«قبل ما تشتري الشبكة».. ما أفضل عيار للاستخدام اليومي؟    حقوقيون: حملة «حياة كريمة» لترشيد استهلاك الكهرباء تتكامل مع خطط الحكومة    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    فيديو متداول للحظة مواجهة رئيس بوليفيا مع قادة الجيش.. ماذا حدث؟    إعلام إسرائيلي: نتنياهو تابع تمرينا عسكريا على الحدود مع لبنان    موظفو وزارة الخارجية الإسرائيلية يهددون بإغلاق السفارات    الزمالك يبلغ لاعبيه بقرار نهائي بشأن خوض مباراة سيراميكا    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم.. «المحسوسة» تصل إلى 45 مئوية    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 27-6-2024 مهنيا وعاطفيا.. مشاريع عمل جديدة    حظك اليوم برج القوس الخميس 27-6-2024 مهنيا وعاطفيا    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    الحكم على رئيس هندوراس السابق بالسجن 45 عاما بسبب المخدرات والسلاح    فورد تلغى عددا من الوظائف    ملف رياضة مصراوي.. هزيمة البرتغال.. شكوى بيراميدز.. والزمالك يفعل بند شراء نجمه    «يتبقى الأندية الهابطة من الممتاز».. الفرق المشاركة في دوري المحترفين الموسم المقبل    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    أشلاء بشرية داخل القمامة تثير الذعر بأوسيم.. وفريق بحث لحل اللغز    بسبب الإدمان.. ثلاثينية تشعل النار في جسدها بالجيزة    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    تعرف على سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 27 يونيو 2024    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    Blue Beetle.. خنفساء خارقة تُغير القدر    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    تحرك برلماني لمنع حدوث «كارثة» جديدة في موسم الحج المقبل (تفاصيل)    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    يورو 2024| تعرف على نتائج مُباريات دور المجموعات    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    الأهلي يعلق على عودة حرس الحدود للدوري الممتاز    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    الجيش البوليفي يحاول اقتحام مقر الحكومة في انقلاب محتمل    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    «نجار» يبتز سيدة «خليجية» بصور خارجة والأمن يضبطه (تفاصيل كاملة)    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لمدرسة تؤوي نازحين شرق خان يونس    لإنهاء أزمة انقطاع الإنترنت.. توصيل 4000 خط تليفون جديد بالجيزة (تفاصيل)    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    آخرأعمال مصطفى درويش.. آروى جودة تروج لمسلسلها الجديد حرب نفسية    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    بسبب عطل فني.. توقف تسجيل الشحنات ينذر بكارثة جديدة لقطاع السيارات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. الزمالك في ورطة والأهلي ينهي صفقة دفاعية وتركيا وجورجيا إلى ثمن نهائي يورو    "ما علاقة هنيدي وعز؟"..تركي آل الشيخ يعلق على ظهور كريم عبدالعزيز مع عمالقة الملاكمة    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    انتهت بالتصالح.. كواليس التحفظ على سعد الصغير بقسم العجوزة بسبب "باب"    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»الألعاب الشعبية« فرحة البسطاء وبهجة الأطفال.. تواجه الاندثار
فارس خضر: هجمة الفيديو جيم السبب في تراجع الألعاب الشعبية
نشر في آخر ساعة يوم 06 - 09 - 2011


خيري شلبي:
جمع الألعاب الشعبية وتوثيقها بدأ مع الاهتمام بالمسرح
مضي شهر رمضان بلياليه، وانقضت أيام العيد سريعا وسط غياب ملحوظ للألعاب الشعبية التي اعتاد عليها الأطفال لسنوات وسط مخاوف من أن تسيطر نماذج الألعاب الحديثة أمريكية الهوي علي عقول أطفال اليوم شباب المستقبل، ما يعيد تشكيل الوعي الجمعي للمصريين في السنوات القادمة علي النموذج الأمريكي الذي تدعمه ألعاب البلاي ستيشن الفردية، بعيدا عن ألعابنا الشعبية الجماعية. ف"الألعاب الشعبية" عالم سحري دخلناه جميعا في مرحلة الطفولة فمن منا لم ينطلق في شوارع مصر يلهو ويلعب "عسكر وحرامية"، "فريق التحطيب"، "تريك تراك"، "الحجلة"، "السبع طوبات"، "القطة العمياء"، "الاستغماية"، "الأولي"، "نط الحبل". ألعاب صبيان وبنات كانت تضيء شوارع وحواري مصر بضحكات البراءة والمرح، خصوصا في شهر رمضان الكريم والعيد، جذبتنا هذه الألعاب في فترة الطفولة، مرورا بفترة المراهقة، فهي بالنسبة للطفل بمنزلة تكوين لقدراته المختلفة (الاجتماعية والبدنية والعقلية والنفسية).
