أحمد السقا وخالد النبوى فى »الديلر« أحمد السقا فنان تحار في أمره فعلا، فهو نجم شباك تراهن عليه شركات الإنتاج وتصنع له الأفلام خصيصا ، وعرض أحد أفلامه يجعل الموسم السينمائي يشتعل من المنافسه، الجمهور يحبه وينتظر أفلامه، ومع ذلك فهو لايقدم لهذا الجمهور إلا القليل جدا مما يملكه! كأنه يضن أو يبخل عليه بأفلام مبهرة وأدوار مختلفة، فكل مايقدمه السقا سبق له تقديمه، حتي لو إنك جربت أن تعمل مونتاجا لأفلامه ووضعتها في شريط سينمائي واحد، لن تجد أي نوع من الاختلاف! وكأنك تشاهد نفس الفيلم الذي بدأ من شورت وفانلة وكاب، وانتهي بالديلر! مرورا بمافيا، وحرب أطاليا وتيتو، إبراهيم الأبيض! لا أشك مطلقا في ذكاء السقا، ولكن ألم يلحظ أن كل من يظهر معه من الزملاء يتفوق عليه في التمثيل، بينما هو يفاخر ويظل يفاخر بقدرته علي القفز من أماكن مرتفعة، وهو الأمر الذي يجعله مثل أفراد الstunt أو لاعبي الحركات الخطرة في الأفلام، الذين لاتظهر وجوههم ولكن يقومون بدور البدلاء للممثلين المهمين، ولا أعرف إن كان السقا يحرص علي ثقافته الفنية، أم لا؟ ولكن من متابعة أعماله وأحاديثه التليفزيونية أوحواراته المنشورة في الصحف، أستطيع أن أؤكد أنه غير حريص بالمرة علي مشاهدة الأفلام الأجنبية المهمة، وقد صادف وجوده في مهرجان كان أكثر من مرة، عندما كانت شركة جود نيوز تصطحب مجموعة من النجوم، لعرض بعض أفلامها في سوق المهرجان، وكنت ألحظ أن السقا يكتفي بالنزهة وكأنه في رحلة سياحية ولم يفكر يوما في مشاهدة أي من أفلام المهرجان! ليعرف كيف يفكر الآخرون؟ ويبدو أنه لايقدر قيمة الثقافة في حياة الفنان، تلك الثقافة التي رفعت من شأن عمرو واكد، وخالد النبوي، خالد أبو النجا، آسر ياسين ، وقبلهما محمود حميدة الذي أعتبره صاحب أهم موهبة ظهرت خلال ربع القرن الأخير! وقد يعتقد السقا أو غيره من النجوم الذين لايقيمون أي وزن لقيمة البحث والدراسة الدائمة لأحوال السينما في العالم. وفي أحدث أفلام السقا "الديلر"سوف تلحظ أن بداية الأحداث تذكرك بأفلام أخري قدمها هو نفسه أكثر من مرة، طفل صغير من بيئة شعبية متواضعة، يصارع بعض رفاقه، ويجري هاربا من مطاردتهم، في الحواري والأزقة الضيقة، ويقفز فوق الأسطح، ثم فجأه تجد أمامك أحمد السقا، يكمل المشهد وهو لايزال يجري، مما يوحي أنه عاش عمره مطاردا، وفي الديلر يقوم أحمد السقا بدور الراوي أو المعلق NARATTOR ليؤكد من أول كادر في الفيلم أنه وصديقه وابن حتته ،"علي " تجمعهما مشاعر الكراهية منذ الطفولة، لأنهما يتصارعان علي حب "سماح" التي كانت تميل الي "يوسف" وهو يعيش مع والده "صبري عبد المنعم" الذي يعنفه دائما ويقسو عليه ،ويتهمه بالفشل والصياعة، وتحاول شقيقته "منة فضالي" أن تخفف عنه هي وشقيقة أخري، ولكن يوسف يقرر السفر للخارج بحثا عن فرصه عمل، غير أن صديقه علي يقوم بالإبلاغ عنه، ليتم ضبطه في شقه تدار للعب القمار، ويسافر علي أو خالد النبوي الي أوكرانيا مع "سماح" أو مي سليم، التي كانت تعمل راقصة في إحدي فرق الفنون الشعبية! ويتزوجها هناك، بعد أن أنجب منها ابنهما مصطفي، وتقع سماح في دائرة الإدمان، ويستغلها علي أقصي درجات الاستغلال، ليحقق بها بعض المكاسب، ويستخدم "علي" ذكاءه وحيلته في التقرب لأحد رجال المافيا، ليصبح بعد فتره وجيزة ساعده الأيمن الذي يعتمد عليه في تصريف الأمور، أما يوسف "السقا"فبعد خروجه من السجن، يسعي للسفر للخارج، وتقوده أحلامه إلي تركيا، ولايجد أمامه إلا بعض الاعمال الخطرة، ليكسب قوته، ويتعرف علي شاب عربي "نضال الشافعي" يفتح له بعض الأبواب المغلقة، في عالم تجارة المخدرات! وبعد مرور سنوات يصل فيها خالد النبوي إلي مكانة متميزة في المجتمع الأوكراني، بعد أن يقوم بتطليق سماح"مي سليم" والاحتفاظ بابنه منها، ثم يتزوج ابنة أحد الوزراء ويصل طموحه إلي حد ، ترشيح نفسه للبرلمان، ويلتقي يوسف بالمصادفة بحبيبته السابقه سماح، في إحدي صالات الاستربتيز، ويصدمه الحال الذي وصلت اليه، ويقرر أن يتزوجها ! طبعا لابد أن نتوقع لقاء ثأريا بين الصديقين اللدودين السقا والنبوي، ويحدث هذا فعلا بعد أن تقوم إحدي الجهات باختطاف ابن خالد النبوي وطلب فدية، ويتدخل السقا لاسترجاع الطفل بلاخسائر، وتحدث معركة يتطاير خلالها الرصاص ، ويقع النبوي صريعا "في مشهد سيئ لايظهر فيه أي بقعه دم "ويوصي السقا برعاية ابنه، أما السقا فيعود لزوجته سماح التي كانت تعاني آلام الوضع،ليجدها قد ماتت وأنجبت له طفلا ،فيعود بالطفلين إلي حضن مصر! وكان "نضال الشافعي" إحدي مفاجآت "الديلر" في شخصية الشاب العربي الذي يتاجر في المخدرات وتحيط به المخاطر من كل جانب،ولكنه رغم ذلك يعمل علي حماية صديقه المصري "يوسف" ، "مي سليم" في ظهورها الأول علي شاشة السينما تتمتع بأداء تلقائي وحضور يمكن استغلاله في أدوار قادمة، أما خالد النبوي فقد كان نقطة الاشعاع في الفيلم بقدرته المتفردة علي التلون والابتكار والتقمص.