رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حرص علي أن يستهل جولته بدول الربيع العربي بزيارته لمصر وذلك من منطلق تأكيد الجانب التركي علي رغبته القوية في دعم علاقات الشراكة مع مصر في كافة المجالات لتصبح نموذجا واعدا بالمنطقة وبما يتفق مع متطلبات عهد ما بعد ثورة 25يناير. ومن الجدير بالذكر فإن الرئيس التركي جول كان أول من زار مصر بعد تنحي الرئيس السابق مبارك معلنا تأييد تركيا للثورة المصرية وهي الزيارة التي تلتها زيارات متعددة قام بها وزير الخارجية محمد داوود أوغلو وكانت آخر هذه الزيارات في الثاني من يوليو 2011.. تأتي زيارة أردوغان والتي بدأها الاثنين 12 من سبتمبر الحالي لمصر وتستمر علي مدي ثلاثة أيام في توقيت هام للغاية من حيث مواكبتها للعديد من الأحداث السياسية الهامة بالمنطقة وبصفة خاصة أزمة العلاقات التركية الإسرائيلية والتوتر الذي يشوب العلاقات المصرية الإسرائيلية.. بالإضافة إلي الجهود الفلسطينية والعربية الحثيثة التي تبذل من أجل إعلان الدولة الفلسطينية من خلال الأممالمتحدة في دورتها القادمة.. ومن هذا المنطلق فإن اللقاءات الهامة لأردوغان خلال زيارته لمصر تتضمن اللقاء مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة والدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء سوف تكون فرصة سانحة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية الراهنة ولا سيما أن كلا من مصر وتركيا تتمتعان بوزن وثقل إقليمي وكل من الدولتين تتفقان علي مبدأ التفاوض السلمي لحل كافة القضايا الشائكة في المنطقة وعلي رأسها النزاع العربي الإسرائيلي ولذلك فإنه من المقرر أن يزور أردوغان الجامعة العربية ويلتقي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية ويلقي كلمة أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب. علاقات متميزة من المعروف أن العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا هي علاقات وثيقة ومتميزة ومن المتوقع أن يتم خلال زيارة أردوغان للقاهرة للتوقيع علي اتفاقية إنشاء مجلس أعلي للتعاون الاستراتيجي بين البلدين حيث تنعقد أولي جلساته مباشرة بعد التوقيع برئاسة رئيسي وزراء الدولتين.. وصرح السفير عبدالرحمن صلاح سفير مصر لدي أنقرة بأن الزيارة تهدف إلي مضاعفة الاستثمارات التركية في مصر وإحداث طفرة في حجم التبادل التجاري الذي يصل إلي 3.2مليار جنيه وأنه بالرغم من الظروف الحالية فإن الصادرات المصرية إلي تركيا زادت بنسبة 30٪.. ومما يدل علي رغبة الجانب التركي القوية في دعم التعاون الاقتصادي والتجاري مع مصر فإن أردوغان يصطحب معه خلال زيارته الحالية للقاهرة ستة وزراء ومائتين من رجال الأعمال. ومن الجدير بالذكر فإنه مع دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ اعتبارا من عام 2007 والتوقيع علي مذكرة تفاهم بين مصر وتركيا بشأن إنشاء منطقة صناعية تركية بمدينة السادس من أكتوبر شهد التبادل التجاري بين مصر وتركيا نموا متزايدا كما يتراوح حجم الاستثمارات التركية في مصر ما بين 1 إلي 1.2مليار دولار حيث يسعي رجال الأعمال الأتراك للاستفادة من الفرص التصديرية التي تتيحها اتفاقات مصر الثنائية مع عدد من الدول وكذلك الاستفادة من عضوية مصر في التجمعات الاقتصادية مثل الكوميسا واتفاقية أغادير فضلا عن الاستفادة من اتساع السوق المصري. كما توجد مذكرة تفاهم موقعة بين البلدين لتصدير الغاز الطبيعي المسال من مصر إلي تركيا تنظم 10بلايين متر مكعب من الغاز إلي تركيا. ومن المتوقع أن يتم خلال زيارة أردوغان للقاهرة ومباحثاته مع الدكتور عصام شرف بحث مسألة إلغاء تأشيرات الدخول وتدشين خط بحري بين مدينتي مارسين التركية والإسكندرية.. وطبقا لتصريحات عدد من المصادر التركية فإن أردوغان والوفد المرافق له يرغبان في لقاء عدد من شباب ثورة 25يناير بالإضافة إلي رؤساء الأحزاب المؤثرة علي الساحة السياسية. تعاون ثقافي نشط وعلي صعيد العلاقات الثقافية الثنائية بين مصر وتركيا فمن المعروف أن هناك تعاونا ثقافيا نشطا وبشكل عام بين الدولتين إلا أنه في معظمه نشاط مصري في تركيا حيث اقترح الجانب التركي إقامة عام مصري في تركيا تتخلله أحداث ثقافية مصرية ومعرض للآثار المصرية في مختلف المدن التركية وذلك خلال عام 2011 وتقوم وزارة الخارجية حاليا بالتنسيق مع الجهات الوطنية المختلفة في مصر بدراسة فكرة الحدث الضخم الذي يهدف بالأساس للترويج لمصر سياحيا وثقافيا علي أن يكون ذلك خلال عام 2012.. ومن ناحية أخري فإن الجهات المصرية المعنية كانت قد وافقت علي ترشيح 20تركيا لشغل منح دراسية بمصر منها 15منحة لدراسة اللغة العربية لمدة ثلاثة أشهر ومنح لإجراء أبحاث لمدة ثمانية أشهر وذلك خلال العام 2009 2010. وعلي كافة الأحوال فإن كلا من مصر وتركيا دولتان محوريتان في المنطقة ومجموع سكان الدولتين يزيد علي نصف سكان دول الشرق الأوسط وبالتالي فإن فرص التعاون بين البلدين غير محدودة وهذا التعاون لابد أن يكون له آثاره الإيجابية علي دعم الاستقرار في المنطقة وتهدئة الأوضاع المتوترة بها حاليا.