وبرغم اختلاف هذه الألعاب إلا أن هدفها واحد وهو خلق عقل رياضي يرتكز علي التفكير والإبداع، لكن اختلاف بيئة الصعيد عن بيئة الدلتا أدي لاختلاف الألعاب ونوعيتها فمثلا في الصعيد كانت العادات والتقاليد تدعو إلي تقوية الجسد فكانت ألعاب التحطيب التي تتطلب ألعاباً تنمي الليونة والقوة الجسدية، أما في الدلتا كانت ألعاب المراوغة والسرعة هي الحاكمة لطبيعة الدلتا بأشجارها وترعها. أما البنت فكانت تلعب ألعاباً تمهيدية لمهامها التي ستقابلها مستقبلا.
انتشار هذه الألعاب في جميع الشوارع والقري في الفترات السابقة جعل الجهد المبذول حول جمع الألعاب الشعبية وتوثيقها محدوداً جداً، حتي أشرفت علي الاندثار العديد من ألعاب اطفالنا، بل تم السطو علي بعضها ونسبته إلي شعوب أخري، فمن يمكنه الآن أن يدرك العلاقة بين الهوكي وبين الحكشة المصرية، وبين المصارعة الرومانية والحرة وبين الباط الفرعوني، وأشهر لعبة أمريكية هي البيسبول ما هي إلا لعبة كرة الميس المصرية أو الميسبول الفرعونية .
لكن ألعابنا الشعبية رغم حبنا لها تواجه خطر الاندثار مع تغير المجتمع المصري وانتشار العادات الوافدة عليه من الغرب والشرق، فقد تتجول في شوارع الأحياء الشعبية ولاتجد أطفالاً يلعبون في الشوارع - باستثناء لعب الكورة طبعا-، أين ذهبت ألعابنا الشعبية وأين اختفي أطفالنا، تساؤل دفع مؤسسة "بيت الشاعر" إلي تنظيم أول مهرجان للألعاب الشعبية لتأصيل الألعاب المصرية و توثيقها عبر النيل من الشمال للجنوب. الأكثر من ذلك أن "بيت الشاعر" وجهت الدعوة مفتوحة للأطفال للمشاركة وإعادة التواصل بين تراث الألعاب الغائبة، وهي الدعوة التي قبلها الأطفال.
أصول الألعاب الشعبية
تتعدي الألعاب الشعبية فكرة كونها لعبة يلهو بها الفتيان والفتيات في شوارع مصر، لتكون مخزنا لتقاليد مصرية موغلة في القدم تحكي قصة تطور مصر بين العصور منذ بدايات العصر الفرعوني وصولا إلي العصر الإسلامي، مازجة بين تقاليد كل عصر لتؤكد علي عراقة الشخصية المصرية وتنوعها الأصيل، وتعد تجربة الشاعر درويش الأسيوطي في محاولة رصد الألعاب الشعبية في صعيد مصر في كتابه الفريد "لعب العيال"، تجربة تستحق الإشادة كونها ترسم من عالم الألعاب الشعبية شخصية مصرية متفردة.
