ثلاثة ملفات ساخنة وشائكة ستكون أول ما يقابل الرئيس الجديد، الأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية، أمنيا تقول الأرقام أن بمصر عشرة ملايين قطعة سلاح منها أسلحة ثقيلة، اقتصاديا، لدينا ليس فقط مصالح معطلة بل انخفاضا في السياحة وخسائر يومية مالية فادحة، وعلي المستوي الخارجي هناك جهات عديدة في الانتظار، ويبقي السؤال كيف يواجه الرئيس الجديد هذه الملفات الساخنة. تقول د. علياء المهدي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن قضية البطالة وتدبير الموارد لها توجد علي رأس أولويات الرئيس القادم بالإضافة إلي وضع حد أقصي وأعلي للأجور، فمسألة تشغيل عدد كبير من المصانع المتوقفة عن العمل الآن، بسبب إضرابات عمالية عطلت المسيرة الإنتاجية بجانب توقف الاستثمارات الأجنبية والداخلية بسبب مشكلة غياب الأمن الذي بدونه لن نتمكن من عمل أي شيء، كما أن نصيب مصر من العملات الحرة الآن ضئيل جدا، كما أكدت أنها ليست علي دراية بمشروع الاقتصاد الإسلامي الذي تم تقديمه الآن من قبل حزب الحرية والعدالة والذي يحوي ما يسمي بالاقتصاد الإسلامي إلا أنها تري أن البنوك الإسلامية هي بنوك ربوية مثل البنوك الأخري لأنها تتعامل أيضا بسعر الفائدة مثلها ولكن المسميات مختلفة. فالربح يصبح المرابحة، لكن إدارة العمل الاقتصادي لن تختلف عما قدمه الفريق شفيق أو حتي النظام السابق، لأن النظام الإسلامي هو النظام المنفتح والحر، وفي حالة استقرار الوضع ولم تحدث أي أزمات جديدة، سنستغرق من الوقت علي الأقل عامين أو ثلاثة حتي نستطيع إعادة الوضع الاقتصادي إلي ما كان عليه قبل ثورة 25 يناير 2011 وليس تحسنه. قضية البطالة د. حمدي عبدالعظيم ، الرئيس السابق لأكاديمية السادات، يري أيضا أن قضية البطالة هي أكثر القضايا الملحة علي الرئيس القادم، بالإضافة إلي ارتفاع وغلاء الأسعار بشكل كبير جدا وهو ما يحتاج تعديل قانون حماية المستهلك والمنافسة ومنع الاحتكار لأن المواطن هو الطرف الضعيف في أيدي المنتجين والتجار. العشوائيات من القضايا العاجلة التي تحتاج إلي اهتمام الرئيس القادم وهو ما يتطلب منه ايجاد مساكن لهؤلاء بالإضافة إلي سكان القبور. فوجود خطة واعتمادات حقيقية للقضاء علي هذه الظاهرة يمكن أن تنتهي هذه المشكلة في غضون الأربع سنوات القادمة وأضاف أن فكرة طرح اقتصاد إسلامي لا تختلف كثيرا عن الاقتصاد الحالي غير أن به بعض الضوابط الإسلامية، فلا استثمار في مصانع للخمور أو الخنزير ولكنه يستثمر في الفندقة والسياحة بما لا، يخالف الشريعة الإسلامية وهو لا يلغي الاقتصاد الآخر بلا يوجد معه جنبا إلي جنب وعلي الناس الاختيار، وأن ما تم ذكره هي القضايا الملحة والتي نسابق فيها الزمن، وقد يتمكن الرئيس القادم من حل هذه المشكلات بانتهاء الفترة الأولي إذا تم العمل فيها علي قدم وساق كما يقولون. التحديات الأمنية سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجي، يري أن أول تحد أمني عاجل علي مكتب الرئيس القادم هو الأسلحة الموجودة في البلد بشكل غير عادي والتي بلغ عددها الآن عشرة ملايين قطعة سلاح دخلت مصر طبقا لتصريحات رئيس الوزراء د. كمال الجنزوري وهي كارثة كبري بكل المقاييس لذلك فعلي الرئيس أن يري كيفية السيطرة علي هذه الأسلحة غير المرخصة بكميات كبيرة وتطورها لتصل إلي أسلحة حروب كصواريخ أرض جو وأرض أرض ومدافع هاون. إذن فالأولية لسيطرة علي مخازن الأسلحة ووقف تهريبها إلي داخل مصر، الأمر الثاني هو إيقاف أعمال البلطجة بشكل عام فورا سواء السرقة بالاكراه أو سرقة السيارات أو خطف السيدات والأطفال وطلب فدية منهم، ثالثا وقف فوضي الشارع المصري سواء الباعة الجائلين الذين احتلوا الأرصفة بالإضافة إلي السير عكس الاتجاه علي الطرق السريعة ، سير السيارات بدون أرقام، فوضي المرور في الشارع