انتهي الفصل الأول من درس الديمقراطية المصرية.. ثار الشعب فأسقط النظام، انتصرت إرادة المصريين وانهت 60 عاماً من الحكم العسكري، أبهر شعب مصر العظيم العالم كله، وأتي بأول رئيس مدني منتخب، إلي هنا انتهي الفصل الأول من درس الديمقراطية بكتابة كلمة النهاية لعهد ولي بلا رجعة، وكتب المواطنون كلمة البداية لعهد جديد، يتطلعون فيه لتحقيق أحلامهم المسروقة طوال العقود الماضية. يبدأ الفصل الثاني من درس الديمقراطية بإتاحة الفرصة للرئيس الجديد، الدكتور محمد مرسي لينفذ برامجه ويحقق للشعب وعوده التي أطلقها له. 100 يوم هي عمر البرنامج الانتخابي قصير المدي الذي أعلن مرسي عن تنفيذه، من الآن سيبدأ المصريون في العد التنازلي لها سينتظرون لنهايتها حتي يحاسبوا رئيسهم المنتخب علي ما حققه فيها، وما لم يحققه. امتحان صعب ذلك الذي سيدخله الرئيس الجديد، فالمطبات وعرة، والطريق غير ممهد، والأسئلة ربما يكون أغلبها من خارج المقرر، والوقت ضيق للغاية، بيد أن ثقة الشعب في رئيسه الجديد التي منحها له عبر صناديق الانتخابات ستكون هي الحافز الأكبر لنجاح الدكتور مرسي في امتحان ال100 يوم الصعب. مليارات الجنيهات علي الرئيس مرسي أن يدبرها من ميزانية الدولة، كي يحقق أهداف برنامجه كاملة، وهو ما دعا وزارة المالية علي لسان وزيرها الدكتور ممتاز السعيد تعلن أن خطة ال100 يوم للحملة الرئاسية للدكتور محمد مرسي الذي شرع في تنفيذها سيوضع لها جدول زمني ومحاور للتطبيق وآليات للعمل من قبل مؤسسة الرئاسة، وستتحمل الموازنات الداخلية للقطاعات والجهات الرسمية المعنية بمحاور الخطة، كوزارة الداخلية والأحياء والمحافظات ووزارة التموين والتجارة الداخلية التكاليف المالية لهذه الخطة من اعتمادات موازنات كل منها للعام المالي الجديد 2012 - 2013 كما استعدت وزارة المالية كذلك لتحمل أية تكاليف مالية إضافية إذا طلب منها ذلك، بما لا يخل بالتوازنات المالية الخاصة بالموازنة العامة للدولة. وترتكز أهم بنود برنامج ال100 يوم للرئيس مرسي، علي تحقيق طفرة في تقديم رغيف الخبز للمواطنين، وعلي دعم وتقوية المخابز الكبيرة المجمعة واعتبارها المساند الرئيسي في وقت الأزمات، ورفع الإنتاجية والقيمة الغذائية لدقيق الخبز وزيادة مكافأة الخبازين، وفي جانب الوقود تركز علي إيصال أنابيب البوتاجاز للمواطنين في بيوتهم بالتنسيق بين الجمعيات الأهلية والتموين والمحافظة. 20 مليار جنيه من الناحية الاقتصادية يري الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية أن خطة ال100 يوم التي أعلنها الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية تحتاج إلي ما لا يقل عن 20 مليار جنيه بشكل مبدئي، وخاصة لتحقيق الشق الخاص بالوقود والخبز، منوهاً إلي أن الوعود الانتخابية تختلف عن وضع خطط معينة لتنفيذها فيجب علي الرئيس مرسي توضيح الخطط قصيرة الأجل لتنفيذ هذه الوعود، لافتاً إلي أهمية توضيح الضوابط والمعايير التي يحقق بها هذه الخطط. وأكد السيد أن الرئيس سيكون في أزمة إلي حد ما لتحقيق هذه الوعود بسبب العجز الموجود حالياً في الموازنة فيمكن أن يلجأ إلي الاقتراض الداخلي أو الخارجي، خاصة أن موازنة العام الجديد سيقوم المجلس العسكري باعتمادها. وأشار إلي أن برنامج الدكتور محمد مرسي الرئيس الجديد في تحقيق تنمية اجتماعية خلال 100 يوم عن طريق حل مشكلات المرور والقمامة وأسطوانات البوتاجاز والخبز من الممكن تحقيقه فعليا خلال تلك الفترة وربما فترة أقل بكثير من