ما هي حقيقة ال9 مليارات دولار التي يقال إنها اكتشفت بالصدفة - في رصيد مبارك وتم تهريبها للخارج؟..وهل الرقم الحقيقي الذي تم تهريبه هو 15 مليار دولار..منها 6 مليارات "أموال ساخنة" في الأوراق المالية خرجت بأكواد سرية في البورصة لمبارك وعائلته؟ وهي نفس قيمة التراجع في الاحتياطي النقدي للبلاد الذي استنزف بوتيرة سريعة، رغم أن حسابات استيرادنا لا تتعدي ال5 مليارات دولار في السنة! البنك المركزي ينفي ذلك بشدة ويقول إن هذه الأموال كانت عبارة عن تبرعات من بعض الدول العربية بعد أحداث الخليج ولم تدخل في حساب مبارك، بل تم إيداعها ضمن الاحتياطي النقدي للبلاد..في الوقت الذي يؤكد فيه الخبراء والاقتصاديون والقريبون من الأحداث أن مبارك وعائلته استطاعا تهريب " 15 مليار دولار" إلي سويسرا ،منذ أحداث الثورة وبالتحديد خلال النصف الثاني من شهر فبراير بعد خلعه من الحكم وشهر مارس .. وهذا يفسر سر خروجه لنا أوائل شهر أبريل علي قناة العربية في تحد غير مقبول ،واستفزاز لمشاعر الشعب المصري الذي قتل وجرح منه الآلاف وسرق قوت بلاده، ليعلن أنه ليس لديه أي أرصدة بعد أن تمكن من إخفاء أمواله وتهريبها بشكل منظم ولم يعد أحد يستطيع أن يضع يده عليها ! كل الحقائق والدلائل والشواهد تؤكد أن ذلك تم علي مسمع ومرأي ممن كانوا قائمين علي أمور البلاد وقت ذاك وبالتحديد خلال وزارة أحمد شفيق وعصام شرف.. حيث تم تهريب هذه الأموال عن طريق ثلاث جهات أولها شركة هيرمس،وأحد مكاتب المحاماة الدولية الشهيرة في مصر ..الذي وضع خطط تهريب الأموال ..وأحد مراكز الدراسات الاقتصادية الذي يضم خبراء رسموا له طرق إخفاء الثروة ،ومن خلالهم تم جمع أموال مبارك وبيعت معظم أملاكه وتم نقلها إلي سويسرا ..وبمساعدة مسئول مصري في أحد البنوك السويسرية..والأدهي من ذلك أن سفاراتنا بالخارج لديها المعلومات الكاملة عن عملية التهريب ،ولكن تم الكتمان عليها بأوامر من أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق بعدم الاقتراب من هذا الملف. وقد قدرت الدكتورة ماجدة قنديل المسئولة السابقة في صندوق النقد الدولي والمدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية حجم الأموال المهربة والتي خرجت من مصر في عهد حكومتي أحمد شفيق وعصام شرف ب 15 مليار دولار، وهي نفس قيمة التراجع في الاحتياطي من النقد الأجنبي، منها 9 مليارات خرجت حتي نهاية يونيو الماضي ،7 مليارات أموال ساخنة في الأوراق المالية وفقا لبيانات البنك المركزي، ونحو 6 مليارات قد خرجت خلال الفترة من يوليو وحتي نهاية نوفمبر، وقد مثل خروج هذه الأموال خاصة الساخنة نوعا من الضغط علي العملة المحلية وسعر الصرف، وأنه كان يجب علي النظام السابق أن يضع قيودا علي الأموال الساخنة للحد من مخاطرها من خلال فرض ضريبة علي هذه الأموال عند خروجها خلال فترة قصيرة، كما هو الحال في بعض الدول ومنها الهند.. وأرجعت السبب الرئيسي في هروب هذه الأموال إلي فشل حكومة شرف في التعامل مع الأوضاع الاقتصادية، وفي الحفاظ علي تماسك مؤشر الثقة في السوق، من خلال استعادة الأمن أو اتخاذ خطوات واضحة في هذا الاتجاه. واعتبرت أن الحكومة السابقة ساهمت علي عكس ذلك في تفاقم الأوضاع الاقتصادية بسوء تعاملها مع التظاهرات والمطالب الفئوية، حيث تعاملت معها بمنطق القطعة قطعة والتجزئة بدلا من وجود خطة واضحة ومعلنة، لامتصاص حدة هذه المطالب من خلال الإعلان عن سياسات قصيرة ومتوسطة الأجل لاستيعاب حدة الاختناقات الاجتماعية والفئوية، خاصة