المصري، فقد أصبحت هناك قهاوي للناس وشيشة علي الكورنيش المصري ويأخذون الكهرباء من أعمدة النور جهرا بلا أي محاسبة وكلها أدلة علي ما نعيشه الآن من فوضي، رابعا هو إرجاع هيبة الدولة لتنفيذ القانون علي الجميع سواسية لأنه موجود ولا يطبق فتفعيله وتطبيقه بشكل جدي وحازم علي الجميع هو المطلوب والأهم، خامسا، القبض علي الهاربين من السجون وإرجاعهم إليها مرة أخري لأن هؤلاء بؤر إجرامية يشكلون عصابات مختلفة تؤثر علي الحالة الأمنية في مصر. ويحب هنا علي الدولة أن تقوم بمساعدة الشرطة للقيام بواجبها بإرجاع الهيبة إلي أفرادها فالشرطة لازالت لا تقوم بمهامها بشكل كاف بسبب العلاقة غير الطيبة التي مازالت بينها وبين الجماهير، إضافة إلي أن إعادة الأمن مسألة سوف تأخذ علي الأقل ستة أشهر وهذا في أفضل الأحوال أما السيطرة علي كل هذا السلاح فسيأخذ من خمس إلي ست سنوات في أفضل الأحوال. علاقاتنا الخارجية د. ممدوح منصور، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، يري أنه من المهم وجود رؤية للسياسة الخارجية بالنسبة للنظام السياسي القادم تعكس توجهاتنا وتطلعاتنا بالنسبة للسياسة الخارجية ككل، وأين تكمن مصالحنا وفي ضوء هذا سنعيد رسم علاقتنا الخارجية مع الآخرين من حيث الصداقة أو العداء. ففي فترات سابقة كان لدينا توجه معين كان ينعكس علي سياستنا الخارجية، فائدتها كانت المحافظة علي علاقات مستقرة مع القوي الكبري من أجل تفادي اهتزازات كبيرة في سياستنا الخارجية لكنه أيضا من المفيد إعادة تقييم علاقتنا مع الدول المحيطة بنا في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي والاستفادة من كثير من الفرص التي أضعناها في المراحل السابقة، فعلي سبيل المثال كان النظام السابق يعتمد علي إدارة الأزمات وليس الفرص، ففيما يخص العلاقات المصرية الإيرانية فعلينا أن نفهم أن إيران دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط فليس هناك ما يبرر قطع العلاقات الدبلوماسية معها. ففي النظام السابق كانت علاقتنا متوترة معها بسبب الرغبة في عدم إغضاب الولاياتالمتحدة وإسرائيل عكس دول الخليج التي لديها مشاكل معها ولكن لها علاقات وتتبادل البعثات الدبلوماسية مع إيران. وهنا أقصد أنه ليس علينا تغيير مواقفنا ولكن أيضا لا داعي لأن تصبح علاقتنا سيئة معها خاصة وأن الإيرانيين شديدو الحرص علي إنشاء علاقات جيدة معنا ويمكن أن نحقق من خلالهم مكاسب سواء اقتصادية أو فيما يخص التوازنات الإقليمية، أما بالنسبة لإسرائيل فلا يوجد شك أن هناك مشاكل عميقة بيننا وبينهم فدائما هناك تهديد من قبلهم، ولكن علينا ألا ننسي أن هناك اتفاقية دولية ترتبط بها مصر اتفاقية السلام لا تفرض علينا أي شيء أكثر من أن تكون علاقتنا مع إسرائيل يسودها الهدوء ولكن لا يوجد ما يجعل لإسرائيل وضعا خاصا أو متميزا في علاقتها مع مصر وهي لا تعني أن هناك شيكا علي بياض لها بأن تفعل ما تشاء أو لتعربد في المنطقة كيفما يتراءي لها بل تحترم اتفاقاتها وتعهداتها الدولية، في المقابل علينا أيضا الالتزام بهذه التعهدات أما تصريحات بعض من مرشحي الرئاسة بقطع العلاقات مع اسرائيل في حالة الفوز فهي تصريحات من قبيل الدعاية الانتخابية لاجتذاب أصوات الناخبين البسطاء الذين علي غير دراية عميقة بالأوضاع والداخلية وكيف تسير ولا يستطيع كائنا من كان تجاهل المعاهدة الا إذا كان هناك مبرر قوي يبرر خسائرنا، وأخيرا ملف مياه النيل وهو ما تم إهماله في السياسة الخارجية للنظام السابق بشكل كبير، يجب إعادة الاهتمام به ليس علي مستوي دول حوض النيل ولكن علي مستوي القارة الأفريقية كلها. علي سبيل المثال كان الرئيس مبارك لا يشارك في اجتماعات القمة الأفريقية مما أعطي انطباعات سيئة جدا لديهم وبالتالي تراجعت مكانتنا ودورنا في القارة الأفريقية بشكل ملموس.