والشخصية المصرية تكونت علي مدار قرون منذ بدايات العصر الفرعوني حتي الآن تجد هذا التواصل في ألعابنا الشعبية، ففي إحدي لوحات مقابر بني حسن رسم المصور المصري القديم 220 وضعا مختلفا من أوضاع المصارعة تشرح قواعدها وأصولها وتقاليدها وتشرح بعض الرسوم كيفية بداية المباراة عندما يواجه كل من الخصمين زميله ويتمهل في الهجوم حتي يفرغ خصمه من عقد حزامه حول خصره ثم تبدأ المباراة بإشارة متبادلة من كليهما وتبدأ المباراة هادئة ومنظمة وتتطور إلي العنف بعد أن يدرس كل منهما خصمه بدقة.
اما ألعاب المبارزة بالسلاح فهي تعد امتداداً للتحطيب الفرعوني الذي كان من الألعاب والمباريات الشعبية المستحبة والشائعة بين المصريين من أقدم العصور وخاصة في الصعيد وكانت تلعب بعصي اختلف تصويرها، وما يزال التحطيب يلعب في صعيد مصر حتي يومنا هذا.. ولعبة التحطيب لها جذور قديمة ومتأصلة في التاريخ فقد بدأ في العصر الفرعوني كطقس من الطقوس الكهنوتية التي تؤدي في الأعياد الدينية، وبدلا من العصي الخشبية كانوا يستخدمون لفافات البردي الكبيرة حتي لا يصاب المتبارون بالأذي، ثم تطورت لعبة التحطيب بادخال العصي بديلا عن البردي.
وعادة ما تؤدي لعبة التحطيب بمشاركة رجلين – لايسمح بمشاركة النساء فاللعبة ذكورية بحتة- يتحلق حولهم رجال القرية وشبابها في شكل دائرة، يقوم كلا الرجلين بتقديم التحية للزمار ممسكا بالعصا وراقصا بها يستخدم فيه جسمه كله في رقصات أشبه ما تكون بطقوس الدخول في المعركة، بعدها يدور كل من اللاعبين حول بعضهما والعصي متقابلة بعدها يبدأ الضرب بالعصي الذي يكون أقرب للتلامس من العراك الحقيقي بعدها يستلم متنافسون العصي من المتبارزين لاستكمال اللعبة.
والتحطيب كلعبة ارتبطت بالصعيد بشدة لأن التحطيب تعلي من قيم الرجولة والقوة والشرف وهي القيم المسيطرة علي صعيد مصر حتي يومنا هذا لذلك تعد لعبة التحطيب مهمة لتكوين شخصية الشاب الصعيدي المقبل علي حياة شاقة.
أما الكرة فهي أقدم أدوات اللعب التي ابتكرها المصري القديم ، وكان يصنعها من أكياس نسيج الكتان وحشاها بالقش والخيش وهي المعروفة شعبيا اليوم باسم الكرة الشراب، وضع للعبتها أصولا وتقاليد ما زال معمولا بها إلي اليوم لم يطرأً عليها تغيير رغم مرور ستين قرنا علي ميلادها ، وأطلق عليها الفراعنة اسم (حري سنو) أي مرتين الي الخلف و(داوا سنو) أي الرمية الخامسة . ما زالت تلك الأسماء والتعبيرات يطلقها عامة الشعب علي الكرة الشراب الي يومنا هذا .
كما أن لعبة (الحكشة) الريفية التي استعملوا فيها مضارب الكرة صنعوها من جريد النخيل المفرطح الطرف ، أو سيقان الخيزران بجذوره الصلبة ما هي إلا لعبة الجولف العالمية بعصيها وطريقة لعبها . وحتي تتحمل الكور ضربات العصي صلبة الأطراف فقد هداهم التفكير إلي كسوتها بجلد الماعز ثم تطورت صناعة الكور المختلفة الأحجام والاغراض إلي كسوتها بمختلف أنواع جلد الحيوان خاصة ما كانوا يستعملونها في الألعاب المائية.
