المعلومات التي تم نشرها مؤخراً خرجت للنور عقب تحقيق أجرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، والذي كشف عن وجود الاختراق الأمني المستمر من قبل الإدارة الأمريكية، بعد تلقي وزارة الخارجية ووزارة الدفاع "البنتاجون" وجهاز الاستخبارات معلومات تفيد وجود مخطط للهجوم علي القنصلية في بنغازي قبل الحادث بيومين، بالإضافة إلي استهداف أفراد البعثة الدبلوماسية هناك. ورغم ذلك لم يصدر البنتاجون تحذيرات إلي الدبلوماسيين لرفع مستوي الحذر وأسفر الاعتداء عن مقتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة آخرين. وتوضح الصحيفة أنه من المفترض أن تكون زيارة ستيفنز لبنغازي سرية وآمنة، إذ إن السفير كان خارج ليبيا في جولة أوروبية وعاد قبل الهجوم بفترة قصيرة. وأضافت الإندبندنت نقلاً عن مسئولين أمريكيين، مجموعة من التفاصيل المثيرة حول اختفاء مستندات ووثائق سرية من مبني القنصلية الأمريكية في ليبيا، تتضمن أسماء عملاء يعملون لصالح واشنطن مما سيعرض حياتهم والمصالح الأمريكية للخطر من جانب المجموعات المتطرفة وبخاصة من قبل تنظيم القاعدة الذي يقف خلف الحادث رداً علي مقتل أحد قادة التنظيم "محمد حسن قائد" المعروف بأبو يحيي الليبي، وليس رداً علي الفيلم المسيء للرسول. وسارعت الإدارة الأمريكية للنأي بنفسها عن هذه التهمة الخطيرة، إلا أن الاعتراف بعدم امتلاك أي معلومات مسبقة عن استعداد مجموعات معادية للقيام بهجمات علي مصالح أمريكية يعد في حد ذاته اعترافا بالتقصير. وبنفس الإهمال الشديد، لم يتعامل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بجدية مع التحذيرات الكثيرة التي تلقاها قبل هجمات 11 سبتمبر بأربعة أشهر، والتي تنذره باحتمال قيام تنظيم القاعدة بشن هجوم إرهابي ضد الولاياتالمتحدة. حيث أعد كورت إيتشينوالد الصحفي بنيويورك تايمز، تقريراً صدر عشية ذكري الحادي عشر لتلك الهجمات، أشار إلي أن البيت الأبيض تلقي تحذيرًا بهجمات محتملة منذ ربيع 2001 وتم تأكيدها بمعلومات من قبل (CIA) في مطلع مايو من العام نفسه، وتحذر صقور الإدارة الأمريكية من هجوم ممكن أن يسفر عن خسائر بشرية ضخمة، ووجود مجموعة من الأمريكيين ينظمون لعمل إرهابي. ويوضح التقرير مدي حجم الإهمال الذي كان سائداً داخل الإدارة الأمريكية. خاصة أن بوش لم يتخذ أي إجراءات لتجنب ما حدث، بل إنه شكك كثيراً في دقة تلك المعلومات ولم يضعها في عين الاعتبار. وذلك علي نحو أصاب مسئولين CIA بالإحباط الشديد عدة مرات. ففي 22 يونيو تلقي البيت الأبيض تقريراً من قبل مسؤولين بجهاز الاستخبارات عن احتمال قيام تنظيم القاعدة بهجمات وشيكة، وتابعه تحذيرات أخري في 29 من الشهر ذاته، وحتي قبل المعلومات السرية التي تلقاها بوش بنفسه في شكل وثيقة في 8 أغسطس، والتي كانت تحمل عنوان "بن لادن عازم علي ضرب الولاياتالمتحدة"، إلا أنه أهملها واعتبره تهديدا عابرا ولم يأخذها مأخذ الجد. وأكدت الصحيفة أن المحافظين الجدد في البنتاجون كانوا قد أبلغوا البيت الأبيض بأن عملاء CIA قد تعرضوا للخديعة وحصلوا علي معلومات مضللة. كما أعربوا عن اعتقادهم بأن بن لادن كان يتظاهر بالتخطيط لشن هجوم حتي يشتت الإدارة الأمريكية وصرف انتباهها عن صدام حسين. ولم تمر سوي أيام حتي تم مهاجمة برجي مركز التجارة الدولي في نيويورك، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من