المائة يوم. فيما أكد عدد من أعضاء مجلس الشعب المنحل والخبراء الاقتصاديين أن عدم مناقشة مجلس الشعب للموازنة العامة التي تعد العمود الفقري للدولة المصرية خلال المرحلة المقبلة أشد وأخطر الألغام وأصعبها في طريق الإصلاح لرئيس الجمهورية والحكومة الجديدة وطالبوا المجلس العسكري باعتماد الموازنة القديمة حتي يأتي البرلمان ويقر الموازنة الجديدة وحذروا من وجود العديد من الألغام أمام الرئيس والحكومة الجديدة في الموازنة منها تقليل الدعم بمقدار 25 مليار جنيه وعدم وجود اعتمادات مالية لتثبيت العمالة المؤقتة وزيادة الإنفاق وعدم ترشيده. وأجمع النواب علي أن الموازنة لا تعبر عن طموحات الشعب، وما زالت يشوبها استنزاف موارد الدولة في صورة صرف المكافآت والحوافز علي مجموعة من القيادات داخل الوزارات تزيد علي 18 مليار جنيه بخلاف ما يتقاضونه من مرتبات. وأكدوا أن حل مجلس الشعب سيضع الخطة الاستثمارية والاقتصادية للبلاد في مأزق من الصعب لأي رئيس مهما كانت لديه الخبرات في مجال السياسة المالية والاقتصادية أن يقود مصر بهذه الموازنة المترهلة. لغم الموازنة النائب أشرف بدر الدين وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب المنحل، أكد أن الموازنة العامة للدولة هي أهم وثيقة يناقشها البرلمان بما لها من آثار علي الأوضاع الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بالبطالة وتخفيضها ومعدلات الاستثمار وخفض العجز في الدين العام، وترشيد الإنفاق الحكومي وزيادة كفاءة الجهاز الحكومي، وطالب بأن يتم العمل بموازنة 2012/2011 لحين إقرار مجلس الشعب الموازنة بشكلها الجديد، كما كان متبعاً من قبل وفقاً لدستور 71 وكشف بدر الدين عن أن الموازنة التي قدمتها الحكومة للمجلس وبدأت لجنة الخطة في مناقشتها علي مدار 11 اجتماعاً بها قيود شديدة علي أداء الحكومة والرئيس الجديد لأن العجز بها كبير، كما تم خفض الدعم بها 25 مليار جنيه دون تقديم برنامج لتعويض هذا الخفض فهل سيكون علي حساب رفع أسعار البنزين والسولار والمازوت، خاصة أن الاستهلاك سيزيد نتيجة الاستثمارات وزيادة عدد السكان. وأشار إلي أنه إذا حاول الرئيس أن يقلل هذا الخفض لن يجد اعتمادات مالية وبالتالي سيكون أمام خيارين، إما أن ترتفع الأسعار أو يزيد العجز في الموازنة، موضحاً أن الاستثمارات العامة تم رفعها من 28 ملياراً إلي 43 مليار جنيه دون تحديد تكلفة تمويل هذه الاستثمارات. وشدد بدر الدين علي أن الموازنة المقدمة من الهيئات الاقتصادية تحقق خسائر 1.8 مليار جنيه رغم أن بها استثمارات ب600 مليار جنيه، ورغم أنها كانت محققة أرباحا العام الماضي2.8 مليار جنيه، وهو ما يعني أن خسائر تلك الهيئات 4.6 مليار جنيه، وأشار إلي موضوع العدالة الاجتماعية في الموازنة منوهاً إلي أنه غير واضح من حيث زيادة معاش الضمان الاجتماعي وتحقيق حد أدني للأجور، كما تبين أن تثبيت العمالة المؤقتة ليس لها اعتمادات مالية، وهو أمر سيكون عائقاً أمام الرئيس الجديد والحكومة. وقال إن قانون الموازنة في 2005 ألزم الحكومة بأن تتحول الموازنة إلي موازنة برامج وأداء وليست موازنة بنود، لافتاً إلي أن القانون لم ينفذ وتم تقديم الموازنة كبنود بحيث لا نستطيع تقييم برامج الموازنة، وأشار وكيل لجنة الخطة إلي أن هناك بنود إنفاق وبذخاً في الموازنة كانت اللجنة ستقوم بترشيدها، لافتاً إلي أنهم وجدوا مثلاً في ميزانية وزارة المالية ما تم تخصيصه لشراء سلع وخدمات كانت بمبلغ 30 مليون جنيه. من