لا تأسفن علي غدر الزمان لطالما/ رقصت علي جثث الأسود كلاب/ لا تحسبن برقصها تعلو علي/ أسيادها فالأسد أسد والكلاب كلاب. هكذا كانت خلاصة المسرحية الهزلية التي قدمتها المحكمة بعد إصدار الحكم الهزيل علي الرئيس المخلوع محمد حسني السيد مبارك بالسجن المؤبد 25 عاما في جرائم قتل المتظاهرين وبراءته ونجليه علاء وجمال من جرائم استغلال النفوذ والتربح وسرقة أموال الشعب التي تم تهريبها للخارج كما قالت المحكمة بانقضاء الدعوي الجنائية ضد جمال وعلاء وحسين سالم رجل الأعمال الهارب وهو ما يعني ضياع أموال الشعب التي تم تهريبها.. وفي رأي رجال القانون أن التقادم يسري علي الجنحة التي انقضي عليها ثلاث سنوات بينما حدد القانون انقضاء الدعوي بالنسبة لجناية السرقة والنهب والاستيلاء علي المال العام عشر سنوات.. ولكن هل من المعقول أن يتم تقديم هؤلاء المتهمين الي المحاكمة بتهم الاستيلاء علي فيلا منذ سنوات كانت كافية أمام القاضي بانقضاء الدعوي وأصبح المتهمون أبرياء من تلك التهمة؟ إذن ماذا عن استغلال النفوذ وإذلال الشعب بالفقر والمرض وسرقة أمواله وتهريبها إلي الخارج ولماذا تشكلت اللجان لاسترداد هذه الأموال إن كانت حقا لهم؟.. واذا كان الحكم يري أن الدعوي انقضت جنائيا بمضي المدة التي حددها القانون مع اعتراف جهات التحقيق أن هناك جريمة وقعت بدليل التحقيق فيها وتقديمهم للمحاكمة التي برأتهم .. إذن لماذا لم يتم تضمين الحكم باسترداد تلك الأموال باعتبار أنها أموال الشعب ..؟! وهل يعني هذا الحكم أن الحاكم أي حاكم قادم يستطيع الاستيلاء علي أموال الشعب وإخفاء جريمته لمدة عشر سنوات ويفلت بفعلته تحت سمع وبصر القانون؟ إننا لسنا أمام جريمة سرقة حبل غسيل أو سرقة محفظة في أتوبيس .. ولكننا أمام جريمة مكتملة الأركان ارتكبها النظام الحاكم ضد الشعب.. إنها أموال سرقت من المرضي في المستشفيات ومن الفقراء في العشوائيات.. إننا أمام جريمة سرقة شعب علي مدي ثلاثين عاما تسببت في ضياع مستقبل الشباب وانهيار أمة كانت تزهو بعزها بين الأمم.. إنها دعوي فساد ارتكبت ضد الشعب وليست سرقة أموال فحسب.. وهناك مبدأ أساسي هو عدم سقوط دعاوي الفساد والاعتداء علي الحريات والحقوق العامة بالتقادم خاصة أن رئيس المحكمة في بداية النطق بالحكم ألقي بيانا أكد فيه علي إدانة النظام السابق للرئيس المخلوع ونسب إلي هذا النظام الفساد والظلم والقهر .. كما تؤكد الاتفاقيات الدولية الخاصة بمحاربة الفساد مبدأ أساسيا وهو عدم سقوط الدعاوي الخاصة بالفساد بالتقادم.. ولكن يبدو أننا سوف نسير علي طريق المخلوع عندما قال: خليهم يتسلوا .. أما نحن فنقول: خليهم يسرقوا !!