هل سيغير الجمهوريون استراتيجيتهم تجاه الشرق الأوسط والعالم الإسلامي؟.. سؤال يطرح نفسه ويلوح في الأفق بعد أن أكدت إحدي الدراسات أن العرب والمسلمين الأمريكيين سيحددون هوية الرئيس الأمريكي الجديد. فمع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية المزمع إجراؤها في نوفمبر القادم، تشتد المنافسة وتشتعل الحرب الإعلامية وتزداد التصريحات سخونة بين مرشحي الحزبين الرئيسيين في الولاياتالمتحدةالأمريكية: الديمقراطي الذي يمثله الرئيس الحالي باراك أوباما، والجمهوري، الذي يمثله ميت رومني حاكم ولاية ماساشوستس السابق ونيوت جنجريتش رئيس مجلس النواب الأسبق ورون بول عضو في مجلس النواب، المعروفون بمواقفهم المتطرفة تجاه قضايا الشرق الأوسط والمسلمين، وكان آخر هذه المواقف انتقادهم لأوباما لتقديمه اعتذاراً للأفغان علي واقعة حرق المصحف ورفضه توجيه ضربة عسكرية لإيران. معهد جالوب الأمريكي ومعهد السياسة الاجتماعية والتفاهم في ولاية ميتشجان، قدما مؤخراً دراسة متخصصة في مجال توزيع أصوات الناخبين تخلص إلي أن الصوت الإسلامي في الولاياتالمتحدة قد يكون الفاصل والحاسم لنتيجة الانتخابات الرئاسية 2012 ومن ثم تحديد هوية الرئيس الأمريكي القادم بترجيح كفة علي أخري. فالناخبون المسلمون متواجدون بأعداد كافية لقلب المعادلات في ولايات سبق لها أن شهدت فوز طرف علي آخر بأعداد محدودة للغاية من الأصوات، مثل فلوريدا وأوهايو. وعلي الرغم أن الأصوات المسلمة لا تشكل أكثر من 1٪ يتركزون في أغلبيتهم في الولايات ذات الأهمية الانتخابية مثل ميشيجان وأوهايو وفرجينيا وبنسلفانيا وفلوريدا، إلا أنهم تناموا بشكل أسرع من أي جماعة دينية أخري وباتت أكثر ظهوراً وأكثر فاعلية في نشاطها وحضورها السياسي من أجل إسماع صوتهم، بعد عداء الجمهوريين لهم. لقد أظهر استطلاع للرأي أجري خلال انتخابات التجديد النصفي 2010 أن أكثر من 60٪ من الناخبين المسلمين المسجلين في ولاية فلوريدا قد يشاركون في الانتخابات. وأظهرت استطلاعات الرأي أيضاً أن اثنين من بين كل ثلاثة مسلمين تحدوهما رغبة كبيرة في التوحد السياسي ويشعران بأنه يجب عليهما أن يصوتا ككتلة واحدة لصالح مرشح واحد. وتبني المرشحون الجمهوريون خطابا انتخابيا عدائيا ضد الإسلام والمسلمين محاولين استغلال تنامي الإسلاموفوبيا منذ أحداث سبتمبر 2001 ومشاعر الكراهية التي تحرك بعض الأطراف والأجنحة التي تكون قاعدة الحزب الجمهوري الأمريكي. ففي عام 2010 استخدم بعض مرشحي الحزب للكونجرس "مسجد جراوند زيرو"، والخوف من الشريعة الإسلامية، لحشد الناخبين من أجل قضيتهم. فقد ظل السيناتور جون ماكين ونيوت جنجريتش المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية يحذران من أن المسلمين قد يسعون للسيطرة علي الإدارة الأمريكية ويفرضون الشريعة الإسلامية. وفي انتخابات التجديد النصفي، اشتدت الحملة الضارية علي المسلمين، فعمل الجمهوريون علي تأجيج مشاعر الأمريكيين ضد الإسلام ومحاولة إقناعهم بأن المسلمين متطرفون، معتقدين أن انتقاده بشكل