سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هتاف الصامتين.. أمام أبواب القصر طوابير المهمشين أمام ديوان المظالم في انتظار استجابة الرئيس
مجانين مبارك يطلبون الحماية.. ثالوث الفقر في مقدمة الشكاوي
رجل شرطة يتسلم شكاوى البسطاء ديوان المظالم...اسم قفز من كتب التاريخ إلي واقع حياتنا المعاصرة، بعد أن قرر الرئيس المنتخب محمد مرسي إعادة هذا الديوان إلي الحياة ليحل مشاكل المصريين ويستجيب من خلاله لآلامهم وأحلامهم. الديوان تلقي مئات الشكاوي التي عكست الواقع المتردي للمصريين بعد ثلاثين سنة من حكم نظام المخلوع حسني مبارك، أفقر خلالها المصريين، وجعل أقصي أمانيهم كسرة خبز ومأوي يحمي البدن من تقلبات السماء. التجربة جديدة علي المعاصرين من أبناء الشعب المصري، لذلك حفلت الشكاوي المقدمة إلي الرئيس الجديد بكل ما هو طريف، بعض الشكاوي إنسانية الطابع تحمل شكاوي خصوصية تتكرر في شعب تم إفقاره، المأكل والملبس والمسكن الثالوث الضائع من المهمشين والبسطاء منذ عقود، حلمهم أن يستجيب (مرسي) ويصبح "فتوة الناس الغلابة" هكذا عبروا علي لسان أحد المتظلمين، وأعينهم مسلطة علي أبواب قصر عابدين، لكي يفتح لهم رجل الشرطة الموكل بمهمة تلقي الشكاوي. "ربنا يكفيك شر حاكم ظالم"... هكذا قالت أم رحمة إحدي المواطنات المصريات اللاتي وقفن أمام أبواب قصر عابدين، لترفع مظلمتها إلي الرئيس المصري محمد مرسي عبر ديوان المظالم، الذي استحدث مؤخرا، لتلقي شكاوي المصريين وآمالهم أيضا. أم رحمة سيدة أربعينية، الفقر يضيف سنوات عديدة لملامح وجهها العابس، بعد ضياع المسكن وغياب وظيفة تستر عورة الفقر، بدموع منهمرة قالت ل"آخر ساعة" إنها تتوجه بمظلمتها إلي الرئيس مرسي، لحل مشكلتها المستعصية فهي مطلقة وأم ل3 أبناء، طُردت من مسكنها لعدم قدرتها علي دفع الإيجار، وتطالب بوظيفة ومسكن. أم رحمة، نموذج لعشرات من المصريين اصطفوا أمام القصور الرئاسية، منذ الثامنة صباحا موعد فتح باب ديوان المظالم، لتقديم شكواهم ومطالبهم للموظفين المسئولين في مؤسسة الرئاسة لعرضها علي الرئيس المنتخب، وكان لافتا تعاون رجال الشرطة مع المواطنين ومحاولتهم تنظيم الحشود المتعلقة بالأمل قبل غلق ديوان المظالم في تمام الثالثة عصرا. غير بعيد عن (أم رحمة)، وجدنا شكوي جماعية لعمال أحد المصانع بمدينة العاشر من رمضان، تحدث بالنيابة عنهم ل(آخر ساعة) باسم محمد شاهين، الذي قال: تقدمنا بشكوي جماعية إلي سيادة الرئيس محمد مرسي لأننا تعرضنا إلي ظلم بين، بعد أن قام صاحب المصنع بتسريح أكثر من 002 عامل دفعة واحدة دون سابق إنذار، وفجأة وجدنا أنفسنا جميعا في الشارع بلا عمل. هنا تدخل زميله مصطفي حلمي في الحوار قائلا: أكل عرق جبينا، ولم يدفع لنا مرتب آخر شهر وبقية مستحقاتنا، وجئنا إلي القاهرة لرفع شكوي لسيادة الرئيس لينصفنا ممن ظلمنا. في منتصف الحديقة أمام قصر عابدين، وجدنا السيدة سحر قللي التي روت مشكلتها قائلة:" ابني تعرض لإطلاق طلق ناري من قبل إحدي العائلات، وعندما تقدمنا ببلاغ لحفظ حق ابني، لفقوا تهمة لابني الأخر، ويساومونني من أجل التنازل عن حقنا، فلم أجد إلا الريس يجيب لنا حقنا". محمد محيي الدين أحد مصابي ثورة 52 يناير، الذي حكي مأساته قائلا "لا أري إلا بعين واحد، بعد أن أصبت من قناصة الداخلية في 82 يناير 1102 وكل ما حصلت عليه شهادة تكريم ونيشان". وعندما رفضت الوزارات المختلفة تعيينه علي الرغم من قرار رئيس الحكومة، لم يجد محيي الدين إلا الرئيس مرسي باعتبار (إحنا من اخترناه) علي حد تعبيره، ليتوجه إليه بمظلمته. مجانين مبارك بعيدا عن المشاكل التي يعاني منها المصريون عموما، وجدنا مجموعة منتشرة بين صفوف الشكائين، يمثلون نوعية أخري، يدعون أنهم ممن تعرضوا للظلم من قبل النظام السابق، وأن الرئيس المخلوع مبارك ترصدهم وتعرض لهم بكل سوء، وجعل حياتهم جحيما لا يطاق ولا يحتمل. علي السيوطي أحد هؤلاء، يدعي أنه من ضحايا حسني مبارك الذي لم يجد وسيلة للتنكيل به إلا استخدمها ضده، فهو يقول: "مبارك كان يخاف مني ويخشاني لذلك أدخلني المعتقل وتعرضت لصنوف التعذيب في سجون مبارك، وعندما خرجت من المعتقل منذ عشر سنوات وأنا أقوم بمحاولات للاختفاء وغيرت اسمي ومقر سكني أكثر من مرة حتي لا يجدني رجال مبارك. وعندما سألناه عن طبيعة العلاقة التي تربطه بمبارك وجعلت الأخير يترصده طوال هذه السنين قال: "لن أكشف عما لدي إلا أمام الرئيس محمد مرسي". عندما توجهنا لأخيه المرافق له، اتضح لنا أنه لا يدعي علي الغتيت وإنما محمد فهمي وأنه يعاني من اضطرابات نفسية منذ أن تعرض للرفض من إحدي المؤسسات الحكومية مطلع التسعينيات ومنذ هذه الفترة وهو يناصب مبارك العداء بعد أن أرسل شكاوي إلي القصر الرئاسي للبت في أمره وإعادته إلي وظيفته، إلا أن شكاواه تم تجاهلها وهو ما سبب أزمة نفسية له لم يستطع الفكاك منها حتي الآن، ولم يجد إلا أن يتوجه إلي ديوان المظالم بقصر عابدين. قصر عابدين، الذي كان يوما مقرا لحكام مصر من أسرة محمد علي، علي مدار 57 عاما تقريبا كان خلالها عنوانا للفخامة، حاصرته جموع البسطاء والمهمشين يحملون أخطاء نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي أفقرهم علي ظهورهم يكتبون بدموعهم شكاواهم، التي تستعيد تراث شكاوي الفلاح الفصيح والعرضحالات، تحمل الكثير من الرجاء، معبرة عن تعلقها بالرئيس الجديد والأمل أن يخفف عليهم عذاب الفقر. هناك تجد الشكاوي علي كل لون ومن مختلف أبناء الشعب المصري فهناك الأمي الذي لم يجد إلا الرئيس ليعطيه قطعة أرض يزرعها، وبجواره الشاب الجامعي الذي عاني لسنوات من البطالة، ومجموعة من عمال أحد المصانع الذين قام مالكه بفصلهم فصلا تعسفيا، مرورا بالأم التي تبكي محاولات رجال الشرطة لإجبارها علي التنازل عن حق ابنها الذي تعرض لإطلاق نار من قبل شرطي، وليس انتهاء بأم نجاح التي تعيش في "كوخ خشبي" بعد أن تهدم بيتها في زلزال 2991م، ولم تعوضها الجهات المسئولة إلا الكلام. ديوان المظالم ليس جديدا علي التاريخ الإسلامي، الذي عرفه منذ أيام الحكومة النبوية مرورا بالخلفاء الذين تولي بعضهم هذا المنصب، وهناك ديوان للمظالم في العديد من البلاد العربية كالسعودية والأردن والمغرب. وعرفت مصر المعاصرة ديوان المظالم في مطلع عهد الرئيس السابق أنور السادات، إلا أنه تواري بعد قليل واختفي من علي سطح الأحداث ليعود من جديد مع الرئيس مرسي، الذي أقر آلية العمل به الأسبوع الماضي، عله يرفع الكثير من الظلم الذي أثقل ظهر المصريين.