البُراق والتلسكوب شغلا العلمانيين والإيمانيين معا هذا الأسبوع علي كوكب الأرض .. ففي حين انشغلنا عقائديا بفلكيات "الإسراء والمعراج" واحتفاليات التهاليل والتراتيل من مكة الي سنغال مقديشو وجاكرتا للعواصم الإسلامية، كان الجانب الآخر من العالم العلماني برمّته مشغولا بتلسكوبات فلكية من أستراليا إلي بيونغ يانغ وسيول وطوكيو وشنغهاي، ينظرون الي كوكب (الزُّهرة) وهو يمرّ بين الشمس والأرض مرور كرام لاعُنفوان فيه ولا عدوان ولا صدام للنيازك ولاطغيان، رأته العيون المجردة من القارات، وهو يمر سبّاحا غوّاصا ببطء كنقطة سوداء عبر الشمس لنحو سبع ساعات وأربعين دقيقة، مرورا شفّافا ناعما كالسُّحُب والضباب بوصفة القرآن (مرّ السحاب). والذين رأوا (الزُّهرة) مروره وإن كانوا قد رأوا سابقه قبل ثمانية أعوام، فإنهم لن يلتحقوا بلاحقه إلا من كان واثقا لنفسه حياة بلا انقطاع لمائة وسبعة عشر عاما والنظر 6/6 لأنّ هذا الحدث الفلكي الذي تكرر سبع مرات والثامن هذا العام والأول من نوعه في وجود مركبة فضائية علي سطح كوكب الزهرة منذ اختراع التليسكوب في أعوام ( 1631و 1639) ثم (1761 و1769) ثم ( 1874 و1882) و(2004 و 2012) فإنه لن يتكرر مرة أخري قبل عام ألفين ومائة وسبعة عشر، إذ يمرّ كوكب الزهرة بين الأرض والشمس أربع مرات كل 243 عاما تقريبا، يفصل بين كل منها نحو حوالي ثماني سنوات، و105 سنوات علي التوالي، إذن فلنترك الورد والسلام هنا عبر هذه السطور لمن يقرأنا عام 2117م.! المترصّدون لفكرة المعراج النبوي ورافضوها علي أنها إعجاز سماوي، وبأن فكرة صعود الإنسان إلي السماء بجسمه لن تصمد أمام العقل، عليهم أن يصعدوا قليلا إلي الزهرة اليوم بفكرهم لا بجسمهم، بعد القمر والمريخ صعدهما الإنسان بجسمه، والفكرة تصمد أمام العقل، ذلك العقل الذي خاطبته السماء بلغة العقل عبر التوراة والإنجيل والزبور والقرآن. أتري عقلك كان يقبل يوما، أن في السماء أحواضا للغوص والسباحة كما في بيتك لأسماك الزينة؟ وقد تقول لا، إن لم تكن صعدت بفكرك معراج السماء (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون ) (صدق الله العظيم). دعوا العقول جانبا والشهادات جانبا، ولنصعد السماء معا غُزاة عُراة، الدكتور، المهندس والفيزيائي والكيميائي اتركوا شهاداتكم في الأدراج ليوم واحد، يوم هبط كوكب الزّهرة نحو الشمس والأرض لأربع ساعات، ولنُعرّج السماء معا بالفكر بلا جسد، قد ندرك السماء تخاطبنا بما يحويه من مناقشات مفترضة مع أهل الأرض، وقد نسمع أصواتا من دواخلنا "أنا الإنسان وفي داخلي عوالم تحتاج الغوص والسباحة" .. يباش مهندس ويا الدكتور، لا أريد شحن رأسك ولا إقناعك بالرأي دون الرأي، وإنما القصد كل القصد هو تحريك الفكر ليستيقظ الذهن لديك كإنسان دون شهاداتك كمهندس أو دكتور، إنسان الأرض و الفضاء بإرادة السماء فوق كل الإرادات. نعم إنها كانت إرادة سماوية أن تهبط الزهرة بالنيازك نحو الشمس والأرض من الدُّني، كما كانت إرادة سماوية أن يعرج الرسول الكريم بالبراق إلي العُلي، إلي قاب قوسين أو أدني من سدرة المنتهي، فهل أنت قادرٌ بعلمك وعلمانياتك علي إيقافها بقوة العلم؟ .. كنت قد وافقتك "نعم" إذا أثبتت علمانيتك قدرتها علي إيقاف تسونامي بأندونيسيا والزلازل في اليابان والحرائق بكاليفورنيا. وإن لم يعجبك العروج بالفكر إلي السماء فلنهبط الأرض معا بالفكر، ألم تسمع فجر مرور كوكب الزهرة أمام كوكب الشمس، كان قد وصل قطاع غزة المنهك بالفقر والبطالة من حصار إسرائيل، وصلها خبير غزاوي (الفيزيائي سليمان بركة) بتلسكوبات ضخمة ترصد كوكب الزهرة، في ظاهرة فلكية نادرة، سجلت أول إنجاز فلكي في غزة المحاصرة (بفتح الصاد) نافست إسرائيل المحاصرة (بكسر الصاد) بل ونافست مدينة كاليفورنيا الأمريكية المنافسة لكوكب الأرض والمريخ والقمر، وشاهد أهل غزة المحاصرون الفلسطينيون المنبوذون الزهرة لمدة أربع ساعات تمر أمام الشمس قبل أن يشاهدها الكاليفارنيون الأميركان..! نعم وكان هذا هو معراجٌ من نوع آخر برسالة السماء بأنها الآرادة والتنفيذ لأهل غزة دون تل ابيب وواشنطن، فمن يدري يوما لنا السماء بالقدس وفلسطين بالإرادة والتنفيذ دون واشنطن وتل أبيب..!