لاذع قد يساعد مرشحهم علي استقطاب أصوات انتخابية هم في أشد الحاجة إليها. وبالفعل فاز 85 مرشحاً جمهورياً. ووقتها أدرك هؤلاء الفائزون وكل من يدعمهم أن تبني خطاب مناهض للمسلمين وانتقادهم خير طريقة لكسب الأصوات الانتخابية من قاعدة المحافظين. وقد تكون مثل هذه الاستراتيجية الانتخابية المعادية للإسلام قد نجحت في الماضي غير أنها في الوقت الحالي تعد مخاطرة لأن الدراسة تشير إلي لعب المسلمين والعرب الأمريكيين دوراً هاماً في تحديد النتيجة النهائية. وفي السباق الحالي للترشيح الرئاسي، يذكر بعض المرشحين الرئاسيين الإسلام والمسلمين بأسلوب سلبي في محاولة لدعم شعبيتهم في أوساط تشكك في الإسلام والمسلمين هذا بجانب انتقادهم لسياسات أوباما الخارجية. علي سبيل المثال، يري "ميت رومني" المرشح الجمهوري والحاكم السابق لولاية ماساتشوسيتس، أن اعتذار أوباما عن حرق الجنود الأمريكيين لمصاحف في قاعدة بجرام بأفغانستان مرفوض خاصة في ظل تواجد القوات الأمريكية هناك وفقدان الآلاف من الأفراد. كما استنكر جنجريتش هذا الاعتذار لأنه يري أن عمليات حرق الكنائس في نيجيريا حدثت دون تقديم اعتذار، وألقي باللوم علي الرئيس الأمريكي لأنه كان عليه تحميل كرزاي المسئولية عن عمليات القتل. ويري جنجريتش أن المشكلة ليست في الإرهاب الإسلامي وإنما في الشريعة الإسلامية، التي تمثل من وجهة نظرة القلب النابض للحركة المعادية التي تخرج الإرهابيين. أما رومني المرشح الجمهوري الأوفر حظاً عقب انسحاب أبرز منافسيه ريك سانتوروم، فمعروف بمواقفه المتطرفة من بعض القضايا المرتبطة بالعالم الإسلامي، ودائما ينتقد سياسات الرئيس الأمريكي ورؤيته للعالم خلال حملته الانتخابية، قائلا إن إدارة أوباما وضعت الولاياتالمتحدة في موقع "الضعف الاستثنائي" بعد أن أهدر قوتها. ويتبني "رومني" سياسة خارجية متشددة حيال باقي ملفات السياسة الخارجية، فالبعض يتوقع أن تكون فترة رئاسته، في حال نجاحه في الانتخابات، مثل فترة ولاية بوش لتشددها مع منافسي الولاياتالمتحدة، وتأييدها الكامل لإسرائيل ولسياساتها في المنطقة. وهذا ليس بغريب علي مرشحي الانتخابات الأمريكية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لمغازلتهم أصوات اليهود الأمريكيين كقوة تصويتية في الانتخابات، بالإضافة إلي الدعم المالي والإعلامي الذي تقدمه إلي المرشح الذي تدعمه. وهذا ما تؤكده صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية وينفيه السفير الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة مايكل أورن، حول العلاقات المميزة التي تجمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو وبين مرشح الحزب الجمهوري رومني، منذ عشرات السنين. وقال تقرير "نيويورك تايمز" إنه عندما تبين أن الثري اليهودي شلدون ادلسون، صاحب إحدي الصحف العبرية، وأحد أكبر ممولي نتنياهو في الانتخابات، قد دعم المرشح الجمهوري المنافس لرومني، جينجريتش، اهتم نتنياهو بإيصال رسالة لرومني أن شلدون لم يطلعه علي هذا الأمر ولم يستشره في الأمر.