تابعت مع الملايين من أبناء مصر الزيارة الهامة التي قام بها الرئيس حسني مبارك يوم الخميس الماضي لمحافظة أسيوط وقيامه بافتتاح طريق أسيوط/البحر الأحمر وكذلك وصلة قنا. ولاشك أن قيام الرئيس مبارك بافتتاح هذا الطريق الحيوي ومن قبله بأيام قليلة مطار سوهاج إنما يأتي في إطار اهتماماته القوية بأهمية المرافق العامة وخاصة الطرق في تحقيق التنمية الشاملة.. والاهتمام بالمرافق العامة هي إحدي سمات عصر الرئيس مبارك منذ تولي زمام الحكم مع بداية الثمانينات من القرن الماضي. وبالتأكيد فإن طريق الصعيد يمثل نقلة نوعية لهذه المناطق الهامة من أرض مصر حيث سيؤدي إلي ازدهارها وتعميرها وجعلها منطقة جذب سكاني واستثماري بعد أن كانت لسنوات طويلة مكانا لنفي ومعاقبة المقصرين أو المغضوب عليهم من موظفي الدولة علاوة علي انخفاض مستوي معيشة سكانها وتدهور أوضاعهم الحياتية. إن طريق الصعيد/ البحر الأحمر سيلعب دورا مؤثرا في تطوير علاقاتنا الاقتصادية والتجارية وبالتالي السياسية والإنسانية مع الدول العربية وكذلك الدول الأفريقية خاصة دول حوض نهر النيل التي تربطنا بهم علاقات أزلية ومن هذا المنطلق فإنه يتحتم علينا العمل علي توسيع وتطوير ميناء سفاجة لكي يكون ميناء عالميا يستوعب حجم الحركة المتوقعة خلال السنوات القليلة القادمة وخاصة بعد الاستثمارات والمشروعات الصناعية والتعدينية والزراعية التي ستشهدها محافظات الصعيد خلال السنوات القليلة القادمة. ارتفاع أسعار الأراضي في محافظات سوهاجوأسيوطوقنا بعد إنشاء طريق الصعيد/البحر الأحمر إنما يأتي نتيجة تدفق الاستثمارات المصرية والعربية والأجنبية علي هذه المحافظات وكذلك باقي محافظات الصعيد التي ستستفيد من وجود هذا الطريق الذي يعد أول نافذة للصعيد علي البحر الأحمر وهو ما سيشجع مستقبلا علي إنشاء مزيد من الطرق العرضية كمنافذ لباقي محافظات الصعيد علي البحر الأحمر ويعني مزيدا من اقتحام الصحراء المصرية التي تمثل حوالي %95 من مساحة مصر وتعميرها اقتصاديا وسكانيا. ومما لاشك فيه أن تنمية الصعيد بصحاريه المترامية الأطراف وثرواته اللا محدودة إنما يمثل خيرا عظيما ليس فقط للصعيد وإنما لمصر كلها حيث سيؤدي إلي جذب أعداد كبيرة من مدن الدلتا المكتظة بسكانها وهو مايذكرني بولاية بافاريا جنوبألمانيا والتي كانت قبل خمسين عاما من أقل الولايات رخاء ونموا ثم أصبحت الآن بعد السياسات الجادة والحكيمة لحكومتها في مقدمة الولايات الألمانية وأكثرها نموا وازدهارا وثراء. والحقيقة أن من أهم ما شد انتباهي وإعجابي في زيارة الرئيس مبارك لمحافظة أسيوط هو تأكيده علي ضرورة الاهتمام بأحوال المواطن البسيط والعمل علي تملك المزارعين للأراضي الصحراوية طالما أنهم جادون في زراعتها وهو ما يجب أن يعد مبدء يعمل به في مختلف محافظات مصر كذلك توجيهاته بتفادي قطع الأشجار أو هدم المنازل أو تدمير الزراعات عند إنشاء الطريق الجديد أو الكباري حفاظا علي ممتلكات المواطنين والثروة القومية وقد سلطت الأضواء خلال هذه الزيارة علي ضرورة التوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة (الشمس والرياح) وخاصة في المناطق الصحراوية خفضا للتكاليف وتوفير هذه الطاقة النظيفة صديقة البيئة بأسعار منخفضة ولابد من الاسترشاد في هذا المجال بدول متقدمة مثل ألمانيا والدنمارك والاتجاه بجدية نحو التوسع في استخدام الطاقة الشمسية المتوفرة في بلادنا علي مدار العام في تحلية مياه البحر بهدف خلق مجتمعات عمرانية إنتاجية وبشرية جديدة علي امتداد شواطئنا البحرية التي تقدر بأكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر علي البحرين المتوسط والأحمر.. كما أننا لابد أن نعطي اهتماما كبيرا بالمشروع الأوروبي العملاق الذي يهدف إلي إنتاج الطاقة الشمسية النظيفة في الدول الأفريقية وتصديرها إلي أوروبا وهو المشروع الذي يبلغ إجمالي تكلفته حوالي 400 مليار يورو ليس فقط في إنتاج هذه الطاقة علي الأراضي المصرية وإنما أيضا مشاركة الشركات المصرية العاملة في مجال الكهرباء والطاقة والتي لديها خبرة كبيرة في المساهمات في تنفيذ هذا المشروع في الدول الأفريقية الأخري خاصة دول شمال أفريقيا وهو ماسيؤدي إلي زيادة وتعميق التواصل والتعاون مع دول القارة السمراء. ولم ينس الرئيس مبارك وهو في الصعيد مشاكل القاهرة المزمنة وخاصة مشكلة المرور وما تمثله من أعباء مادية ونفسية علي المواطنين فطالب المسئولين بضرورة الإسراع في مد ضواحي القاهرة مع المدن الجديدة في مقدمتها السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان بخطوط مترو سطحية سريعة تساهم في نقل حركة المرور من وسط العاصمة إلي خارجها. وبصرف النظر عن أهمية شبكة الطرق والكباري في إعطاء دفعة قوية للاستثمار والتنمية في مختلف أنحاء البلاد إلا أن تنفيذ هذه المشروعات لابد أن يتم طبقا للتوقيتات المخطط لها وبالدرجة المطلوبة من الإتقان والجودة طبقا للمعايير الدولية حتي يمكن الاستفادة منها لأطول وقت ممكن وبكفاءة عالية انطلاقا من مفهوم »أن سرعة الإنجاز لايجب أن تأتي علي حساب الجودة«.