تضاربت في الأيام الأخيرة تصريحات المسئولين الفلسطينيين بحكومتي الضفة الغربية وقطاع غزة حول موقف مصر من إقامة منطقة تجارية حرة علي حدودها مع القطاع المحاصر منذ عام 2007. ففي الوقت الذي أكد فيه مسئولون بالسلطة الفلسطينية أن القاهرة أبلغت حركة حماس رفضها إقامة المنطقة التجارية خشية أن تعزز الانقسام الفلسطيني.. أعلن مكتب رئيس الوزراء بالحكومة المقالة بغزة.. أنه ناقش مع رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل آليات تنفيذ المشروع خلال زيارته الثانية لمصر خلال الشهر الماضي. إلا أن مصدرا سياديا مصريا أكد في تصريحات نشرتها الصحف المصرية أنه لم يصدر بعد أي قرار رسمي بإلغاء مشروع إنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر وقطاع غزة موضحا أن الأمر مازال محل الدراسة. وضعنا كل هذه التصريحات أمام الدكتور يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس وزراء الحكومة المقالة بغزة لمعرفة المزيد عن تفاصيل هذا المشروع، حقيقته وأهميته.. وإلي أين يتجه مصيره في ضوء التصريحات المعلنة حتي الآن!! سألته.. ربما تطرح حكومة حماس بقطاع غزة فكرة المشروع من وجهة نظر اقتصادية وإنسانية بحتة (وهذا حقها.. وواجب علينا) لكن هناك وجهة نظر سياسية واستراتيجية يطرحها الآخرون.. إلي أي مدي تري أنها جديرة بالأخذ في الاعتبار؟ قال: الحكومة في غزة وجدت بأن من أولوياتها في الوقت الحالي البحث في المشكلات اليومية التي بدأت تتفاقم وأهمها الكهرباء والمياه والوقود والمعابر والمدرجون عليها والمنطقة التجارية الحرة التي ستخدم القطاع وستساهم في القضاء علي البطالة.. مع الأخذ في الاعتبار أنه لايوجد لدينا في القطاع حلول ذاتية لكل تلك المشكلات. لكن مع أهمية هذا الحل الإقليمي.. ألم تر أنكم تضيعون من أيديكم ورقة هامة.. وهي المسئولية القانونية للمحتل عن قطاع غزة كجزء غير منفصل عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ قال : هناك تقرير صدر مؤخرا عن الأممالمتحدة يتحدث عن قطاع غزة وهل هو قابل للحياة في العام 2020 الأمر الذي يدق ناقوس الخطر علي المستوي الإقليمي والدولي.. كما تحدث التقرير عن نقطة المياه والتي وصفها وزير الزراعة بأن 95٪ من مياه القطاع غير صالحة للشرب. ونأتي للنقطة الأهم في هذا التقرير وهو أنه لم يحمل الاحتلال المسئولية تجاه ما يتعرض له القطاع من مشاكل حيث إنه اكتفي فقط بعرض المشكلة ولم يتطرق إلي وضع الحلول.. فكان موقفه محايدا كما أوجز التقرير مسألة الحصار وما تولد عنه بأن الدول المانحة ستسحب أرصدتها التي كانت مخصصة للقطاع خاصة فيما يتعلق بمسألة المياه والصرف الصحي.. الحقيقة أن زيارتنا الأخيرة للقاهرة كانت زيارة عملية لدراسة هذه الأمور وإيجاد حلول سريعة. زيارة القاهرة هلا تطلعنا علي مزيد من تفاصيل هذه الزيارة وأهم المحاور التي تناولتها لقاءاتكم بالحكومة المصرية؟ الحقيقة أن مجمل الحديث في الزيارة كان حول المحاور الأربعة وهي الكهرباء والمياه والوقود والمعابر والمنطقة التجارية الحرة.. وأذكر بأن اللقاء بالدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء المصري كان لقاء دافئا فقد تجاوب مع الأطروحات التي طرحناها.. فعندما أخبرناه بأنه كان هناك اتفاق مع الحكومة السابقة في مصر علي زيادة توريد الكهرباء إلي القطاع وأن الأموال جاهزة ولم ينفذ.. قال إن مصر مع التنفيذ طالما أنه كان هناك اتفاق.. وعن مسألة المساعدات القطرية قال إنه يجب أن تدخل إلي القطاع.. وعندما تحدثنا عن مسألة الحركة التجارية والمدرجين علي المعابر والمياه وعد بإيجاد فنيين لذلك.. كما وعد بأن يكون للجانب المصري دور في المصالحة.. لذلك أنا أستغرب كثيرا لمن حاولوا تصوير زيارتنا للقاهرة أنها تعزز الانقسام وأنها محاولة للالتفاف علي التمثيل الشرعي الفلسطيني.. بل علي العكس فالزيارة سعت لإيجاد حلول عملية وسريعة لمشاكل القطاع.. وتم خلال لقاء إسماعيل هنية مع الدكتور هشام قنديل بحث مسألة المنحة القطرية المقدمة للقطاع من الوقود الموجود حاليا في مستودعات ميناء السويس وضرورة الإسراع بإمداد قطاع غزة به. المصالحة.. ومعضلة الانتخابات تحدثتم عن الدور المصري في المصالحة الفلسطينية.. كيف تقيمون المصالحة وأهميتها في اللحظة الآنية هذه رغم كل العثرات التي مرت وتمر بها؟ أريد أن أؤكد مرة أخري أن المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس ستسرع من إقامة المنطقة التجارية الحرة.. ولكن تعريف الرئيس محمود عباس للمصالحة في آخر خطاب له في رام الله علي أنها هي الانتخابات.. فأنا أري أنه إعلان مباشر وغير مباشر للهروب من هذا الاستحقاق الفلسطيني خاصة عندما يتحدث الرئيس عن أنه لايوجد حوار إلا بعد الانتخابات فكيف يكون هناك مصالحة دون حوار.. فاتفاق المصالحة ليس الانتخابات إنما الانتخابات ملف من ستة ملفات موجودة. فقد التقت حركة حماس بعد إعلان الدوحة في القاهرة واتفقت مع محمود عباس علي ستة ملفات واعتمدت إعلان موقف رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل لكن تم التوافق مع عزام الأحمد أن الاتفاق فيه ملفات عديدة وهي رزمة واحدة تنفذ معا بما فيها انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.. ولكن عباس يريد أن ينتقي من هذه الملفات الستة ملف الانتخابات ويريد أن يضع العربة أمام الحصان.. ولكن فشلت إجراءاته في هذا الأمر وحماس لاتقبل هذا بأن تكون المصالحة هي الانتخابات.. لكن حماس تقبل أن تكون الملفات جميعا متوازنة معا وخاصة ملف منظمة التحرير وملف المعتقلين السياسيين. هناك حديث عن نية حماس إيفاد دبلوماسيين لها بالخارج.. ما حقيقة هذا الأمر؟ قال: هذا مطلب دعت إليه فصائل فلسطينية أخري وليس حماس فقط وهو مطلب لكسر احتكار منظمة التحرير الفلسطينية للعمل الدبلوماسي في الخارج.. ولكن الحقيقة أن هناك عدة مراكز بحثية في قطاع غزة تعطي دورات لتعليم النواحي السياسية منها العمل الدبلوماسي وهذا ما جعل البعض يعتقد ذلك.. لكن حتي الآن لاتوجد خطوات عملية في هذا الأمر.