القاهرة بعد تلك الأعوام الغالية التي خسرناها بالهتافات المجنونة للراكضين والعابرين والجالسين والنائمين في شوارع وبيوت وحوانيت مفتوحة ومغلقة، أما آن للعقل المصري ان يعود منها بمفرده دون تمييز إن كان ملتحيا أو حليقا، بالحجاب كانت أو بدون شرط أن يكون هو وتكون هي بلا جنون .. فتعود مصر الوطن مزدهرا كالسابق وأفضل.. وللخونة أن ييأسوا حتي الموت.؟ شاطر الإخوان ما أن قدّم أوراق ترشُّحه لانتخاب أول رئيس مصري بعد ثورة الخامس والعشرين، وإذا الشارع المصري يلتهب بحرائق الخوف والتخويف من مجهول.! وكأنّ حسن البنّاء والسيد قُطب سيعودان إلي شوارع القاهرة والإسكندرية بالسيف والقرآن، متأبّطين مخطوطات إسلامية من خطب ومواعظ، لاحتكار ميكروفونات الجوامع والمساجد والمدارس، وليفرضا بالسوط والكرباج علي الملتحين أن يطيلوا لحاهم، وعلي المتحجبات أن يغلُضن من حجابهن، وعلي الحلاّقين أن يعبروا النيل متنكّرين حفاة عراة بأرواحهم غوصا وسباحة.! هذا الرُعب المُفرط من العفريت المُعفرت الوهمي، زرعته بين المصريين، أياد خفيّة من وراء الحجاب والحدود، مستغلين تصريحات مسبقة للمرشد العام الذي كان قد أكد أن الجماعة لن ترشح إخوانياً ولا حتي إسلامياً، لكن العفريت الموهوم خطته فاشلة في مصر وهو أول العارفين بأن الجيل العنكبوتي من (التويتريين والفيسبوكيين) لايمكن إعادة تفريخهم من أكواخ أفغانستان. الخوف من مجهول، بل وهذا التخويف من التجديد، بأن القديم هو المثالي الأفضل، والبديل الجديد هو المخيف، هذا الخوف وهمٌ مدسوسٌ، وكان سببا في هزائمنا منذ هزيمة 5 يونيو، حقا إن الإيمان المطلق بحكم الفرد المهيمن علي عرش التوريث، وأنه لايوجد أفضل منه بين الرعية، كان السبب حتي في هزيمة هتلر ببرلين، وموسوليني بروما، وتوجو بطوكيو اليابان. القاهرة وإن حكمها شاطر الإخوان المسلمين، أو بديله المستحدث لاحقا، فهي تبقي عاصمة شطار العرب والمسلمين، القاهرة التي ارتضعنا منها حليب العروبة والإسلام بحنان الأم، والتي أنجبت علماء دثّروا العلم والأدب في عروق الأمتين بفضح النهار وعراء الليل، تلك هي القاهرة .. فلاخوف عليها من مجهول ونكرة اليوم وغد وبعد غد، فإن استغاثت القاهرة وهي تريد منا الوقوف علي أرجل مصرية والاستناد علي سواعد مصرية، فلن نقف مكتوفي الأيدي علي استغاثة روح مصر، التي تهيم مع روح كل مسلم ومسلمة أينما يهيم وتهيم. (المهندس خيرت الشاطر) يقال عنه رجل أعمال ناجح، يعني الاقتصاد خريطتُه وسُلّمه، قد يضعه في أولويات أجندته، فهو بالتالي للاقتصاديين المصريين بنداءات (هيّا بنا أيها المصريون حليقين كنتم أم ملتحين، وهيا بالمصريات منقبات محجبات أوكاشفات إن كنّ مصريات .. فلو افترضنا مع الشاطر شخصية مصرية افتراضية، لكنها خبيرة فيزيائية من معتنقات الأديان السماوية التي لاتفرض الحجاب فرضا، لكنها بالدكتوراه النادرة لتخصيب اليورانيوم