إزالة تطبيقات قناة المنار التابعة لحزب الله من محرك البحث جوجل وهواتف أبل ليست الحادثة الأولي من نوعها ولن تكون الأخيرة طالما تهاجم وتنتقد إسرائيل وتكشف مخططاتها للسيطرة علي المنطقة العربية.. فقد نجحت المنظمات الصهيونية وعلي رأسهما رابطة مكافحة التشهير الأمريكية المناصرة لتل أبيب من تسخير الشبكة العنكبوتية ووسائل الاتصال الحديثة ومن قبلها الإعلام بكافة وسائله من تحقيق أطماعها وأغراضها الدنيئة من خلال الإرهاب الفكري والتضليل الإعلامي والتعتيم والتزوير وتكميم الأفواه كجزء من إدارتها للحرب السياسية والعسكرية علي المنطقة. محاولات جمة من قبل الكيان الصهيوني لتقليم أظافر الإعلام العربي والإسلامي أولا بأول حتي لا يفيق الوطن العربي من غيبوبته ويكشر عن أنيابه يوماً بمهاجمة إسرائيل وعرقلة مخططها وكسرها.. فما حدث مع قناة المنار اللبنانية بتضييق الخناق علي حرية بث تطبيقاتها علي الإنترنت والهواتف الذكية يبدو وكأنها مؤشرات قرع طبول الحرب في المنطقة لا مفر منها. فمثلما قامت تل أبيب بالتشويش علي إشارات القنوات السورية في اعتدائها علي دمشق عام 2003 أستطاعت بطريقة غير مباشرة بإخضاع "جوجل" و"أبل" لأوامرها وتوظيفهما في محاربة قناة "المنار" التابعة لحزب الله بمحو التطبيقين الخاصين بها من مخزني التطبيقات لديهما. وجاءت هذه الخطوة بعد رسائل وجهتها "رابطة مكافحة التشهير "ADL"الصهيونية. وأوضح متحدث باسم الرابطة أنها وجهت رسالة الشهر الماضي إلي شركة "أبل" وتمت إزالة التطبيق بعد أربعة أيام من استلام الشركة لها، وبالرغم من ذلك إلا أن التطبيق ظل متاحا لفترة قصيرة للأجهزة التي تعمل بنظام أندرويد. وقال مدير الرابطة أبراهام فوكسمان إن القناة هي الذراع الإعلامية لحزب الله الذي وصفه "بالإرهابي"، فهي مصدر للدعاية المناهضة لإسرائيل والولاياتالمتحدة ولرسائل الكراهية والعنف". وفي المقابل أعلن متحدث باسم "جوجل" عن إزالة التطبيق الخاص بالمنار أيضاً. ويشار إلي أن رابطة مكافحة التشهير، هي منظمة يهودية تتخذ من الولاياتالمتحدة مقراً لها، وتعمل علي رصد ما تنشره وسائل الإعلام عامة عن إسرائيل، وخاصة وسائل الإعلام في الدول العربية والإسلامية. وتصدر نشرات دورية بهذا الخصوص ترفعها إلي الساسة الأمريكيين ونواب الكونجرس. وكان الموقع الإلكتروني للمنار قد وفر تطبيقاً يتيح معرفة آخر أخبار القناة وإمكانية متابعتها مباشرة علي جوجل بلاي أو عبر تنزيل التطبيق الخاص بموقعها الموجود في مخزن أبل، والذي استمر لمدة يومين فقط من الإعلان عن الخدمة، قبل أن يتم إيقافه أيضاً بعدما حمله نحو 3500 خلال 48 ساعة. ولم تكن هذه المرة الأولي التي تتعرض لها المنار إلي هذه الحرب بل أنها تواجه هذه الحرب منذ سنوات، حتي أن إدارة موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك حذفت مراراً حسابات فتحتها القناة عليه، بحجة الترويج لمحتوي غير مناسب، والذي يعني العنصرية والإرهاب وهي الصورة التي تروجها واشنطن وتل أبيل عن حزب الله. كما منعت وزارة الخارجية الأمريكية، مدعية الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي، بث القناة في الولاياتالمتحدة بعد أن وضعت علي قائمة المنظمات الإرهابية في ديسمبر عام 2004 وفرضت قيودا علي بثها عبر الأقمار الاصطناعية في أوروبا وكانت فرنسا والدنمارك أولي الدول التي منعت البث. كما تم اختراق موقعها الإلكتروني عدة مرات، غير محاولات المنظمات الصهيونية علي شبكة التواصل الإجتماعي تويتر من إنشاء حسابات مزورة تحمل اسم القناة لترويج لأخبار عن الأحداث في سوريا ومنها انسحاب الجيش السوري. كما نشر شائعة إعلان حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الحداد علي مقتل الضباط السوريين في تفجير دمشق الشهير، وانتشر الخبر عبر الإنترنت، ما استدعي نفي الحزب لتلك الشائعة. ووفقاً لموقع القناة الرسمي علي الإنترنت، يقول أحد المسئولين عن إدارته