يبدو أننا مازلنا في حاجة لشرح الفرق بين الفيلم الكوميدي، والتهريج والسخافة!! ولما يكون الشرح موجها لفنانين لهم تاريخ بتبقي الحكاية "عيبة قوي"، الكوميديا لاتحتاج من الممثل أن يقوم بشقلبظات ويقلب سحنته، أو يغير من خلقته كي يثير الضحك! الحكاية أبسط وأرقي من كده بكتير قوي، ولو عايز تتعلم الفرق »بين الكوميديا والتهريج، اتفرج علي فيلم مراتي مدير عام« مثلا الذي لعبت بطولته فنانتنا العظيمة شادية، مش برضه كان فيلم لطيف ومرح ويثير الضحك؟ ولو مش عاجبك هذا الفيلم ارجع لخمسين سنة فاتوا وشاهد فيلم »الأستاذة فاطمة« لسيدة الشاشة فاتن حمامة، أعتقد أنه يحمل كل مقومات الفيلم الكوميدي الجيد، وممكن أعطيك قائمة طويلة جدا لأفلام مصرية كوميدية تلعب بطولتها امرأة، سواء كانت تلك المرأة زينات صدقي أو ماري منيب، أو سعاد حسني وشادية وفاتن حمامة، وغيرهن من أهم نجمات السينما المصرية! الكلام موجه ليسرا، فنانتنا الجميلة التي نعرف قيمتها، أكثر من معرفتها هي شخصيا لهذه القيمة! وكنا قد تصورنا أنها سوف تعيد حساباتها أكثر من مرة بعد تورطها المشين في فيلم »بوبوس«، ولكن يبدو أن الدرس لم يكن كافيا، لتدرك أن مثلها لايليق به أن يلعب في هذه المنطقة، بهذه الأدوات التي يمكن أن نغض الطرف عنها لو خرجت من »بدرية طلبة« بتاعة فيريجينا الأرملة اللعوب اللي جاية في أي مصلحة! لكن صعب قوي قوي نقبله من يسرا. فيلم جيم أوفر، هو نسخة مشوهة رديئة وبذيئة للفيلم الأمريكيMONSTER In low" الذي لعبت بطولته جين فوندا، وجينيفر لوبيز، والغريب ولو إنه مش غريب قوي،أن جين فوندا قدمت دورها في هذا الفيلم بمنتهي الوقار، والشياكة، ولم يحتج الأمر منها لارتداء ملابس غريبة، ولاصفع الناس علي وجوههم وأقفيتهم أو ضربهم بالشلاليت، الأمر لم يحتج منها لكل هذا، كل الحكاية إنها فهمت الشخصية وعاشت الحالة، سيدة في منتصف العمر، كان لها صولات وجولات في مجال التليفزيون، منحت عمرها لعملها ولم تعبأ كثيرا برعاية ابنها الوحيد، الذي صار شابا يافعا، ولكنها تشعر فجأه أنها في حاجة إلي حبه، بعد أن فقدت عملها، الذي كان يشغل معظم وقتها، ولكن في الوقت الذي تعتقد فيه أنها يمكن أن تنعم بحب ابنها الوحيد، تكتشف أنه قرر الارتباط بفتاة جميلة وبسيطة، ويجن جنون المرأة وتحاول أن تبعد الفتاة بأي شكل وتناصبها العداء، إلي أن تكتشف في النهاية أن أسلوبها هذا ينم عن أنانية مفرطة وأن موقفها سوف يتسبب في عذاب ابنها الذي كان قد ارتبط عاطفيا بفتاته، لدرجة تجعله لايطيق فراقها! الاقتباس فن لايجيده إلا فنان مبدع، لديه رؤية وقدرة علي الابتكار، وإذا سلمنا بأن تاريخ السينما المصرية، نصفه علي الأقل أفلام مقتبسة عن أخري أمريكية أو إيطالية أو فرنسية، فيجب أن نعترف بالجهد الذي