العمل يجري الآن علي قدم وساق داخل الجمعية التأسيسية للدستور وهناك جهد مكثف ملحوظ من أعضاء الجمعية يتسم بالأداء الوطني من أجل صياغة دستور يليق بمصر في عهدها الجديد عهد ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. وبالرغم من العديد من التطورات المتلاحقة التي تشهدها الساحة السياسية في مصرنا المحروسة إلا أنني أعتقد أن التركيز علي صياغة دستور مصر الجديد لابد أن يكون في قمة أولويات العمل الوطني في الداخل حتي تمتلك مصر دستورا ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ويدعم تأسيس الصرح الديمقراطي الذي نريده مبنيا علي أسس قوية وصلبة. دستورا يحمي الحريات والحقوق لكل مواطن علي أرض مصر ويوضح أبعاد العلاقة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية دون أن تطغي أي منهما علي الأخري. ومن ثم يجب علي كافة القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني بمختلف أشكالها بذل كل الجهد من أجل إيضاح الصورة للمواطن البسيط فيما يتعلق بمواد الدستور التي يتم إعدادها الآن بما يؤدي إلي توجيه الرأي العام للاتجاه الصحيح بما يضمن التوصل إلي وضع دستور يحقق طموحات الشعب في إيجاد نظام ديمقراطي سليم يضمن الحريات للجميع ويصون مبادئ العدالة الاجتماعية. وقد أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بأنه يجب علي ممثلي الأمة وهم يكتبون دستورها أن يستشعروا خطورة المهمة وأن يكون في أذهانهم أن مهمتم لن تقتصر علي هذا الجيل بل لأجيال وأجيال وأن هذا الدستور لن يكون نبراسا لمصر وحدها بل للأمة العربية والإسلامية وعليهم أن يشاركوا في صنع دستور نباهي به أمم العالم ويرسخ قيم وأهداف وغايات الأمة العربية والإسلامية وفي ظل المناقشات الهامة وجلسات الاستماع المستمرة بجميع أطياف الشعب والتي تشهدها الجمعية التأسيسية للدستور حاليا نأمل أن يتمخض عن هذه الجهود المخلصة دستور يؤسس لجمهورية ديمقراطية تعددية تحترم حقوق الشعب وتصون حرياته ومن هنا تكون مصر قد وضعت قدميها بثبات علي الطريق الصحيح الذي يضمن للأجيال المتعاقبة العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية تلك المبادئ التي قامت عليها ثورة الخامس والعشرين من يناير وكلنا أمل وتفاؤل في أن تحقيق ذلك في القريب العاجل.