أما أقدم ألعاب الذهن والتسلية فهي لعبة "السيجة" الشهيرة التي ما زالت تحتفظ باسمها المصري القديم ومعناه "المحاورة" وتعد من أقدم الألعاب الشعبية المصرية علي الإطلاق. وتعد "السيجة" أكثر الألعاب ارتباطا بالفلاح المصري، فكان الفلاح بعد انتهاء أعمال الفلاحة ينتظر النيل وفيضانه طوال العام لايجد إلا "السيجة" ليقضي ساعات النهار الطويلة مع بقية الأصدقاء، لذلك كانت السيجة أكثر انتشارا في الريف بطول مصر وعرضها.
وكانت لوحات لعبة السيجة القديمة تقسم إلي 61 في 63 مربعا ، كانوا يحفرونها أو يرسمونها علي الأرض مباشرة أو تخطط علي الرمال في الحقول وتعد قطع لعبها من الحصي والاحجار المختلفة الألوان أو الأشكال وهي الطريقة المتبعة إلي يومنا هذا في الريف المصري. كما كانت تصنع لها لوحات خاصة من الخشب والأرتواز وفي بعضها كانت الخانات ترقم بالرموز والأرقام وتشكل قطع اللعب بأشكال هندسية من الخشب والعاج أو من الفخار المطي.
هجمات التغريب
رغم هذا التنوع في هذه الألعاب الشعبية وتعددها وأصالتها إلا أن هذه الألعاب تواجه خطر الانقراض بعد قلة الاهتمام بها في مصر نتيجة لتغيرات عديدة وهو ما دفع مؤسسة "بيت الشاعر" لتنظيم أول مهرجان لتوثيق الألعاب الشعبية ومحاولة حفظها ودعوة الأطفال لممارسة هذه الألعاب لخلق حالة من التواصل بين جيل ألعابنا الشعبية وبين جيل النت. من جانبه أكد الشاعر والإعلامي جمال الشاعر –مؤسس بيت الشاعر- أن فكرة هذا المهرجان نابعة من اهتمام مؤسسة بيت الشاعر بالبحث عن جذور هذا المجتمع وتأصيلها لإعادة التأكيد علي الهوية المصرية التي تعرضت للكثير من التشويه خلال هجمات الغرب الفكرية التي استخدمت عوالم شديدة الابتكار من وسائل نت وفيديو جيم، لاتساعد علي خلق شخصية سوية للطفل. ويأتي اهتمامنا بعالم الألعاب الشعبية لأن جزءا من الحياة هو أن تكون مهتمًا وملمًا بكل الأجيال، وإن الهدف من إقامة هذه الاحتفالية، لا يكمن فقط في تأصيل الألعاب الشعبية في مصر، وتوثيقها عبر النيل من الشمال للجنوب، ولكن إضافة إلي ذلك يكمن الهدف في خلق روح التعاون والفكر والحب بين الأطفال، وجدير بالذكر أننا لا نعرف غالبية الأطفال المشاركين في الاحتفالية، ولكن مجيئهم دليل كبير علي وعي الآباء واهتمامهم بالأطفال".
غزو الفيديو جيم
يذهب الشاعر والمتخصص في الدراسات الشعبية فارس خضر إلي أن الألعاب الشعبية في طريقها للاندثار نتيجة لعوامل عديدة يأتي علي رأسها انتشار ثقافة التلفزيون والجلوس أمامه بالساعات الطويلة دون حركة فلم يعد هناك وقت لأي ألعاب في الشارع –باستثناء الكورة- وهو ما أثر علي الألعاب الشعبية في شوارع مصر، وأبسط مثال علي ذلك ليالي رمضان ففي الفترة السابقة كانت الشوارع تمتلئ بالأطفال ويلعبون بجميع أشكال الألعاب الشعبية من ألعاب ك"عسكر وحرامية" و"الاستغماية" و"عروستي"، وكان الأطفال في ليالي رمضان يلفون علي المنازل يطالبون بحلوي أو نقود بسيطة قائلين "ادونا العادة...". الآن لاتجد هذا موجودا والسبب التلفزيون الذي تجلس الأسرة حوله ساعات طويلة بلا حركة. كما أن ألعاب النت والفيديو جيم اصبحت اكثر إبهارا للأطفال فبعدوا عن الألعاب الشعبية البسيطة، وهي تشكل غزواً كاملاً لجميع القيم المصرية القائمة علي التسامح لتدخل ألعاب "الفيديو جيم" وتزرع القيم الأمريكية القائمة علي العنف والقتل في مجتمعنا من خلال هذه الالعاب، وهو جانب من الجوانب السلبية لانتشار العولمة وطغيان النموذج الأمريكي في العالم كله.