فيما يتعلق بوضع حد أقصي للأجور، وترشيد الإنفاق الحكومي. كما أن هناك 30 مليار دولار علي أبواب مصر في صورة مساعدات اقتصادية من مجموعة ال 8 وبنك التنمية والأعمار الأوروبي، ومجلس التعاون الخليجي، وصندوق النقد الدولي، فشلت الحكومة السابقة في تفعيلها بسبب عدم تقديم قائمة بالمشروعات المستفيدة من هذه المساعدات. وما يؤكد أيضا هذه المعلومات هشام عامر رئيس قطاع الإفصاح بالبورصة المصرية فيقول إن إدارة البورصة المتعاقبة منذ بداية أحداث ثورة 25 يناير بدءا من الدكتور خالد سري صيام ومرورا بمحمد عبد السلام وحتي إدارة الدكتور محمد عمران الحالية مارست ضده ضغوطا شرسة ..بعد أن صدر قرار من النائب العام بانتدابه لتقديم المعونة الفنية في القضية رقم 52 المتهم فيها علاء مبارك وأحمد سعد رئيس هيئة سوق المال الأسبق وتتضمن 12 مخالفة لقانون سوق المال .. حيث اتهم هشام إدارة البورصة بتدشين نظام معين لإخفاء أكواد عائلة مبارك وشخصيات نافذة بالحزب الوطني المنحل ووزراء سابقين لتهريب الأموال عبر بوابة البورصة. ولعل ما فجرته أيضا التحقيقات السويسرية مؤخرا..وكان بمثابة صدمة شديدة لأطراف عديدة تؤكد نفس الكلام،خاصة بعد ما أصدر النائب العام السويسري قرارا بضبط وإحضار سوزان ثابت للتحقيق معها باتهامها بجريمة غسيل الأموال و التهرب الضريبي علي أرض أوروبية ، بعد أن أصدر ثلاثة طلبات العام الماضي لاستدعائها الأول في أول أكتوبر، والثاني في 1نوفمبر، والثالث 1ديسمبر.. وفي نفس الوقت تم فتح التحقيقات حول هذه الأرصدة غير الشرعية والمتضخمة في بنوك سويسرا، وتم تكليف أجهزة التحقيقات والتحريات بمتابعة تعاملات مبارك وأسرته علي مدي ال 30 عاما الماضية. .حيث تبين أن سوزان ثابت فتحت أول حساب جار لها سنة 82 بمبلغ 15 مليون دولار وطبقا للمستندات البنكية السويسرية.. كما أن علاء وجمال مبارك كتب باسميهما معا وفي يوم واحد مبلغ 25 مليون دولار لكل منهما. كما كشفت المفاجآت أن أرصدة عائلة مبارك كانت تقفز كلما وقعت أحداث كبيرة بالعالم منها أن أرصدة العائلة المدرجة بأسمائهم قد بلغت عند احتلال الكويت بضعة مليارات لكنها تراجعت بعد تحويل أجزاء من هذه الأموال إلي عدد من البنوك في العالم.. وأصبح الرصيد في بنوك سويسرا 5 مليارات فقط. .وكشفت التحقيقات السويسرية أيضا أن عائلة الرئيس خاصة قرينته سوزان تعاملت مع نوعين من الخدمات البنكية أولها النظام العادي حيث الحساب طبقا للاسم الحقيقي لصاحب الرصيد حتي عام 1990 ثم تحولت إلي النظام البنكي المشفر الذي من خلاله يتم فتح حساباتها بشفرة الصوت دون بيانات خاصة وبنظام الكود المشفر حيث الرصيد مقابل عدد من الأرقام والحروف المشفرة التي لا يمكن كشفها. ورصدت التحقيقات السويسرية أن الأرصدة الخاصة بأسرة مبارك كانت تتزايد علي فترات ربع سنوية ولا يمكن أن تفسر علي أنها أرباح تجارية.. المفاجأة المروعة كما جاء في التحقيقات أن عائلة مبارك لديها الآن 15 مليار دولار أرصدة في بنوك سويسرا.. الغريب كما جاء في التحقيقات أن سوزان مازالت تسحب وتودع بحرية كاملة داخل 4 بنوك سويسرية وهي من البنوك التي لا يلزمها القانون بكشف سرية حسابات عملائها.. ورصيدها في هذه البنوك 460 مليون دولار مودعة بنظام الشفرة، الأغرب أن هذا المبلغ تم إيداعه في مايو 2011 داخل حساب في أحد البنوك التي تحجب النيابة السويسرية أسماءها. وفجرت التحقيقات السويسرية مفاجأة أخري من العيار الثقيل، وهي أن الجمعية التي تترأسها سوزان وتسمي جمعية سوزان مبارك للسلام التي تعمل داخل سويسرا منذ 3 يوليو 2003 قد حصلت من قطر وحدها في الفترة من عام 2000 وحتي عام 2005 أي خلال 5 سنوات علي 300 مليون دولار أمريكي كتمويل خاص من زوجة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة الثاني، وأن هذه الأموال دخلت حساب سوزان دون أن تستخدم دولارا واحدا في نشاط الجمعية. .