بذله بعض من قاموا بالاقتباس، وسوف تندهش أحيانا عندما تتأكد أن بعض هذه الأفلام كان أفضل كثيرا من الأصول المأخوذ عنها! أو علي الأقل لايقل عنها إبداعا، فأنا أحب فيلم »يوم من عمري« لعبدالحليم بنفس درجة حبي للفيلم الأمريكي »إجازة في روما« لأودري هيبورن وجريجوري بيك، ولكني لا أحب فيلم »ليلة شتاء دافئة« بنفس القدر، والثلاثة لهم أصل واحد، وأحب ايرما لادوس« لشيرلي ماكلين، أضعاف ما أحب فيلم »خمسة باب« لنادية الجندي واعتقد أن من قام بعملية الاقتباس أساء كثيرا إلي الأصل، والحمد لله ربنا وكسه والفيلم حقق خسارة هائلة! المهم أن الاقتباس ليس سيئا في عمومه، بشرط أن يكون هناك قدرة من كاتب السيناريو والمخرج علي إضافة لمحات مناسبة، تتفق مع طبيعة المجتمع المصري، ولاتخل بمنطق الفيلم! وطبعا لسنا بحاجة لأن نؤكد أن هناك فروقا كبيرة بين الاقتباس والسرقة، فالسرقة أن تسرق مشاهد بحالها وتضعها في فيلمك دون حتي أن تفكر في تغيير زاوية التصوير، أو أن تأخذ من كل فيلم أغنية كما فعل المخرج أحمد البدري، فلم يكتف بنقل مشاهد بعينها من الفيلم الأمريكي »حماتي متوحشة«، بطولة جين فوندا، وجينيفر لوبيز، ولكن دخل علي فيلم آخر من بطولة الممثل الكوميدي ستيف مارتن، وهو الجزء الثاني من »الفهد الوردي«، مشهد كامل طويل عريض، يحدث في روستران حيث تقوم يسرا باختيار زجاجة شمبانيا معتقة من رف عليه عشرات الزجاجات، يؤدي اختيارها هذا إلي كارثة تحدث حريقا في المكان!! إيه ياعم التلويش ده؟ أولا المشهد بلامنطق بالمرة، وثانيا لايمكن أن يحدث في أي روستران في بر مصر، وثالثا غير مقبول منطقيا أن تقوم امرأة ما وزبونة باختيار زجاجة شمبانيا بنفسها، وإذا كان فيه، فياريت يقولنا المخرج علي هذا المكان! أما حكاية أن تتنكر مي عز الدين في زي راقصة إسبانية، وتأخذ مكان الراقصة الحقيقية وتقوم ببعض حركات هبل، كي تتجسس علي حماتها، فقد شاهدناها في عشرات الأفلام المصرية، أظرفها علي الإطلاق ماشاهدناه في "إسماعيل يس بوليس سري"، ثم معذرة يعني إيه كمية العبط اللي تبارت في تقديمها مي عز الدين ويسرا ده! وهل وصلة الردح اللي بيقولوا عليها أغنية شعبية، يمكن أن تدخل بأي حال تحت بند الكوميديا؟ ولم أجد مبررا لوجود محمد نور نجم فريق الوما الموسيقي، فلم يكن الدور يحتاج إلي دولاب متحرك! وأعتقد أن تجربته تقل كثيرا عما قدمه زميله أحمد فهمي، فهو أكثر منه وسامة وقبولا علي الشاشة، وفي الغناء أيضا! وعلي كل حال الضرب في الميت حرام، ولكن يمكن أن أستعير كلمة المنتج محمد السبكي، الذي كان يوجه حديثه إلي يسرا"ياشيخه روحي شوفيلك مسلسل تليفزيوني تعمليه والله دي الجملة الوحيدة اللي ضحكتني في الفيلم كله، لأنها نابعة من القلب ومش مقتبسة ولا مسروقة وفي محلها فعلا.