ويشير خضر إلي أن الألعاب الشعبية عالم خيالي واسع تسمح للطفل بمرحلة من الابداع وتكوين شخصية إيجابية. علي أن من أهم الأسباب التي ادت إلي غياب الألعاب الشعبية كان الثقافة العامة لدي الكثير من فئات المجتمع المصري التي تحتكر كل ما هو شعبي، فتصف الأغاني السيئة بالشعبية وتصف انعدام الأخلاق بالشعبية، فصار المصطلح سيئ السمعة ككلمة "بيئة" التي أصبحت سبة ولفظاً للتجريح.. وطالب خضر بسرعة التحرك لرصد وتسجيل جميع الألعاب الشعبية لحفظها وتوثيقها لأنها مخزن الشخصية المصرية المعبرة عنها، وهذا الدور منوط به وزارة الثقافة بهيئاتها المختلفة ويجب أن يتم استغلال قصور الثقافة المنتشرة في ربوع مصر ونجوعها لرصد وتسجيل جميع الألعاب الشعبية التي ما تزال باقية حتي يومنا هذا ورصد خصائص كل إقليم وقرية في تطويع الألعاب الشعبية لمفاهيمها الخاصة.
من جانبها أوضحت الباحثة هدية دندراوي أستاذ مساعد التربية الموسيقية في جامعة »جنوب الوادي« المصرية- في دراسة لها- قدرة الموسيقي والألعاب الشعبية علي استعادة التوازن النفسي للطفل، والقضاء علي ما يعانيه بعضهم من قلق اجتماعي وإكسابهم الجرأة والشجاعة، وأن ممارسة الألعاب الشعبية علاج ناجح لظاهرة الخجل عند أطفال المرحلة الابتدائية من التعليم.
تأخر التوثيق
أبدي الكاتب الكبير خيري شلبي أسفه علي عدم تسجيله الألعاب الشعبية التي كان يلعبها في الصغر، معللاً ذلك بانتباهه المتأخر إلي ما في هذه الألعاب من فن تقف وراءه خبرات تربوية هائلة، وثقافات وحضارات عنيت بتربية الإنسان وبنائه في معمار نفسي وثقافي واجتماعي عبقري لا تقل عن المعمار الهندسي في المعابد الفرعونية القديمة، فحين تتحول قيم أخلاقية من إطارها النظري إلي فعل في لعبة محببة يمارسها الطفل بعفوية فإن ذلك هو التأصيل الحقيقي لقيم المجتمع. فهناك لعبة الهدف منها تعميق الأخوة وتجسيد معني الأبوة والأمومة مثل لعبة "الغراب النوحي"، وهناك لعبة لتعميق الوعي السياسي وتجسيد معني القيادة والانتماء للجماعة كلعبة "لا ينزل ولايستنزل".
ويري شلبي أن الاهتمام بدراسة الألعاب الشعبية لم يبدأ إلا في الستينيات عندما بدأ البحث من قبل المثقفين عن جذور للمسرح المصري في تجارب لا تتقيد بقيود المسرح التقليدي، كشفت عن عالم غاية في الخصوبة تمثل في ألعابنا الشعبية الذي بدأ يحصل علي اهتمام بعض الباحثين ومحاولة جمع أشكال الألعاب المختلفة والعمل علي دراستها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.