د. محمود فؤاد الدواء بصورة عامة سلعة لا يمكن الاستغناء عنها فهي إحدي ضروريات الحياة، وفي أحوال كثيرة يرتبط وجودها ببقاء الإنسان علي قيد الحياة، لذلك اتجهت المنظمات والهيئات والأفراد المهتمة بحقوق الإنسان للدعوة إلي أهمية ضمان توفير الدواء بشكل يتيح للجميع إمكانية الحصول عليه، ويعد المركز المصري للحق في الدواء إحدي المنظمات الحقوقية المهتمة بشأن الدواء المصري، وله العديد من الأبحاث والدراسات في هذا المجال. في سطور الحوار التالي يكشف لنا الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، عن العديد من المشكلات التي تواجه صناعة الدواء في مصر، ويكشف مافيا تهريب واستيراد الأدوية، ويضع بين أيدينا قائمة تضم 1000 صنف من الأدوية غير المتوافرة في السوق المصري، بما ينذر بكارثة إنسانية حقيقية. بداية، نريد التعرف علي طبيعة عمل المركز والدور الذي يقوم به؟ المركز المصري للحق في الدواء (ابن سينا)، هو منظمة حقوقية أهلية مهتمة بالحق في الدواء، وتم تأسيسه في 2006 كما يقدم عشرات الأبحاث في مجالات دعم صناعة الدواء، ويصدر تقارير شهرية عن احتياجات السوق من الأدوية والمستلزمات الطبية، ويقدم لوزارة الصحة والجهات المختصة العديد من التقارير عن معوقات تطوير صناعة الدواء، وكيفية مواجهة مافيا الأدوية. برأيك، من المسئول عن توفير الدواء وحمايته والرقابة عليه؟ الحكومة ممثلة في وزارة الصحة هي المسئولة عن توفير احتياجات المواطنين من الدواء، وهي المسئولة عن حماية صناعته ودعمها، ولم تعد الحكومات مسئولة أخلاقياً وإنسانياً فقط عن إتاحة حصول الجميع علي الأدوية، بل أصبحت ملتزمة قانوناً بذلك، فالحكومة هي المسئول الأول عن حماية إتاحة حصول المواطن علي الأدوية الأساسية وإمكانية تحمل تكلفتها. ما الذي كشف عنه آخر التقارير التي قدمها المركز؟ من خلال رصد شهري قام به المركز، وجدنا خلاله أن هناك أصنافاً من الأدوية ليست موجودة سواء بالقطاع الخاص أو قطاع الأعمال، حيث رصدنا أن هناك نحو 1000 من أصناف الدواء غير متوافرة بالسوق،90٪ منها في متناول المريض المصري أي بأسعار أقل من 10جنيهات، وعندما اتجهنا للقطاعين (العام والخاص) للسؤال عن سبب هذا النقص، اكتشفنا أن هناك عددا من الإضرابات داخل مصانع وشركات القطاع الخاص بسبب مشكلات تتعلق بالعاملين في هذه الوحدات، كما لاحظنا قيام أصحاب عدد من الشركات الخاصة بإغلاق المصانع ووقف الإنتاج ليتوقف إنتاج أكثر من 400 صنف، كحالة مصنع (أبيكو) بالعاشر من رمضان. كما كشف التقرير عن أن هناك شركات لا يهمها الإنتاج من عدمه طالما لا توجد عقوبات أو لوائح تحدد هذا الأمر، وتحدثت هذه الشركات عن عراقيل في التمويل البنكي، وأن البنوك توقفت عن إعطاء التمويلات البنكية منذ قيام ثورة 25يناير وحتي الآن دون أسباب واضحة، علاوة علي زيادة أسعار المواد الخام عالمياً، أو بسبب أن هذه المنتجات زهيدة الثمن ويجب رفع تسعيرها مجدداً، أو بسبب قيام بعض الشركات العامة المملوكة للدولة بإنتاج هذه الأدوية. إذا كانت الشركات العامة لا يهمها الإنتاج، فما الذي يمنع الشركات الخاصة من إنتاج هذه الأدوية؟ هناك شركات خاصه تعاقب الشعب، نظراً لأن النظام السابق كان يلجأ للقطاع الخاص لاستيراد الأدوية من الخارج، وهذه الأدوية الخطيرة جداً يمكن إنتاجها في مصر، ومع ذلك لمصالح غير معلنة يتم استيرادها عن طريق مافيا استيراد الأدوية من الخارج، وليس أدل علي هذا من أن عقار الإنترفيرون يتم استيراده من الخارج بمبلغ مليار جنيه سنوياً. لماذا تتوقع نظرية المؤامرة، وتتحدث عن وجود مافيا تتحكم في صناعة الدواء في مصر؟ لأن هناك بالفعل عددا من الشركات الأجنبية لا تقوم بإنتاج ما كانت تقوم به سابقاً، وتتعمد تقليل الإنتاج أو عدم الإنتاج أصلاً مثل شركة أجنبية توقفت عن إنتاج القطرات بنحو 12صنفاً دون أسباب واضحة، فالشركات الأجنبية العاملة في مصر كانت قد توحشت خلال العشر سنوات الماضية بل إن انعدام الرقابة والمتابعة، وسطوة مافيا شركات الأدوية الأجنبية، وتوغلها داخل وزارة الصحة نفسها أدي إلي طرح عدد من الأدوية تحمل نفس المادة الفعالة تحت مسمي العديد من الشركات، وبأسعار متضاربة وتكون المحصلة خسارة فادحة خاصة للشركات العامة. فشركات الأدوية الأجنبية تحولت إلي مافيا تسيطر علي مقاليد الأمور وتتحكم في أسعار الدواء في مصر، وعمل رموز النظام السابق لصالح تلك الشركات ومنعوا طرح الدواء المصري الجديد مثلاً، للفيروس سي الذي توصل له مجموعة من العلماء المصريين برئاسة الدكتور جمال شوقي عبد الناصر، كما أنهم وقفوا ضد علاج البلهارسيا الذي اكتشفه العالم المصري الدكتور أحمد مسعود، وحاربوا علاج السرطان الجديد المستخلص من عيش الغراب الذي توصلت إليه مدينة الأبحاث ببرج العرب وغيرها، فالنظام السابق كان يريد قتل الشعب، وبسببه نحن الآن مقبلون علي كارثة إنسانية تتمثل في نقص الأدوية، وتنذر بأزمة قد تقضي علي صناعة الدواء بأكملها في مصر. تحدثت عن وجود اضرابات واعتصامات تتسبب في توقف عجلة الانتاج في مصانع الدواء العامة، فما طبيعة هذه الاضرابات؟ هناك بالفعل العديد من الاضرابات المتعددة داخل 6 شركات منتجة للدواء لأسباب تتعلق بحقوق العاملين، أو نتيجة توقف خطوط الإنتاج في بعض المصانع، كإغلاق خط إنتاج النقط والقطرات في مصنع شركة سيد للأدوية، أيضاً تعطل مصنع أسيوط لإنتاج الأقراص، علاوة علي العديد من الأسباب الإدارية الأخري. هل وردت لكم شكاوي من نقص الأدوية بالمستشفيات؟ لقد استقبل المركز المصري للحق في الدواء مئات الشكاوي في عدد كبير من المحافظات عن عدم وجود أدوية بأقسام الطوارئ بالمستشفيات العامة، والتعليمية، ولاحظنا من خلال بعض التقارير أن من بين هذه الأدوية غير الموجودة أدوية خاصة ب(الجلطات القلبية والدماغية القيء الدموي هبوط القلب المفاجئ - المغص الكلوي- مخدر العمليات - خيوط الجراحة الأزمات التنفسية - ارتفاع ضغط الدم المفاجئ). وهنا تكمن الخطورة حيث إن الدقيقة الواحدة تفرق بين الحياة والموت، وتوفير الأدوية بقسم الطوارئ قضية أمن قومي، كما أن وزارة الصحة هي الجهة المسئولة عن توافر هذه الأدوية، ويجب تفعيل عمل إدارة التموين الطبي بدلاً من السؤال عن وجود نقص بالأدوية بالتليفون.