الإنسان روح وجسد، وعندما تنفصل الروح عن الجسد.. تذهب الروح إلي بارئها، ويعود الجسد إلي التراب الذي خلق منه. وقد عشت مع كتاب (الروحية) للصديق الراحل الدكتور عبد العزيز جادو الذي يتحدث فيه عن عالم الروح، ورأي علماء الغرب في موضوعها، والدراسات المطولة التي قاموا بها وخرجوا من هذه الدرسات بأن عالم الروح حقيقة مؤكدة، فيورد مثلا رأي عالم الطبيعة وأستاذ الفيزياء بكلية العلوم جامعة دبلن وعضو (الجمعية الملكية) وهو وليام باريت، الذي لخص نتائج بحوثه الطويلة الشاقة بقوله: لقد ثبت : أولا وجود عالم روحي، وثانيا الحياة بعد الموت، وثالثا إمكان الاتصال بهؤلاء الذين انتقلوا إلي هناك«. ويورد رأي علماء الإسلام وفلاسفته ومفكريه ثم يورد رأي المفتي الأسبق الشيخ حسنين محمد مخلوف الذي يقول: »ينبغي أن يعلم أن عالم الأرواح يختلف عن عالم المادة اختلافا كثيرا في أحواله وأطواره، فالروح وهي من أمر الله تعالي يسلكها الله في البدن في الدنيا فتوجب له حسا وحركة وعلما وإدراكا ولذة وألما. ويسمي بذلك حيا، ثم تفارقه في الوقف المقدر أزلا لقطع علاقتها به فتبطل هذه الآثار ويفني هيكل البدن ويصير جمادا ويسمي عند ذلك ميتا، ولكن الروح تبقي في البرزخ وهو مابين الحياة الدنيا والحياة الأخري من يوم الموت إلي يوم البعث والنشور حية مدركة تسمع وتبصر وتسبح في ملك الله حيث أراد وقدر، وتتصل بالأرواح الأخري وتناجيها وتأنس بها سواء أكانت أرواح أحياء أم أرواح أموات، وتشعر بالنعيم والعذاب واللذة والألم حسب حالتها وعملها في الحياة الدنيا، وترد أفنية القبور وتؤوي إلي المنازل.. وهي في كل ذلك لايحدها مكان ولايحصرها حيز.. إلي أن قال هذا هو مذهب أهل السنة وبه وردت الأحاديث والآثار..« ويقول المؤلف : والإنسان لايموت، وإنما الذي يموت هو جسده المادي المصنوع من طين الأرض وترابه ومصيره أن يعود إليه. أما روحه وهي حياته فإنها تنتقل إلي عالم آخر غير عالمنا، عالم الخلود وصدق الله العظيم: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي..}.