حصلت "آخر ساعة" علي خطة وزارة التربية والتعليم وبيت العائلة المصرية لمواجهة انتشار التطرف عبر المدارس، وبدا واضحا أن هناك رغبة مختلفة هذه المرة لمواجهة أعمال العنف التي تنطلق من المدارس وذلك بعد أن اقتصرت الإجراءات بعد كل حادث إرهابي علي بيانات الإدانة والنعي التي تصدرها وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلي بعض التعليمات التي ترسلها إلي المديريات والإدارات التعليمية بالوقوف دقيقة حدادا في اليوم الدراسي الأول عقب وقوع الحادثة. عقب الحادث الإرهابي الأخير الذي ضرب مسجد الروضة بمدينة بئر العبد شمال سيناء، أصدرت وزارة التربية والتعليم خطابا رسميا إلي جميع المديريات التعليمية للتشديد علي ضرورة تنفيذ التعليمات التي أصدرها وزير التربية والتعليم بعد علمه بالهجوم الإرهابي الذي تعرض له المصلون بمسجد الروضة بشمال سيناء يوم الجمعة. وقال الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم، إن علي رأس هذه التعليمات، الوقوف دقيقة حدادا علي أرواح ضحايا الحادث أثناء الطابور المدرسي، والتأكيد علي تحية العلم وترديد النشيد الوطني خلال الطابور المدرسي، وتخصيص الفترة الدراسية الأولي بكافة المدارس وبجميع الصفوف الدراسية، لتناول دور مصر في مواجهة الإرهاب والتحديات الراهنة، وعدم تخليها عن معركة التنمية والبناء. وأوضح أن التعليمات شملت أيضا تناول الفترة المخصصة للتعبير بالمدارس خلال الأسبوع الجاري، تناول موضوعات (نبذ العنف والتطرف التسامح قبول الآخر المواطنة - ترسيخ قيم الولاء والانتماء تعزيز الفكر الديني الوسطي -الدعوة إلي الاصطفاف الوطني وتماسك كافة أطياف الشعب المصري - محاربة الإرهاب) ، و تخصيص إحدي فقرات الإذاعة المدرسية لمواساة أسر ضحايا الحادث الإرهابي الغاشم، وتناول دور مصر في محاربة الإرهاب وما يتطلبه الأمر من تضافر كافة الجهود من أجل دحره والقضاء عليه، والتأكيد علي مواصلة مسيرة النجاح بمعركة التنمية والبناء والنهوض والارتقاء بالمستوي المعيشي للمواطن المصري. وشدد الخطاب علي توجيه خطة الأنشطة التربوية (الخطابة الصحافة المدرسية التربية الفنية.. إلخ)، وبرامج التربية الاجتماعية والتوجيه والإرشاد التربوي خلال الفترة الراهنة حول تضمين المفاهيم والقيم المصرية الأصيلة المستمدة من التعاليم الدينية الوسطية، والتنسيق مع مديريات وزارة الأوقاف والكنائس المصرية لدعم إقامة ندوات داخل المدارس؛ لتوعية الطلاب بأهم القضايا والتحديات الراهنة، والدعوة إلي الاصطفاف الوطني في مواجهة الإرهاب، وغرس قيم المواطنة والتسامح وتفهم أسس الحرية والعدالة من حقوق وواجبات وشعور بالمسئولية تجاه الوطن، والمواطنين. وقالت مصادر خاصة ل"آخرساعة"، إن الوزارة رصدت استجابة بعض المدارس لتعليمات وزارة التربية والتعليم، والتزم غالبيتها بالوقوف دقيقة حدادا علي أرواح الطلاب، بل إن العديد من مدارس محافظة القاهرة أدوا صلاة الظهر وصلاة الغائب جماعة علي أرواح الشهداء، فيما شهد العديد من المدارس حالة من التخبط بين تخصيص الحصة الأولي للحديث عن الإرهاب والالتزام بالجدول الدراسي تحديدا بعد تقديم امتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول. وكذلك