة إلي الحفاظ علي المواطنة داخل المادة الأولي من الدستور. أقباط 83 هم حركة قبطية ظهرت بعد ثورة 52 يناير لتعلن صراحة اعتراضها علي القيود التي تفرضها الكنيسة علي الطلاق والسماح بالزواج الثاني للأقباط، التي أخذت اسمها نسبة إلي اللائحة التي عدلها البطريريك الراحل البابا شنودة، لاغياً أسباب الطلاق إلا ل"علة الزني، أو تغيير الملة"، وطالبت الحركة بقانون مدني يتيح للأقباط حرية الطلاق والزواج، وهو ما رفضته الكنيسة وأغلب الأقباط، مما اعتبروهم "أقلية" ولا يمثلون سوي أنفسهم. وبدأت الحركة معركتها مع الجمعية التأسيسية لوضع الدستور منذ تشكيلها للمرة الثانية، لأجل الاستماع إليهم، إلي أن وصلت مع الكنيسة إلي طريق مسدود، خصوصاً بعدما خيبت التأسيسية آمالهم، فيقول نادر الصيرفي، المتحدث الرسمي باسم الحركة، إن المسودة الأولية للدستور التي صدرت أخيرا تنتقص من مواطنتهم كمصريين وتجعلهم يخضعون تماما للقيادات الكنسية "كعبيد أمام أسيادهم"، معتبرا أن التأسيسية أنتجت دستورا مشوها يحقق أهداف بعض المسيحيين مخالفين فيها القانون العام والمساواة والعدالة والمواطنة بما يضرب مبادئ الثورة في مقتل. وعلي غير المتوقع طالبت حركة أقباط 83 بالاحتكام إلي الشرعية الإسلامية في قانون الأحوال الشخصية، وأرجع "الصيرفي" ذلك إلي أن من حق الأقباط الاحتكام للشريعة الإسلامية وفقاً للقرآن، مؤكدًا أن بعض التيارات تبعث بدعوات لدعم الكنيسة لكي تستقطب ملف الأحوال الشخصية وتحاول إرضاءها بوضع مادة "احتكام غير المسلمين لشرائعهم"، علي الرغم من أنه لا توجد في المسيحية شرائع. وأشار إلي أن الكنيسة كانت متعنتة ضد الأقباط في ظل دستور 1791 من غير وجود نص الاحتكام، محذرًا من أن هذا النص يزيد من قبضة الكنيسة علي الأقباط وتحد من حرياتهم، وتوقع انقسام الأقباط إلي طوابق وفرق مشتتة في حال إضافة النص، وقال "الصيرفي" إن كان لابد من إضافة هذا النص بالمادة الثانية للدستور فلا بد من إضافة أيضا "بما يتفق عليه أصحاب هذه الديانات" مؤكدا أن حقوق الأقباط كانت محفوظة في دستور 1791 ولا توجد أي مشاكل بالنسبة لهم. الشيعة يشكل الشيعة الإمامية أقلية محدودة العدد في مصر، وهم محرومون من التعبير عن معتقداتهم الدينية، وممنوعون من إقامة مؤسسات دينية أو اجتماعية خاصة بهم، كما أنهم يتعرضون للتضييق الأمني. والنظام في مصر ينظر إليهم، في الغالب، نظرة اتهام في ولائهم، بينما ينظر إليهم المجتمع في العموم نظرة متشككة في معتقداتهم. وأثار الحضور الشيعي القوي بعد الثورة علامات استفهام لملامح هذا الشكل المستحدث، خصوصاً بعد تحركاتهم السياسية ومحاولتهم نشر التشيع وإنشاء حزب سياسي، مما جعل بعضهم يطالبون بضرورة أن يتضمن الدستور الجديد مبدأ التعددية المذهبية التي تتضمن حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، فيما طالب آخرون بأن تتضمن المادة الثانية من الدستور المذهب الجعفري، وذلك في محاولة منهم لمزاحمة التيارات السنية الأخري علي الساحة المصرية ورغبة جامحة في أن يكون لهم دور وحضور كبير. المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلي لآل البيت ومدير مركز الإمام علي لحقوق الإنسان في مصر بهاء أنور محمد قال إن الشيعة يرفضون كتابة التأسيسية للدستور، مطالباً بحلها لما يشوبها من عوار دستوري، أدي لسقوط التأسيسية الأولي بحكم محكمة لقيامها علي أسس باطلة، ثم إنه لم يتم إشراك الشيعة في كتابة الدستور، رغم أن عددنا وصل إلي 3 ملايين شيعي مصري، متسائلاَ: إذا كانت أعداد كبيرة كتلك لم تشترك فكيف يكون للتأسيسية شرعية؟ إضافة إلي أن التأسيسية يسيطر عليها تيار ديني، واختير أغلب أعضائها علي أسس الولاء لجماعة الإخوان، لا أساس للكفاءة والقدرة وكلها عوامل لا تصلح لصياغة دستور مصري.