تقرير صغير نشرته صحيفة (الواشنطن بوست) الأمريكية قال إن إدارة أوباما تعمل علي خلق مجموعة من القواعد السرية للطائرات بدون طيار للقيام بعمليات متعددة حول العالم و لمكافحة الإرهاب في أفريقيا وشبة جزيرة العرب وكجزء من الحملة الأمريكية ضد الإرهابيين في الصومال واليمن.. إلي هنا انتهي التقرير ولكنه ترك عدة تساؤلات حول التوقيت ولماذا الآن وهل لذلك صلة بما يحدث في المنطقة من حوادث وثورات أم أنه امتداد لميراث طويل للقواعد العسكرية حول 031 دولة في العالم؟ نفس التقرير قال إن الخطة بدأت بالفعل ببناء واحدة من هذه القواعد في أثيوبيا كجزء من الحملة الدولية هناك لمحاربة حركة الشباب الصومالية المتشددة التي تسيطر علي جزء كبير من الصومال. كما أن هناك قاعدة ثانية في جزيرة سيشل بالمحيط الهندي حيث يوجد أسطول صغير من الطائرات بدون طيار يمكن استخدامه في منطقة القرن الأفريقي لتعقب العمليات والمنظمات الإرهابية هناك. والسؤال : لماذا؟ والإجابة في جزء من خطاب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش حول استراتيجية الأمن القومي ألقاه منذ عشر سنوات أكد فيه علي أن التواجد الأمريكي فيما وراء البحار هو واحد من التزامات أمريكا تجاه حلفائها وأنه لتحقيق ذلك لابد لأمريكا من قواعد ومحطات داخل وفيما وراء أوروبا الغربية وشمال شرق آسيا وإلي ترتيبات لتواجد مؤقت لتوفير سرعة التحرك للقوات الأمريكية لمسافات بعيدة. يأتي ذلك لحماية اقتصاد أمريكا وموارد العالم التي تغذي هذا الاقتصاد ثم تطويع هذه الموارد لخدمة السياسة الأمريكية حول العالم. ولهذا كان التواجد الأمريكي مبكرا من خلال نحو ألف قاعدة معلنة وسرية ومراكز للتجسس ونقاط للتمركز ومايسمي أحيانا ب (التسهيلات العسكرية أو اللوجستية للعم سام). ومن هنا كان التمركز في قواعد أمريكا حول العالم بما فيه من معسكرات وقواعد عسكرية ومطارات وموانيء ومستشفيات ميدانية وقواعد للطائرات بدون طيار ويخدم كل ذلك مئات الآلاف من الجنود والمعدات بالإضافة للعملاء والفنيين والمحليين وأحيانا مايطلق عليهم ب »المتعاقدين« من خارج الجيش الأمريكي وبالذات في مناطق الحروب ومنها: العراق وأفغانستان وبعض مناطق أفريقيا. القصة بدأت منذ مطلع القرن الماضي وتكثفت مع نهاية الحرب العالمية الثانية حيث أقامت أمريكا قواعد لها في : اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية. بينما ارتبطت القواعد الأمريكية في المنطقة العربية مثلا بأحداث حرب العراق ومانتج عنها من تمركز وتواجد أمريكي مكثف بالمنطقة. وهذه القواعد غالبا ما تكون بالتنسيق بين أمريكا والدول المضيفة بما يحقق المنفعة المتبادلة بين الجانبين وأحيانا تحقيق الحماية المطلوبة لأنظمة هذه الدول المضيفة عسكريا وسياسيا واقتصاديا. ومنذ هجمات 11 سبتمبر 1002.. ازدادت الرغبة الأمريكية في التواجد عالميا لحماية الأمن القومي الأمريكي من هجمات القاعدة وخطر الإرهاب الدولي في الخليج والقرن الأفريقي وفي أفغانستان« ومع ذلك ظهر مصطلح جديد في السياسة العسكرية الأمريكية هو : (قوس الأزمات) الذي يمتد من كولومبيا للفلبين مرورا بالشرق الأوسط في إطار خطة »إعادة التمركز« عبر إقامة قواعد عسكرية تؤمن للجيش الأمريكي المرونة والسرعة في التحرك فورا بعد نشوب حرب أو أزمة