ناحيته أكد النائب صبري عامر رئيس لجنة النقل والمواصلات بالمجلس المنحل، أن اللجنة قامت بزيادة اعتمادات صيانة الطرق إلي 400 مليون، حيث كان مخصصاً لها في الموازنة مليون جنيه فقط، مشيراً إلي أن هناك ديوناً علي هيئة النقل للشركات، وحذر عامر من أن عدم تدبير أموال لصيانة الطرق سيؤدي إلي إهمال الطرق، وتصبح في حاجة إلي إعادة إنشاء من جديد، وأشار عامر إلي أن نفس الأمر ينطبق علي طريق (القاهرة - إسكندرية الصحراوي) الذي يحتاج إلي 500 مليون جنيه لاستكماله، ولم يتم إدراج أية اعتمادات مالية في الموازنة لإتمام باقي الطريق، مما يمثل إهداراً للمال العام، حيث يتعرض الطريق في حالة عدم استكماله إلي إعادة عرض تنفيذه بأسعار جديدة. أزمة السياحة علي صعيد المجال السياحي، أكد عادل زكي رئيس لجنة السياحة الخارجية بغرفة شركات السياحة، أن منظمي الرحلات الأجانب ما زالوا يتعاملون مع المقصد السياحي المصري بحذر نتيجة الضبابية التي يعيشها الشارع المصري في هذه المرحلة واستمرار المظاهرات في ميدان التحرير، مؤكداً أن السياح الأجانب لم يعيروا اهتماماً أو أي مخاوف من نجاح الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين، فالاستقرار الأمني هو العامل الرئيسي لعودة السياحة مرة أخري. وقال زكي: " إنه من حسن الحظ أننا في الموسم السياحي الصيفي الذي يقل فيه الإقبال من قبل السائحين الأوروبيين علي القدوم إلي مصر، ولكن إذا استمرت هذه الاضطرابات السياسية حتي منتصف شهر أغسطس المقبل، فإننا يمكن أن نفقد جزءاً كبيراً من حجوزات الموسم الشتوي"، وطالب زكي من رئيس مصر الجديد، أن يرسل رسائل طمأنة للعالم الخارجي، موضحاً أن هذه الرسائل يجب أن تتضمن الالتزام بعدم فرض أي قيود علي السائح، وخططه للنهوض بالقطاع السياحي والاهتمام بالبنية التحتية والاهتمام بالتسويق. فيما اتهم النائب صابر أبوالفتوح رئيس لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب المنحل، حكومة الجنزوري بالاتفاق مع المجلس العسكري علي تدبير مؤامرة من خلال قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة بحل مجلس الشعب الذي لم يستكمل مناقشة الموازنة العامة للدولة لتمريرها دون كشف أوجه الفساد، وبيان عجز الموازنة الذي يقدر ب135 مليار جنيه، وقال إنه خلال مناقشة لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب للموازنة تم اكتشاف بند للمكافآت يتخطي طبيعة الأجور في الدولة، بالإضافة إلي بند آخر تحت مسمي "مكافآت أخري" تقدر ب18 مليار جنيه، وعندما تم سؤال وزير المالية والمسئولين بوزارة التخطيط أكدوا عدم علمهم بهذه البنود، فكانت المفاجأة صدور توصية من الخطة والموازنة بإلغاء هذه البنود وإضافة هذه المبالغ إلي الموازنة. وطالب أبوالفتوح المجلس العسكري بتحرير الموازنة العامة التي تصل إلي 635 مليار جنيه، ويبلغ العجز بها 135 مليار جنيه وإعادتها مرة أخري إلي الحكومة لتعديلها وفقاً للظروف التي تمر بها البلاد خلال الفترة الحالية، كاشفاً عن أن الموازنة العامة للدولة تعد أحد الألغام الرئيسية التي تواجه الرئيس الدكتور محمد مرسي خلال الفترة المقبلة، وبالتالي فعليه أن يأخذ قراراً سريعاً بإعادة مناقشة الموازنة إلي مجلس الشعب بالإضافة إلي محاكمة الفاسدين والمتهمين بإهدار المال العام. الملف الأمني وفيما يخص وعود الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي حول الملف الأمني واستعادته خلال المائة يوم الأولي من توليه