فإن بعض المدارس الخاصة والدولية بادرت باتخاذ إجراءات للتنديد بالكارثة ومنها مدرسة القاهرة الدولية التابعة لإدارة شرق مدينة نصر إذ قامت إدارة المدرسة بمشاركة الطلاب بأداء صلاة الغائب علي أرواح الشهداء، وخصصت الإذاعة المدرسية للحديث عن أخطار الإرهاب. وبالتوزاي مع ذلك فإن الدكتور رسمي عبد الملك، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي ببيت العائلة المصرية، كشف ل"آخرساعة" عن أنشطة اللجنة التي يجري تطبيقها حاليا في عدد من مدارس الجمهورية لمواجهة الأفكار المتطرفة، والتي تأتي علي رأسها؛ تكوين جماعات أصدقاء بيت العائلة داخل المدارس من المرحلة الابتدائية وحتي المرحلة الثانوية، والتي تتكون من الأطفال المسلمين والأقباط وتنشئتهم من خلال مدربين اجتماعيين علي مبادئ الوحدة الوطنية، ووضع برامج مناسبة لكل مرحلة عمرية لتدريس قيم مشتركة بين الديانات المختلفة مثل الأمانة والصدق علي سبيل المثال، وأن الهدف منها هو تشجيع الطلاب علي قبول الآخر، مشيرا إلي أن تلك اللجان جاري التوسع فيها خلال العام الجاري في جميع مدارس المستوي بعد أن تم تطبيقها علي عدد محدود من مدارس القاهرة والجيزة العام الماضي. وأضاف أن لجنة بيت العائلة بدأت في تدشين فروع لها في مختلف محافظات الجمهورية منذ بداية العام الدراسي الحالي، وأن ذلك يوازيه علي الجانب الآخر عقد دراسات عديدة داخل مركز البحوث التربوية لوضع خريطة عمل مستقبلية للجنة، وأن اللجنة في طريقها لإصدار دليل استرشادي للمعلمين المشرفين علي جماعات أصدقاء بيت العائلة في المدارس المختلفة، وأن ذلك الدليل سيركز تحديدا علي كيفية التنشئة السليمة للطلاب والجانب الوقائي من اعتناق الأفكار المتطرفة. وأوضح أن لجنة التعليم ببيت العائلة ستبدأ خلال الفترة المقبلة في تدريب الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين علي مستوي الجمهورية من خلال استغلال قاعات الفيديو كونفرانس التابعة لوزارة التربية والتعليم والتي يبلغ عددها 64 قاعة في مختلف المحافظات، وأن تلك التدريبات ستشمل تدريب المعلمين علي كيفية غرس القيم المجتمعية والأخلاقية بين الطلاب، بالإضافة إلي عقد العديد من الندوات داخل بعض المدارس بمشاركة شيوخ الأزهر والقساوسة لتعريف الطلاب بحجم الجريمة الأخيرة، ورأي العالم فيما قام به الإرهاب الغاشم علي الأراضي المصرية. ومن جانبه قال الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس، إن قرارات وزارة التربية والتعليم بالرغم من أنها حملت هذه المرة تطبيق العديد من الأنشطة داخل الفصل الدراسي كالتعبير والخطابة والصحافة المدرسية، إلا أنها غير كافية لتخريج دفعات تؤمن بتعدد الآراء والاختلاف وترفض الأفكار المتطرفة، وبالرغم من أن شحاتة ألف العديد من الكتب المدرسية منذ العام 1980 وحتي الآن، إلا أنه شدد علي أن المناهج المصرية بصفة عامة تحتاج إلي المراجعة لأنها تهتم بالرأي والفكر الواحد ولا تساعد الطالب علي أن يبدي رأيه بحرية وفي كثير من الأحيان تحوله إلي آلة لا تبدع ولا تفكر. وأضاف أن المدارس الحكومية المصرية والتي تتسم بكثرة عدد الطلاب داخلها وقلة