مثلا، وتريد أن تلقي محاضرة في الحرم الجامعي للأزهر الشريف، فإن الإجابة الافتراضية للشاطر افترضها (إن ساحة الأزهر ستزدهر أكثر دون أن تفقد هويتها الإسلامية بتلك المحاضرة العلمية). إذا الشيطان شاطر، فالإنسان هو الأشطر المُكرّم بالسجود له كل الملائكة كلها، إلا إبليس للحسود، والحسود لايسود، فعلي السيد المصري الشاطر أن يسود علي شياطين الإنس والجن في كل أنحاء مصر، فيا شاطر خليك شاطر، ولا تسمح أنت وهو وهي، للحسود بالتسلل إلي صفوف المصريين بخنجر قابيل لهابيل. لا تبثّوا بينكم الألوان والأعراق، لاتبوّقوا نعرات طائفية ومذهبية، والشاطر هو ذاته بإسلام آباء المصريين، وآبائهم بإسلام أجدادهم، والمصريون يحبون الدين ويقدسونه منذ الأزل، الأديان السماوية كلها محترمة بمصر الأديان، ومسلمو اليوم بمصر الإسلام، إن صلوا في ساحة يصلّي معهم الشاطر، فهم ذاتهم كانوا قد صاموا وزكّوا واحتضنوا القرآن وصلّوا الكعبة قبلة ذاتها التي، كان قد اتجه لها يوما جمال عبدالناصر بالناصريين والسادات أو حسني مبارك بالساداتيين والمباركيين، شاهدين بأنهم كلهم شافوا حاقة (نبوة محمد المصطفي، بوحدانية الله جلّ جلاله) .. نعم سحرةُ فرعون الذين سجدوا الله مُقطّعين أيديهم وأرجلهم من خلاف، قد ورّثوا مصر بأغلبية (أمة لا إله إلا الله ومحمد رسول الله). يا شطار مصر، لاتشاطروا الحسود ومن معه في رأس الصفوف، إنهم يسعون أن يعرّفوا الإسلام علي أنه فكرة، فبذرة، فشجرة من نار، فغابات البراكين منذ أحداث سبتمبر، ثم حولوها أخيرا في أنظار العالم إلي مضاف مضاف إليه: (مذهب الإرهاب الإسلامي.!) .. هذه الفبركة الصهيونية العالمية، أشعلها بالأمس القريب الشيطان الشاطر، فليطفئها اليوم الإنسان الأشطر. ثقتي عمياء بالشاطر المصري، بأنه فوق كل شطاراته العقائدية يجيد أيضا كيف يقود القطار الاقتصادي، وإلي أين يتجه به وأين يتوقف به وبركابه، ويعلم أن زيادة السكان في مصر نعمة لا نقمة، رغم إيحاءات الشاطر شيطان: (إن زيادة السكان فقر وبطالة)، فليفنّده الأشطر الإنسان بالإيمان، بأن الأرزاق في السماء، متسائلا، كيف السكان إن زاد في الهند والصين تحولتا إلي قوي عالمية اقتصاديا واستراتيجيا، وفي مصر يحولها إلي فقر وبطالة يا شيطان؟! الشاطر اليوم وهو يتلقّي آخر الأنباء الاقتصادية من اليابان بأنها رصدت 90 تريليون ين لبرنامجها الاقتصادي لهذا العام بعد كوارث وزلازل عامها الماضي، لابد أن يستعد لمصر الغد بالسندات والميزانيات الفلكية، وهي قادرة ومقتدرة أكثر من اليابان بعملتها الصعبة (الكوادر البشرية) التي تخلق المعجزات علي غرار ما خلقت من قناة السويس والأهرامات وغيرها، شريطة أن تتسع جبّتك يا شاطر من رقعتها الإخوانية إلي المصرية الأخوالية والأعمامية .. فطوبي لشعارات الإخوان المسلمين إن استبدلت بالإخوان المصريين في المساجد والكنائس والصوامع والصولجان.