وعلي خلفية هذه التطورات قامت السلطات السويسرية بمصادرة الأرشيف الرقمي لقسم الحسابات في جمعية سوزان مبارك للسلام في جنيف. من ناحية أخري أكدت الدراسة الاقتصادية الصادر عن المركز المصري للدراسات برئاسة صلاح جودة حصيلة الفساد في حكم مبارك وصلت إلي "5.1 تريليون جنيه" وأن هذه الحصيلة كانت كفيلة بنقل الشعب المصري إلي مصاف الدول المتقدمة..ولكن عمليات الفساد خلال حكم المخلوع كانت منظمة بكل دقة واستفاد منها عدد قليل من المصريين هم حاشية الرئيس ونجلاه حيث ظهرت لأول مرة في مصر الرشاوي بالملايين بل بالمليارات والتي كانت تُدفع لكبار السياسيين والمسئولين عن طريق الخصخصة التي تمت خلال فترة التسعينيات وحتي 2010 وكذلك الأموال التي أهدرت من خلال المنح والقروض التي حصلت عليها مصر وكذلك إهدار المال العام والتربح والاستيلاء وجرائم تسهيل الاستيلاء للغير. أما أهم عنصر في عملية الفساد في مصر خلال حكم المخلوع هو الإفساد الاقتصادي من خلال صدور قرارات اقتصادية وقوانين تم سنها من المجالس التشريعية التي خدمت فئة صغيرة استطاعت السيطرة علي الحكم والحياة السياسية والاقتصادية، والغريب أن عدد هؤلاء لا يزيد علي 20 فرداً، كانوا يديرون دفة الأمور في حكم البلاد والعباد خلال العشرين عاماً الماضية.. فهناك حالات إثراء غير مشروع من خلال عمليات استيلاء علي القطاع العام مثل استيلاء أحمد عز علي الشركة الوطنية للحديد (حديد الدخيلة). وتقول الدراسة إن ميزانية الدولة قد خسرت حوالي 200 مليار جنيه نتيجة بيع واحتكار صناعات معينة خلال فترات قصيرة مثل صناعة الحديد والأسمنت والمقاولات والغزل والنسيج واستيراد اللحوم والقمح وقطاع البنوك والتأمين وتصدير الفواكه والخضر وقطاع الاتصالات.. أما في مجال بيع الأراضي فقد بلغت الفاتورة أكثر من 300 مليار جنيه لعدد من رجال الأعمال الذين اشتروها بأبخس الأسعار وقاموا بتسقيعها وبيعها بالمليارات دون رد باقي الثمن للدولة. بينما خسرت مصر الملايين من خلال سفر الوزراء ورؤساء المصالح والهيئات لحضور الدورات التدريبية في الخارج علي نفقة الدولة.. بالإضافة إلي الندوات والمؤتمرات التي تعقد في مصر والتي كلفت خزينة الدولة ملايين الجنيهات بالإضافة إلي خسارة 350 مليون دولار تم إنفاقها علي شراء معمل منتهي الصلاحية لأنفلونزا الخنازير. إن فاتورة الفساد في عهد المخلوع كانت تتم بلا حسيب أو رقيب.. وهي الأموال التي كانت من الممكن أن تسدد بها مديونيات مصر ويبلغ رقمها 100 مليار جنيه سنويا وهي عبارة عن سداد فواتير القروض المستحقة علي مصر داخلياً وخارجياً.. كما كان يمكن الاستفادة منها في إيجاد مشروعات جديدة وخلق فرص عمل لا تقل عن مليون فرصة سنويا.. والأغرب من ذلك كله هو أنه منذ قيام ثورة يوليو وحتي الآن لم يتم تحويل الفاسدين والمحتكرين إلي النيابة العامة.. فيما عدا أحمد عز والمغربي وجرانه فهناك أكثر من 20 رجل أعمال متهمون بالفساد الاقتصادي واحتكار السوق ولم يسائلهم أحد..وقد قام هؤلاء بنقل أموالهم إلي الخارج ولا تزال عملية تفتيت ونقل الأموال تتم منذ ثورة 25 يناير وحتي الآن تتم دون حساب .