الإمكانيات تؤدي إلي قتل ثقافة الحوار، بجانب أن تلك المدارس لا تتوافر بها الأنشطة الأدبية والاجتماعية والفنية وأن هذه المجالات التي تمًكن الطالب من تفريغ طاقته التي تستغلها التنظيمات الإرهابية لتوظيفها لصالحها، مستغلة وجود خلل في السلوك السوي والرشيد للطلاب، مشددا علي أهمية عودة الأنشطة الديمقراطية داخل المدرسة عن طريق إدارة الحكم الذاتي لكل مدرسة والتي تشمل جميع مكوناتها، بالإضافة إلي عودة نشاط البرلمان الصغير داخل المدرسة، وهي الأنشطة التي تسهم في إدارة جميع أطراف العملية التعليمية في عملية الإدارة. وقدم شحاتة خلال تصريحاته ل"آخرساعة"، مقترحا جديدا يقضي بإنشاء قاعات للحوار داخل كل مدرسة يتم فيها مناقشة الطلاب في قضايا العصر علي أن تستضيف المدارس رموز المجتمع السياسية والاقتصادية والدينية لإقامة حوار جاد بينهم وبين الطلاب، علي أن يتم ذلك تحديدا علي طلاب المرحلة الثانوية بهدف تعميق قيم الانتماء والولاء للوطن وإلي رموزه، كما اقترح تفعيل جماعات النشاط داخل المدرسة والتي يكون دورها زيارة معالم الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية علي مدارس السنوات الماضية، لافتا إلي أن تفعيل هذا الدور يواجه انكفاء الطلاب علي أنفسهم ومواجهة تأثيرات مواقع التواصل التي تمتلئ بالشائعات علي عقولهم. وفي نفس السياق قال، عبدالناصر إسماعيل، رئيس اتحاد المعلمين المصريين، ل"آخرساعة"، إن توعية الطلاب من مخاطر الإرهاب لا يجب أن يتم التعامل معها بمنطق المناسبات، فبالرغم من أهمية قرارات وزارة التربية والتعليم والتي تكون ضرورية في وقتها، لكنها لا تؤثر في سلوكيات الطلاب علي المدي الطويل ويكون تأثيرها لحظي فقط، مشددا علي أن الإنفاق الذي وجهته مصر في حربها ضد الإرهاب ينبغي أن يكون الجزء الأكبر منه لصالح التعليم، خاصة أن الشعب المصري مازال يعتبر نسيجا واحدا ومن الممكن إحداث الالتفاف الوطني حول الدولة المصرية. وأضاف، إن وزارة التربية والتعليم تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ تعليمات خصوصا أنها تتعامل مع 50 ألف مدرسة علي مستوي الجمهورية، وبالتالي فإن تيقنها من تنفيذ جميع التعليمات يبقي أمرا صعبا للغاية في ظل ضعف المتابعة من قبل المديريات والإدارات التعليمية، مشيرا إلي أن غالبية المدارس التزمت بالفعل بالوقوف دقيقة حدادا وإلقاء خطبة للتوعية من تأثير الإرهاب خلال طابور الصباح. وطالب بوضع خطة عاجلة تجعل من التعليم دافعا لمواجهة الإرهاب، تحديدا وأن التعليم المصري اعتبره المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقريره الذي أصدره عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بأنه أحد مصادر العنف في مصر، وهو ما لم تنته إليه وزارة التربية والتعليم منذ ذلك الحين وحتي الآن، مشددا علي أن تعامل وزارة التربية والتعليم مع العنف داخل المدارس يبقي أن يكون من خلال طرق تدريس مختلفة، وتوفير أماكن لتدريس حصص الموسيقي والألعاب والاهتمام بالنشاط المسرحي داخل المدرسة، حتي لا تستطيع التنظيمات الإرهابية أن تملأ هذا الفراغ وتغذيتها البيئة المجتمعية بأفكارها لتكون جاهزة للانفجار في أي لحظة.