بأن هذه الخطوة ليست مفاجأة بالنسبة إلي القائمين علي القناة، فهناك طرق بديلة لتنزيل تطبيق القناة الخاص بأجهزة أندرويد. ويضيف أن ذلك يندرج في سياق استمرار الضغوط والحرب التي تمارس عليهم وعلي الإعلام الذي يتصدي للكيان الصهيوني، نظراً لأن الحكومة الإسرائيلية ومن ثم المنظمات اليهودية تري إعلام "حزب الله" يشكل الخطر الأكبر بالنسبة إليهم، فقرروا محاربته من خلال تعطيل إعلامه الإلكتروني. وتملك إسرائيل وتسيطر علي الإعلام في أغلب دول العالم الذي نعيش فيه، هناك حرب مفتوحة لا حدود لها ولا ضوابط بين إسرائيل وبين الدول العربية فيها تستخدم كل الأسلحة. وخلال العام الماضي أعلن ناشطون علي الفيسبوك عزمهم ملاحقة شركة "جوجل" العالمية قضائياً بسبب تواطؤها مع إسرائيل من خلال تحريف ترجمة بعض الكلمات والمصطلحات المتعلقة بدولة الاحتلال. وتم كشف عدة محاولات لتزييف الترجمات عبر خدمة الترجمة الخاص بموقع "جوجل" الإلكتروني حيث عمدت إلي تحريف الترجمات المتعلقة بإسرائيل من اللغة الإنجليزية إلي العربية، فالتحريف في الترجمة يحدث فقط ما بين الترجمة من اللغة الإنجليزية إلي العربية وعندما يتعلق الأمر بوجود اسم إسرائيل، وإن تم وضع أي دولة أخري فستكون الترجمة صحيحة. وأطلق الناشطون الصفحة لحشد التأييد ضد ما أقدمت عليه "جوجل" وإرغامها علي التراجع والتمسك بمصداقية ومهنية الترجمة التي تقدمها من خلال محرك الترجمة. وبالفعل تراجع محرك البحث الشهير عن هذه التراجم بعد أن تم فضحه، ففي اليوم الثاني من تدشين الصفحة، فوجئ النشطاء بتعديل جوجل للتراجم مما أكد لهم قضية "تحريف الترجمة". ووفقاً لكتاب "الإعلام الإسرائيلي ذراع الجلاد" للكاتب باسل النيرب الذي يقول فيه إن التضليل الإعلامي من أعتي أدوات الدولة الإسرائيلية متضمناً كذباً مستمراً وبأساليب متعددة وبصيغ متباينة وبقوالب مختلفة تقنع حتي المتردد. ولهذا أنشأت إسرائيل قسم استخبارات التضليل الإعلامي فضلاً عن الدور الرئيسي لوسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة حيث تلتزم خطوطاً محددة في التعامل مع الخارج ضمن أجندة التضليل الإعلامي. ويقول بن جورين، أول رئيس وزراء لدولة إسرائيل، إن الإعلام أقام تل أبيب واستطاع أن يتحرك للحصول علي مشروعيتها الدولية، وأضاف أن الإسرائيليين يديرون أمورههم بثلاثة طرق عسكرياً، سياسياً وإعلامياً. وهذا ما تجلي عندما استعان الكيان الصهيوني بخبراء في مجال الانترنت من خلال جيش من المتخصصين في المدونات للدفاع عن إسرائيل وسياساتها وشن حربها الإلكترونية، مثل ما تفعله الآن مع إيران. وفقاً لمجلة التايم الأمريكية التي تري وجود حملة إعلامية منسقة من قبل الصحف العبرية لخلق الانطباع بأن إسرائيل تعد نفسها لبدء حرب ساخنة مع إيران في موعد ما خلال الأسابيع المقبلة، بغض النظر عن الاعتراضات من جانب الولاياتالمتحدة والدول الغربية الأخري، بل ومن جانب قسم كبير من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. فالتهديد بهجوم عسكري ضد إيران حاسم الأهمية لتخويف الإيرانيين ولحفز الأمريكيين والأوروبيين، كما أنه حاسم الأهمية أيضاً لحض الصينيين والروس. ولم يقتصر هذا الحظر والرقابة علي قناة المنار فقط بل هناك رصد وتحذير ومنع لكل ما يمس إسرائيل وحكومتها في الوطن العربي، فمن قبل ذكر تقرير لرابطة مكافحة التشهير أن الإشارات المعادية للسامية ازدادت في الصحافة العربية والإسلامية من خلال المقالات والرسوم الكاريكاتور. حتي الإعلام الأمريكي لم يكن بعيداً عن مرمي إسرائيل فأشهر الصحف اليومية والكثير من المجلات متحمسة جداً للدفاع عن إسرائيل، وإن نشرت مادة مخالفة أحياناً فإن الموالين لإسرائيل يمطرون الصحيفة بآلاف رسائل الاحتجاج. استفادت إسرائيل وبقوة من اللوبيات اليهودية في أمريكا وعلي رأسها "أيباك" متضمنة زيارات لإسرائيل للإطلاع علي الأوضاع "عن كثب" للشخصيات الأمريكية الهامة والمؤثرة.