ما .. أو حتي كارثة طبيعية مثل: البراكين والزلازل أو سقوط طائرة أو حرائق هائلة أو قيام ثورة؟! وتتركز القواعد الأمريكية في المنطقة العربية في العراق في مناطق بغداد والأنبار والمنطقة الغربية والكردية. وفي قطر حيث توجد قاعدة السيلية والمقر الميداني للقيادة الوسطي الأمريكية وفي الكويت وفي السعودية ثم البحرين حيث يوجد مقر الأسطول الخامس الأمريكي في المنامة. وعمان والإمارات والأردن وكلها مراكز دعم ترتبط بصورة غير مباشرة بقواعد في تركيا وفي جيبوتي حيث توجد قوة العمل المشتركة في القرن الأفريقي والتي تستخدم في مراقبة أنشطة الجماعات الإرهابية والقاعدة في دول مثل : السودان وأريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا واليمن. ويضاف لذلك قواعد عسكرية جديدة تنوي أمريكا بناءها في أفريقيا لتكون مقرا للقيادة العسكرية الجديدة لأفريقيا والتي تم استحداثها مؤخرا لتضع بها أمريكا قدميها في القارة السوداء لمواجهة زحف الخطرين: الصيني والفرنسي لأفريقيا واتساع نفوذهما فيها بشكل ملحوظ. وفي آسيا: تتواجد القواعد الأمريكية منذ أمد طويل في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وهناك أحاديث عن قواعد في : باكستان وسيريلانكا وتايلاند وسنغافورة وبنجلاديش. ويضاف إليها قواعد في وسط القارة وفي أفغانستان وأهمها: قندهار وباجرام وخوست ومزار شريف وكلها تم بناؤها بعد غزو أفغانستان منذ نحو عشر سنوات بدعوي تطهيرها من القاعدة وحكم طالبان. أما في القارة العجوز أوروبا فهناك قواعد في بولندا ورومانيا وبلغاريا والمجر والبوسنة بالإضافة لمشروع الدرع الصاروخي في بولندا والتشيك. ولم ينس العم سام أن يكثف تواجده في أمريكا اللاتينية البوابة الجنوبية للولايات المتحدةالأمريكية هي ومنطقة الكاريبي لمكافحة المخدرات والتنظيمات المتطرفة واليسارية ولمواجهة بعض الأنظمة »المارقة« عن النفوذ الأمريكي خاصة في بلدان مثل : بوليفيا ونيكاراجوا .. وفي كوبا حيث توجد أشهر قاعدة هناك وهي قاعدة جوانتنامو التي تحتضن أسري أحداث 11 سبتمبر 1002 والمتهمين من القاعدة وكغيرها من المنظمات الإرهابية حول العالم. والبعض ربط بين تواجد هذه القواعد والحرب الباردة في الماضي.. ولكن بعد انتهائها كان لابد من استمرار تواجدها لتحقيق التفوق العسكري والسياسي للقوة الوحيدة في العالم أمريكا!! ومن هنا .. كان حرص الإدارات الأمريكية علي ضمان تواجد هذه القواعد بل .. وزيادتها كلما دعت الحاجة والظروف الدولية.. ولذا كان تقسيم مناطق وقواعد التواجد العسكري الأمريكي حول العالم ل 5 مناطق أو قطاعات : الأول: القيادة الشمالية وتقع في كولورادو الأمريكية ثم الجنوبية ومقرها في ميامي بولاية فلوريدا والمحيط الهادئ ومقرها في هونولولو بجزر هاواي ثم الأوروبية ومقرها في مدينة شتوتجارت الألمانية وأخيرا القيادة الوسطي ومقرها قاعدة ماك ويل الجوية بفلوريدا.. وإن كانت أمريكا تعمل علي بناء القيادة العسكرية الجديدة لأفريقيا التي أنشئت بالفعل كأخطر وأسخن مناطق العالم حاليا. ولم يخف علي أمريكا أيضا.. أن تضم لكل ذلك قواعد عسكرية أخري سرية يتم الحديث عنها وتتسرب الأخبار أحيانا حولها بين فترة وأخري خاصة في مناطق التوتر.. والثورات التي تجتاح أفريقيا والشرق الأوسط بصفة خاصة مؤخرا.