منصبه، قال الخبير الأمني اللواء حسام لاشين، إن الملف الأمني أخطر الملفات، لأنه أساس الاستقرار في كافة القطاعات والنواحي الأخري في المجتمع، مشيراً إلي أنه خلال 100 يوم من الممكن إعادة الانضباط المروري، لكن باقي أفرع الشرطة الأخري، سواء من الأمن العام والوطني وباقي القطاعات فالأمر يحتاج للعديد من الوقت، خاصة لتعرض العاملين بجهاز الشرطة لانتكاسة نفسية حادة منذ أحداث الثورة وحتي الآن، فهم محتاجون للشعور بالثقة وعدم الإهانة، حيث تعرضوا لاستشهاد ما يقرب من 36 ضابطاً وإصابة 240 ضابطاً وفرداً خلال الفترة الماضية، مما أثر عليهم بالسلب. وأوضح لاشين أنه لابد علي الرئيس عقد لقاء مع أفراد الأمن وإعطائهم دفعة نفسية بحاجتنا إليهم، لأن دورهم قومي وضروري الي جانب حل مشاكلهم في حدود إمكانات الدولة بما له من مردود إيجابي علي أجهزة الأمن والتقدير لمجهودهم، مؤكداً أن الشرطة خسرت مركبات كثيرة في أحداث الثورة ويجب تعويضهم عن ذلك وإمدادهم بالذخيرة وزيادة أعداد القوات والمركبات، لأن الشارع المصري في أقصي حالات انفلاته وسط الانتشار المكثف للأسلحة، كما شدد لاشين علي ضرورة الاهتمام بالحدود، خاصة الغربية وتشكيل فرق بحث من الأمن الوطني والمخابرات العامة والأمن العام لضبط الأسلحة المهربة من ليبيا. وأكد الخبير الأمني علي ضرورة إعادة هيكلة جهاز الأمن الوطني، لأنه لا توجد دولة في العالم تستغني عن جهاز الأمن الوطني، ويجب التركيز علي المخاطر التي تتعرض لها البلاد والبحث عما يهم مصر، لأن أمن الدولة القديم انتهي، مطالباً الرئيس بأن يضع في أوائل اهتماماته جهاز الأمن ووجود جهاز أمن وطني قوي لحفظ الأمن في البلاد. الناشط السياسي ووكيل الحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاءالدين شعبان، عبر عن عدم تفاؤله بإمكانية أن يحقق الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية خلال 100 يوم، كل ما وعد به لحل مشاكل مصر بسبب ظروفها السياسية الحالية، مشيراً إلي أن المجتمع المصري مشاكله متراكمة وعميقة، ولم يعد ينفع فيها التخدير. شعبان أكد علي أن الحديث عن مؤسسة للرئاسة تجمع مختلف التيارات وكذلك حكومة ائتلافية ليس هو التحدي بل التحدي في الجمعية التأسيسية، لأنها هي التي ستحدد مستقبل مصر، وأن إصرار التيارات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين علي الاستحواذ عليها ليس أمرا مبشرا بل مؤشر سلبي، وإصرارهم علي تكرار أخطائهم في الجمعية التأسيسية الثانية يعني أنه لا يوجد أمل، خاصة أن مرسي ينتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين فكراً وتنظيماً، قائلاً: "تجربتي مع الإخوان أنهم لا يصدقون، فجماعة الإخوان المسلمين قدمت نموذجاً لنقض العهود، ولكن أتمني أن يتغير ذلك". المرأة والأقباط وعن تمثيل الأقباط والمرأة في مؤسسة الرئاسة، أكد أنه يجب ألا يكونوا مجرد أفراد موجودين في قمة السلطة، بل إن الثقافة المتعلقة بالمرأة والأقباط تم تشويهها من جانب تيارات الإسلام السياسي، وعلي رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، وأن الكرة ليست في ملعب الرئيس، بل في ملعب المرأة التي عليها أن تنظم صفوفها، وتقاتل من أجل حقوقها، وعلي شباب الأقباط الخروج من عباءة الكنيسة، وأن ينتزعوا حقوقهم الأصيلة كمواطنين مصريين، وقال:"لابد أن نكون يقظين حتي لا تدار مصر من مكتب المرشد، ولو صدق الإخوان في عهودهم سأكون أول واحد يطلق لحيته ويرتدي جلباباً ويقف في صفوفهم".