إحياء أهداف 25 يناير ضرورة منشودة، القصاص الجاد والناجز من الذين خربوا مصر، المواطنة، الحد الأقصي للأجور، عودة الوعي، عودة المرأة للمشهد العام، دستور يتوج حضارة 7 آلاف عام هي بوتقة كل حضارات الوجود. هم لايخشون الموت.. ولكنهم يخشون الحياة منزوعة الكرامة.. الغارقة في البؤس، الظلم وغياب الحرية. كان ضياء عيونهم المنجومة بمثابة القرابين المنثورة علي أعتاب الوطن، فهم لايخافون فقدان البصر ولكن يرتعدون من فقدان البصيرة.. هؤلاء هم الشهداء والثوار أنبل وأشجع من أنجبتهم مصر. ولكن يحكي أن القطة تلتهم أبناءها والثورات تلتهم أولادها. والبراءة تزهق في عالم يهيمن عليه الغيلان، الضباع واللئام. وهنا وجب السؤال: هل خمدت ثورة 25 يناير، هل بعد انقضاء أكثر من عام علي اندلاعها هي في سكرات المغيب؟ وكل تلك الأرواح اليافعة ذهبت سدي وكانت تسعي لتطهير البلاد وإسقاط نظام عفن حوّل الوطن إلي مدن للموت، فالأموات والأحياء يعيشون في المقابر، فلم يتحقق من أهداف هذا الفوران الشعبي سوي القضاء علي التوريث وتغيير عنوان الرئيس البائد. ويبدو بالنسبة للمجلس العسكري أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان، أما العدالة الاجتماعية، الحد الأقصي للأجور والحد الأدني، أو كما أسميه الأقسي فلا يهم لايعتبر من الأولويات!! وليبق الحال كما هو عليه وهنيئا لنسل (دراكولا) الذين دأبوا علي امتصاص دماء 80٪ من الشعب المصري فهم أحباب الله وأحباب الوطن!! أما أعداء الوطن فهم أصحاب التظاهرات الفئوية الذين دفنوا لعقود ثلاثة تحت أنقاض السلب والنهب والهبش ومازال السادة الأفندية (الجبلات) يقبلون علي أنفسهم النهل بالملايين من قوت الغلابة في أتون تلك الأيام العجاف.. ويهل علينا د. شرف ود. الجمل ود.الجنزوري ويبدو أن الجميع حصد الدكتوراه في العند، فيبدو أنها عممت في المحروسة، وتتناسل بيانات د. الجنزوري أنه باق من الرصيد القليل من المليارات والكثير من الغم والتبشير بثورة الجياع والإفلاس، فلماذا يا د. يا حاصل علي صلاحيات مطلقة لاتطبق الحد الأقصي، وتقلص من عدد السفارات في الخارج وتعلن التقشف الحكومي. ولماذا لاتوجد محكمة ثورة إذا كانت هناك ثورة. أما بالنسبة للثوار فلقد أفضي عدم الوعي السياسي الكافي إلي التنازل عن أهم هدف للثورة وهو التمسك بعمل دستور جديد يليق بمصر، يحافظ علي الحريات وحقوق كل المواطنين وليس دستور حزب بعينه، فمنذ البداية جنح المجلس العسكري تجاه الجماعات الدينية فكانت اللجنة المنوطة بالتعديلات لجنة حزبية، ومازلت الفرصة سانحة يجب أن يستيقظ الثوار من جديد بشكل سلمي لكي تحظي مصر بدستور يوحد بين الجميع ويحفظ لمصر تعدديتها، لقد كان من الأولويات الضرورية تخصيص مليونيات للمطالبة بدستور هو صمام الأمان لمجتمعنا دون خشية الاتهامات بالتكفير وأسلوب (الهت) الذي استجاب له البعض سواء من النخبة. أو الثوار الذين نكل بهم واتهم البعض منهم بالخيانة، إن كلمات نجيب محفوظ تلاحقني دوما: (الثورة يقوم بها الشجعان ويستفيد منها الجبناء). ولكن يجب أن نلوذ ونعتصم بالحلم فالحلم قد يكون أحيانا تغيير التاريخ، طمس سلبياته، من غير الممكن أن يكون شباب الثوار في الثلاثينات أكثر وعيا من شباب اليوم الذين ضحوا بحيواتهم في سبيل استعادة دستور 23. إن المصريين عانوا لسنوات مترهلة من الكبت الثوري، فترنح المصري وتمزق بين النكتة تارة والجريمة تارة فكان نوعا من الإسقاط والفصد، فأجيال من أهل مصر ازدردوا المهانة والقهر ولم يفلحوا في تهشيم جدار الخوف العتيد حتي انطلق الشباب الذين لم تلوثهم المكاسب الرقطاء ولم تغوهم الكراسي الفاسدة فكانوا بمثابة المشاعل التي أضاءت الطريق المعتم. ولكن بعد تواري الأب والابن جاء هادم الملذات ومفرق الجماعات، فتفرق الجميع ومضي كل إلي غايته، فالجماعات كانت منذ زمن بعيد أصبحت دولة داخل الدولة، استقطبت الشعب المغلوب علي أمره، المكلوم ببؤسه، المهجور من حاكمه، فكل ما كان يسعي إليه هو الحفاظ علي كرسي دون شعب، أما الذين عذبوا هم من كانوا يهددون هذا الكرسي الرجيم، وبقي الثوار الأبرار يعانون التيه، التشرذم، وانتهازية الكبار، والعداء السافر تجاه كل جديد وكل تغيير، إن النقد هو بداية النهضة لأي شعب، وإبليس معناه في اللغة المفرق، والمطلوب الآن هو الوحدة بين كل أطياف الأمة، وليتجاوز الجميع ظاهرة التحزب، المزايدة، التكفير، وأن يكف البكوات الجدد عن حب المال حبا جما، وأن يعود دور المرأة واحترامها. والإجابة عن سؤال لماذا يزداد التحرش بالمرأة بينما يزداد ويتكاثر الحجاب والنقاب فأقول انصتوا إلي الدعاة الذين يؤبلسون المرأة ويحولونها إلي مخلوق خلق للغواية، صوتها عورة ووجهها يحاكي مكمن العفة؟! إحياء أهداف 25 يناير ضرورة منشودة، القصاص الجاد والناجز من الذين خربوا مصر، المواطنة، الحد الأقصي للأجور، عودة الوعي، عودة المرأة للمشهد العام، دستور يتوج حضارة 7 آلاف عام هي بوتقة كل حضارات الوجود.