يا كاشغري كسبت بالتغاريد شهرة لم يكسبها هتلر بالطائرات ولا موسوليني بالدبابات! شهرة إن افترضناها محسودة يومها، فلم يعد يُحسد عليها من اليوم التالي .. يوم انشغال العالم الخارجي باللون الأحمر لعيد الحب "هابي فلنتاين" واكتساء العالم الداخلي بالأحمر الأشدّ إحمرارا في كل من سوريا ومصر واليمن وليبيا وغيرها. والأحمر ذلك اللون المهووس الذي كان الشاعر الهوس أبونواس، ألصقه يوما بقميص عشيقته في قصيدته الميمية (هل أنت مصبوغة بدم القلوب، أم راشقتك العيون سهاما) .. ورميت رميتك يا كاشغري إن كنت في يومه قاصدا، كسوة السواد الرباني تهجرها الي الخمار الأوروبي، مستبدلا جوار البيت العتيق باحمرار "الفلنتاين" .. فأعادك رب البيت، الذي يقصم الجبارين المهاجمين وإن كانوا علي ظهر الفيلة، ويدرك المغامرين الهاربين وإن كانوا علي ظهر الطائرات، وللبيت رب يحميه. لكن (كاشغري) أشققتم قلبه؟ نعم، أشققنا قلبه من خلال تغريداته الثلاثة التي غرد بها للنبي الكريم يوم المولد الشريف؟: 1 في يوم مولدك لن أنحني لك، لن أقبل يدك، سأصافحك مصافحة الند للند 2 وأبتسم لك كما تبتسم لي 3 وأتحدث معك كصديق فحسب وليس أكثر.!) هذه التغريدات الثلاث وخلفها الكاشغري المخبول، أكان بالتصميم والرصد والإصرار؟ أهو الإيمان بفكرة لارجعة منها؟ أكان قاصدا لنفسه خطّا يمشي فوقه مشية لا انحراف فيها، ودربا لاعودة منه؟ .. أم أنها زفرة طيش أطلقها طائش لغوا و(لايؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم)، ثم استيقظ وألغاها بيقظته وتوبته إلغاء مؤبّدا؟ .. ولنفترض، قطعنا رأسه، وهو يردد "تبتُ الآن"..وذهبنا به افتراضيا إلي المرقد النبوي الشريف، ماذا لو أتانا من الروضة المباركة نفس السؤال (أشققتم قلبه؟)، طبعا يأتينا عبر حديثه الشريف والثابت في كتب السير(أشققتم قلبه) أيحق لي أن أحسن الظن في أخي المسلم؟ أصاب أم أخطأ؟، لكنه اختار يوم مولد من أحبّه، غرّد له علي طريقته؟ وفي زمن ما أكثرهم بين ظهرانينا من الشبان، الذين يحفظون عن ظهر الغيب تاريخ ميلاد المطرب الأمريكي مايكل جاكسون، وتاريخ موت المطربة الفرنسية جاكسينا، ويتلعثمون إذا سألتهم: متي ولد الرسول؟ كم عاش مكيا وكم عاش مدنيا؟ ومتي توفي؟ كاشغري لم يختر يوم أفلاطون وسقراط وأرسطوطاليس ولا حتي لينين وماوتسي تونغ، او جواهرلال نهرو وغاندي، لأنه قد لايحبهم ولايعرفهم، لكنه توقف علي رجليه لمولد النور يوم مولده الشريف، وواجهه بكلمات فيها القليل من قلة أدب والكثير من الدلع، وانا كلي ثقة ويقين لو أن سطوري هذه مرت علي كاشغري، لأغرورقت عيناه بالدموع وذاب فيها ذوبان الشموع. أليست المعتقدات الإلحادية الطقوسية كلها صمّاء بكماء وعنقاء؟ تقابلها الشرائع السماوية بسعة العقل والفكر؟ والإسلام آخرها فأصلحها الي قيام يوم الدين لكل مكان وزمان، وشرعه بعمق المحيطات والبحار والأنهار، وبوسعة الأرضين والسماوات، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين حتي تقوم الساعة والبوابة لهذه الأعماق والسعات هي شهادة (أن لا إله الا الله).؟ فلنفترض وأنت تحسن الظن بأخيك المسلم، أن الكاشغري في رحلته الأولي كان قد نطق (لا) ولو تركناه كان ينطق (إلاّ) .. ألا تسمح لنا سعة هذا الشرع السمح، أن نفترضه، أنه كان بنصف الطريق، فلنتركه يكمل الطريق، ويصل الهدف (لا إله إلا الله). ألسنا في زمن الحصار الإعلامي، يتم فيه خنق ديننا الإسلامي السمح الحنيف باتهامات الغلظة والعنف والإرهاب؟ والأعداء يلصقون بنا العرقية والتطرف والطائفية كذبا وبهتانا؟ إذن ألا تتوقعون لو تركناه هذا المعتوه يمشي جادته تائبا، قد يعود لنا يوما داعية يقظا لاتقل عن يقظة البوب الأمريكي يوسف إسلام، أو مفكرا إسلاميا عملاقا قد يقدم للعالمين الإسلامي والعربي عصارة تجاربه المريرة في طرح لايقل روعة إن لم يتفوق علي ما قدمه الدكتور مصطفي محمود في كتابه (رحلتي من الشك الي الإيمان). المؤسف ان تويتر وفيس بوك، لاتسمحان لك ان تُطعم النار ما كتبته خطأ ونسيانا، ونبينا الكريم يقول (عُفي عن امتي تسع، الخطأ والنسيان...إلي آخره)، بل تنشران منسوبة لك ما لم تنشره، وقد تجد علي جدارك صورا إباحية وكأنك وضعتها وأنت آخر من يعلمها.! وتأتيك بعذر أقبح من الذنب، أنه لاذنب لنا! وأنه تم اختراق فيس بوك وتويترز من (الهاكرز).! رغم ان هؤلاء الهاكرز، إن أتونا يوما نادمين تائبين، قد نقول لهم (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).! وأخيرا، ألا يصح افتراض عدد الذين خلف تويتر ممن لم ينشروا فيها قد يفوق أضعاف من نشر؟ والذين ينشرون بأسماء وألقاب وهمية ومستعارة أضعاف أضعاف الحقيقيين، وأن أعداد الذين تختلج صدورهم بتغريدات مشابهة لاتُعدّ ولن تُحصي بأصابع اليدين؟ وأننا بإبداء روح التسامح الإسلامي سنفسح لهم المجال الأوسع إلي الدرب السليم، خاصة لمن كان بينهم في رحلته من الشك الي اليقين؟ يوما كنا نكتب ونمسح؟ بل كنا نمسح في تلك المرحلة من العمر اكثر مما نكتب، وكان المعلم يفتش حقائبنا علي أبواب الصفوف، (أين المحّاية والقلم والبراية؟) .. وفي الصف كان يقف هو بنفسه وقبل التلاميذ، وفي يده مساحة وطبشورة، يمسح ويكتب، بل يمسح ويمسح .. فهل نبكي اليوم علي ما كناه مسحناه أياما.؟! بل وبالعكس، (الّلاء) التي مسحناها، هي التي أوصلتنا علي (إلاّ) .. إذن، دعونا يا سادتي وقادتي، أن نسامحه إن كان قد مسح من مدونته ومُخيّلته، ونضمّه إلي أمة (لا إله الاّ الله) وسيصل بنفسه قلبا وقالبا علي (محمد رسول الله).