ثلاثة آلاف فرد علي نحو أثار الرعب في العالم. ويقول إيتشينوالد في تقريره إن رد فعل إدارة بوش تجاه التحذيرات تعكس حجم الإهمال الذي كان أكبر مما كشف النقاب عنه، ومدي غرور صقور الإدارة الأمريكية آنذاك، ونظرتهم وتفكيرهم فقط في كيفية احتلال العراق والسيطرة علي منطقة الشرق الأوسط. كما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" وثائق سرية كشفت عن معلومات جديدة تفيد تورط جهات أمريكية في مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في لبنان عام 1982 والتي أسفرت عن مقتل مايقرب من 5 آلاف قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن من بينهم لبنانيون أيضاً، وذلك في تحقيق بعنوان "المجزرة التي كان يمكن تفاديها""سيث انزيسكا"، باحث أمريكي في جامعة كولومبيا، حيث تمكن من العثور علي مستندات تاريخية إسرائيلية توثق حوارات جرت بين مسؤولين أمريكيين خلال هذه الفترة. وبحسب الصحيفة، الوثيقة تظهر وقائع جلسة عقدت بين وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك أريل شارون ومبعوث الرئيس الأمريكي إلي الشرق الأوسط موريس درابر، وكانت عمليات التصفية قد بدأت بالفعل، الذي قام خلالها بطمأنة واشنطن بأنها لن تتورط في هذه العملية وعليها، أنكر أي شيء فيما بعد. وبحسب وثيقة انزيسكا فان لقاء آخر جري بين الموفد الأمريكي وشارون بحضور السفير الأمريكي سام لويس، ورئيس الأركان الإسرائيلي رافائيل إيتان، ورئيس الاستخبارات العسكرية إيهودا ساجي، ذكر خلاله درابر بموقف بلاده المطالب بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من بيروت، وتوصل الطرفين إلي اتفاق يقضي بانسحاب إسرائيل من لبنان خلال فترة 48 ساعة، بعد "تطهير" المخيمات من الإرهابيين، إذ حدد شارون المخيمات التي سيدخلها لتصفية ما اسماهم "الإرهابيين"، وهي صبرا وشاتيلا، برج البراجنة، الفاكهاني. وقال شارون بحسب الوثيقة إنه سيقتل من في هذه المخيمات ولن يبقي أحداً منهم، ولن يسمح لواشنطن بإنقاذ هؤلاء الإرهابيين. وسارع درابر الي الرد عليه بأنهم، الأمريكيون، ليسوا مهتمين بإنقاذ أحد من هؤلاء. وأضافت الصحيفة أنه بعد هذه المحادثة بثلاثة أيام بدأ الانسحاب الإسرائيلي في 17 سبتمبر. ولفتت الصحيفة إلي أن درابر وجه رسالة إلي شارون بعدما علم بفظاعة المذبحة في المخيمات، واصفاً ما حدث بالسيئ والمفزع. وبنفس النهج ولكن منذ أكثر 7 عقود، علمت إدارة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بضلوع النظام السوفيتي في جريمة بشعة، راح ضحيتها أكثر من ألف ضابط بولندي عرفت باسم "مجزرة كاتين"، لكنها غطت علي ذلك مكتفية بتقديم النسخة السوفيتية التي تتهم النازيين بارتكابها، بحسب ما جاء في الوثائق السرية الأمريكية التي أزيح عنها الستار مؤخراً. مجزرة كاتين وقعت عام 1940 علي أيدي أعضاء المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية، لا تزال تكشف عن أسرارها حتي اليوم، حيث تظهر الوثائق أن ضباطا أمريكيين سمحوا لجيشهم بمعرفة ما حدث وذلك في صيف عام 1943 والذي يعتبر من أبشع عمليات الإعدام الجماعي التي نفذها النظام السوفيتي بناءاً علي اقتراح من رئيس الاستخبارات لافرينتي بيريا الذي دعم فكرة إعدام جميع أعضاء جهاز الضباط البولنديين، بموافقة الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين.