أستاذ قانوني وفقيه دستوري شارك في وضع دستور 1971 الذي أكد أن الرئيس غير الكثير من نصوصه في غيبة من اللجنة وخلافا لما كانوا قد انتهوا إليه، والذي ألقي السادات بالكثير من نصوصه في سلة المهملات. كما تكلم عن أن الحاكم يخضع للدستور وليس الدستور الذي يخضع له فالدستور هو الذي يصنع الحاكم وليس الحاكم هو الذي يصنع الدستور. يري أن الانتخابات التي تم بها تشكيل مجلسي الشعب والشوري انتخابات باطلة لأنها قامت علي نظام فاسد وهو الانتخاب بالقائمة الحزبية في دولة لا توجد فيها أحزاب مدة ستين عاما. وأن الشعب هو صاحب الإرادة والسيادة والسلطة وأي حاكم مهما علا ليس إلا شخصا مؤقتا مكلفا برسالة وقتية ولا يملك تفويض هذه الرسالة إلي غيره إنما هو مجرد سلطة وقتية تمارس اختصاصات وقتية بناء علي رغبة وإرادة الشعب وليس ضدها. كان لآخر ساعة حوار مع د. ثروت بدوي الفقيه الدستوري المعروف.❊ ما رأيك في ترشيح حزب الحرية و العدالة لخيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية؟ ليس لي رأي في ذلك، فأنا أستاذ قانون و القانون يقوم علي الموضوعية، أما أن أسئل في رأيي في شخص أو في تصرف معين فلا. أما في موضوع معين فنعم. هناك فرق بين إمكانية ترشيح فئة التجارلرئاسة الجمهورية أو فئة العمال لنفس المنصب، بشكل عام، هنا يمكن أن أقول رأيي إنما شخص معين فلا ❊ ورد اسمك ضمن اللجنة الشعبية لكتابة الدستور، هل انضممت لها بشكل رسمي؟ أنا علي استعداد لذلك و في الوقت نفسه لن أوافق إطلاقا أن أكون عضوا في اللجنة التي يشكلها مجلس الشعب أو المجلس العسكري أو أي كائن في هذه الدولة غير الشعب الذي يملك وحده تشكيل لجنة الدستور. ❊ ما رأيك في الطريقة التي تم بها تشكيل لجنة وضع الدستور؟ ليس من الممكن أو يعقل أن مخلوقا وهو مجلس الشعب أو المجلس العسكري أو أي مجلس من المجالس يخلق الخالق الذي هو الدستور. فالدستور هو الذي يخلق السلطات المختلفة و بالتالي لا يمكن أن تكون السلطات المخلوقة هي التي تحدد ما هو الدستور و قواعده. ❊ إذا تمت صياغة الدستور القادم طبقا للجنة التي اختارها مجلس الشعب؟ سيكون هذا الدستور والعدم سواء . . . يوجد طعون أمام مجلس الدولة الذي يمكن أن يحيل بعض النصوص أو القوانين للمحكمة الدستورية لبحث مدي دستوريتها من عدمه. ❊ بعض القيادات داخل جماعة الإخوان المسلمين طالبت بحل المحكمة الدستورية العليا؟ المحكمة الدستورية ضرورة لحماية الدستور ولكي تقوم بذلك يجب إعادة النظر في قانون المحكمة الدستورية من حيث تشكيل المحكمة بحيث يكون تشكيلا مستقلا تماما عن رئيس الجمهورية وعن السلطة التنفيذية اي يجب أن يكفل الاستقلال الكامل للمحكمة الدستورية العليا ويجب أن يوضع من الضمانات بحيث تكون المحكمة الدستورية مستقلة استقلالا حقيقيا حتي تمارس رقابة حقيقية فعلا. كما يجب ألا تدخل المحكمة الدستورية في متاهات سياسية أو انشغالها بالسياسة أو أية أعمال غير الرقابة القضائية علي القوانين و هذا يتطلب منها عدم دخولها في مسألة الإشراف علي الانتخابات لأن المحكمة لا يصح أن تكون إدارة و قضاء، فالمحكمة للقضاء فقط و ليس الإدارة لأن الجمع بين الاثنين يجعل من المحكمة جهازا من الأجهزة التابعة لرئاسة الدولة. الاستقلال و عدم التبعية يجب أن يكون متحققا لجميع المحاكم علي الإطلاق ويجب إبعاد كل من هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية عن القضاء لأن هاتين الهيئتين جزء من السلطة التنفيذية أو الإدارية وهم تابعون لوزارة العدل. ❊ طبقا للوضع الحالي, ما هي صلاحيات المجلس العسكري و البرلمان؟ من الناحية الدستورية لا توجد صلاحيات لأي منهم، لأن كليهما لا يستند إلي دستور يعطي الصلاحيات. أما من الناحية الواقعية فالمجلس العسكري هو المهيمن وإن كان مجلس الشعب يملك نظريا سلطة التشريع و الرقابة علي أعمال الحكومة مع التسليم بأن المجلس العسكري يملك حق الاعتراض علي القوانين التي يصدرها مجلس الشعب، الأمر الذي يجعل المسألة غير محددة و ذلك نتيجة لعدم وجود دستور يحدد الصلاحيات لأي منهم. ❊ من هي أقوي و أكثر جهة محركة للأمور في مصر الآن، بشكل نسبي علي الأقل؟ أنا شخصيا متأكد أن الشعب أقوي بكثير من كل من المجلس العسكري و مجلس الشعب، الشعب الذي خرج عن بكرة أبيه يوم 11 فبراير 2011 و يوم 25 يناير 2012 علي الرغم من كل محاولات القمع و التهديد و الوعيد من جانب المجلس العسكري أو من جانب الإخوان المسلمين، هذا الشعب أكبر بكثير من الطغمة الحاكمة الآن. ❊ لكن 25 يناير 2012 تختلف كثيرا عن 2011؟ خرج الكل ماعدا بعض الإخوان المسلمين لأن بعض شبابهم انضم إلي الثوار يوم 25 يناير 2012، كما أن الشعب كله يناصر الثورة وليس المجلس العسكري وقد أعلن صراحة "يسقط يسقط حكم العسكر". ❊ هل الانتخابات الرئاسية القادمة يمكن أن تجعل الوضع الحالي أفضل؟ علي العكس الانتخابات الرئاسية ستكون كارثة أكبر لأنها ستأتي برئيس بلا صلاحيات يحددها دستور وإنما صلاحيات سوف يحددها لنفسه ويحددها له المجلس العسكري. المسألة مسألة قوة يستند إليها البعض و علي خلاف القوة الحقيقية للشعب صاحب السلطة والسيادة. ❊ ما رأيك في الإطار القانوني الذي يترشح من خلاله رئيس الجمهورية القادم؟ إطار يشوبه الغموض فرئيس مصر القادم هل يكون رئيس جمهورية برلمانية، رئاسية أو ديكتاتورا أم ماذا. كما أنهم منعوا الآن أي أحد من المرشحين من الدعاية، فكيف هذا!! أي إنسان له الحق في أن يتكلم ويعلن عن نفسه. ففي البداية كان من السهل لأي مرشح أن يقوم بالدعاية لنفسه أما الآن و بعد فتح باب الترشيح لا يعلن عن نفسه، ما هذا! لا يستطيع أحد أن يتوقع ما يمكن أن يحدث. ❊ ما رأيك في فكرة مرشح توافقي؟ ما هذا ! كيف يتفق الناس علي أحد قبل الانتخابات، كيف تأتي الأغلبية ومن يعبر عنها بدون صندوق! فهذه طلاسم ليتوه الناس وتشتت أفكارهم ثم يمنعونهم من الكلام. فكيف سيعرف الناس المرشحين وما هي الحكمة في ألا يتحدث أحد حتي يفرضوا المرشح التوافقي الذي يريدونه! ❊ هل مستقبل مصر الدستوري يشوبه الغموض؟ ما يقلقني حقيقة أن الكثيرين ينسون ولا يستوعبون دروس التاريخ ولو استوعب المجلس العسكري دروس التاريخ وكذلك الإخوان المسلمون لما استمروا في هذا الموقف من العناد و مقاومة التيار الثوري الذي يهدف إلي إعادة الكرامة إلي الشعب المصري والحرية والديمقراطية لشعب مصر العظيم. وليعلم الجميع أن الشباب الذي انبهر به العالم لا يمكن أن يتخلي عن تحقيق مطالبه في الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ❊ ماذا تقصد هنا بدروس التاريخ؟ الإخوان أخذوا دروسا قبل ذلك عام 1954 عندما انضموا للعسكر ماذا حدث لهم، والمجلس العسكري أخذ درسا واثنين وثلاثة خلال العام الماضي وتراجع في الكثير مما كان قد أقدم عليه. كما لابد أن يستوعب دروس الماضي سواء كان في سنة 67 عندما تخيلوا أنهم أكبر قوة ضاربة في الشرق الأوسط فما هي إلا دقائق و انهارت قوتهم. كذلك أيضا حسني مبارك الذي حكم البلاد 30 سنة كاملة، انهار في 11 فبراير 2011 هم أيضا يجب أن يتعلموا أن الشعب هو الباقي والسند وأن مصر باقية مهما قاومها الاستعمار الأمريكي الصهيوني أو عملاؤهم. ❊ هل كان من الأفضل أن تقوم لجنة الخمسين كالتي وضعت دستور 1954 بوضع الدستور الجديد؟ لا تملك مثل هذه اللجنة وضع الدستور فيجب أن يكون من وضع لجنة تأسيسية منتخبة من الشعب مباشرة وليس عن طريق مجلس الشعب لأن المجلس جمعية مؤسسة أو منشأة أو مخلوقة، أما الجمعية التأسيسية فهي جمعية خالقة، ولا يمكن لمخلوق أن يخلق. إلي متي سنظل في هذه الدوامة!! ❊ لماذا تقول إن البرلمان المصري غير شرعي؟ من قال إن المصريين انتخبوا هؤلاء وهل هذه انتخابات ! هذا وهم. نحن نعيش في ظل قمع و نظام استبدادي طوال ستة عقود قمع فيها النشاط السياسي، الأحزاب ومنع قيام أحزاب سياسية أما الأحزاب التي قامت ورقية أو الأحزاب الجديدة قامت في ظل نظام استبدادي. الحكم العسكري لا يزال قائما. أيضا نظام الانتخاب بالقائمة لا يصلح إطلاقا لدولة بدون أحزاب فلا قيمة لهذا. الأحزاب هي التي تتكون علي مدار سنين و ليس في بضعة شهور أو في أحضان الحزب الوطني. ❊ ولكن الكثيرين نادوا بنظام القائمة؟ الانتخاب بالقائمة يفترض وجود أحزاب حقيقية لذلك فهو لايصلح إطلاقا لمصر الآن. فالأحزاب الحقيقية هي التي تتكون علي مدار سنين طويلة، فالنظام الفردي بالدوائر الصغيرة كان هو الأنسب. كما أن قانون مباشرة الحقوق السياسية به عورات كثيرة تمنع قيام انتخابات حقيقية, فمثلا يفرض علي المرشح أن يكون مندوبوه جميعا من نفس الحي أو الشارع الموجود فيه صندوق الانتخاب، هذا هراء! المرشح يجب أن يختار مندوبيه بحرية. لذلك لن ينجح في الانتخابات إلا الإخوان المسلمين والحزب الوطني لأن لهم قواعدهم في القري المختلفة. كما أن المجالس الشعبية التي كانت تقوم بأعمال البلطجة مازالت قائمة، أما الأحزاب الجديدة التي يمكن أن تكون وطنية لم تتمكن من عمل قواعد لها في كل الجمهورية فمن المستحيل أن يصلح نظام القائمة في مصر في هذه المرحلة، ولابد للنظام الفردي من تنقية عوراته. أنتم ليس لديكم أدني فكرة عن النظام الموجود في مصر هذا مرسوم ومخطط عبر ترزية قوانين هم نفس الترزية الذين يعملون الآن. هذه الدوائر الواسعة تجعل من المستحيل علي أي شخص أن ينشر دعوته و فكره إلا إذا كان مدعما بمئات الملايين من الأموال. فهذه الانتخابات لا قيمة لها. ❊ ما هي أصلح الأنظمة السياسية لمصر الآن؟ النظام البرلماني و ليس الرئاسي أو المختلط كما يروج له البعض الآن فهو كارثة. إذا عدت إلي كتب القانون الدستوري التي صدرت منذ عام 1956 إلي الآن يدعي أساتذة القانون أن النظام الدستوري الذي كان في دستور عام 1956 أو دستور 1964 أو دستور 1971 نظام مختلط يقوم علي الجمع بين النظام البرلماني والرئاسي وهذا قول فاسد. لأن النظام البرلماني لا يتفق مع الرئاسي لا يمكن الجمع بينهما لأن الأول به رئيس مسئول يمارس سلطات حقيقية والسلطة التنفيذية كلها في يده وهو مسئول مسئولية كاملة. أما في النظام البرلماني فالرئيس لا يكون منتخبا إنما يكون ملكا بالوراثة مجرد رئيس شرفي بلا سلطات و بالتالي لا مسئولية عليه لأنه لا يمارس سلطات حتي يكون مسئولا. النظامان مختلفان ومتناقضان، فالبرلماني به حل للبرلمان أما الرئاسي فليس له حل للبرلمان كيف تجمعين بين المتناقضين. كما أننا لا يمكن أن نطبق النظام المختلط الموجود في فرنسا لأنه نشأ في ظروف خاصة بها حيث ظهر في 1958 لوجود بوادر حرب أهلية بسبب مشكلة الجزائر فجاء إليها شارل ديجول البطل القومي و أقام نظاما فريدا من نوعه. وإذا أردنا أن نأخذ بالنظام المختلط علينا أن ننتظر مائتي عام، فكل واحدة لها ظروفها الخاصة. فاذا أردنا بداية جديدة لهذا الوطن علينا أن نبدأ بشكل صحيح أو لا نبدأ من الأساس. كل النظم الرئاسية في العالم سواء في أمريكا الجنوبية أو أفريقيا أو آسيا هي ديكتاتورية استبدادية باستثناء الولاياتالمتحدةالأمريكية وذلك لظروف خاصة بها سواء من حيث حرب الاستقلال التي قامت بها ضد الاستعمار البريطاني ثم تحول حرب الاستقلال إلي اتحادي فيدرالي حيث كل ولاية من الخمسين لها دستور ورئيس وحكومة و برلمان و قضاء خاص بها. وكل هذا في إطار الدستور الفيدرالي المقيد بالدساتير المحلية و بالتالي كله مجموعة متناسقة لا يمكن أن تتحقق في ظل نظام الدولة الموحدة البسيطة مثل مصر أو بريطانيا أوغيرهما.