وفد أمريكي يزور محافظة دمياط لبحث دعم التنمية المستدامة    السيسي ورئيس دولة الإمارات يصلان مقر حفل تخرج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للري    رئيس وزراء ولاية بافاريا يزور الخط الأول بالقطار الكهربائي السريع    رفع حالة القوة القاهرة عن جميع الحقول والموانئ والمنشآت النفطية في ليبيا.    وزارة الطوارئ الروسية تعيد من بيروت 60 مواطنا روسيا    قائمة المغرب.. الركراكي يعلق على غياب ثنائي الأهلي والزمالك    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    حبس سائقين سرقا شركة خاصة في المعادى    نتيجة تسرب غاز.. مصرع سيدة إثر حريق منزلها بالمنوفية    سلوى عثمان: "لطفي لبيب دخل مع زوجي وهو يتقدم لخطبتي بطبق بسبوسة"    عبدالغفار: «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 100 مليون خدمة مجانية خلال 63 يومًا    الهيئة تلزم صناديق التأمين الحكومية بالحصول على موافقتها عند نشر أية بيانات إحصائية    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    مونديال الأندية.. ورود وأشواك| 32 بطلاً فى «أم المعارك».. وإنجاز تاريخى ينتظر الأهلى    رسميًا.. انتهاء أزمة ملعب قمة سيدات الزمالك والأهلي    شراكة بين بنك الإمارات دبي الوطني مصر ومجموعة طلعت مصطفى لتقديم خدمات مصرفية للعملاء    وزير الصحة: نظام الرعاية الصحية في مصر يشهد مراحل تطور سريعة    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    كيف تحجز تذاكر حفل ريهام عبدالحكيم بمهرجان الموسيقى العربية؟    «القاهرة الإخبارية»: بريطانيا تستعد لإجلاء رعاياها في لبنان برا وبحرا    جاكلين عازر تزف بشرى سارة لأهالي البحيرة    «أوقاف مطروح»: توزع 2 طن لحوم و900 شنطة مواد الغذائية على الأسر الأولى بالرعاية    «تقلبات جوية».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غداً ودرجات الحرارة المتوقعة    وزارة التعليم: التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية للطلاب مستمرة    الخطيب يُكلّف محمد رمضان بإخماد "ثورة" علي معلول في الأهلي    يوفنتوس يعلن إصابة بريمير بقطع في الرباط الصليبي    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    تعرف على إيرادت فيلم "إكس مراتي" بعد 10 أسابيع من عرضه    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    لطفي لبيب: تكريمي في مهرجان الإسكندرية السينمائي تتويج لمسيرتي الفنية    وزيرا الرياضة والثقافة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان الفنون الشعبية بالإسماعيلية    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    باحث شرعي: يوضح 4 أمور تحصن الإنسان من الشيطان والعين السحر    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    أوكرانيا تهاجم قاعدة جوية روسية في فارونيش بالطائرات المسيرة    التضامن تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    فروع "خريجي الأزهر" بالمحافظات تشارك بمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الحرص والبخل    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    ضاحي خلفان يثير جدلًا بتعليقه على اغتيال حسن نصرالله.. هل شمت بمقتله؟    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجرة الطيور.. السياحة الغائبة
«آخرساعة» عايشت الرحلة في سماء الفيوم
نشر في آخر ساعة يوم 18 - 04 - 2017

»الطيورُ مشرّدةٌ في السّماوات.. ليس لها أن تحطّ علي الأرضِ.. ليس لها غير أن تتقاذفها فلواتُ الرّياح»‬ رُبّما كانت كلمات الشاعر الراحل أمل دنقل في قصيدته »‬الطيور» هي الأقرب لوصف رحلاتها المحفوفة بالمخاطر. ملايين الطيور التي تتباين أشكالها وأحجامها، تمر بسماء مصر سنويًا في أسرابٍ تمتد علي مرمي البصر، مُشهرةً أجنحتها في هجرة شاقة تقطعها لآلاف الكيلومترات، قادمة من أوروبا وآسيا صوب القارة السمراء. ما يُعظّم أهمية سياحة مراقبة الطيور التي تحظي باهتمام عالمي واسع، كونها تُعد من أهم أفرع السياحة البيئية، التي لا تلقي الاهتمام والدعم الكافي من جانب الدولة. فضلاً عن تزايد التهديدات التي تتعرض لها الطيور المهاجرة، والمتمثلة بشكل أساسي في عمليات الصيد الجائر وتدمير الموائل والبيئات الطبيعية التي تحتضنها.
»‬آخر ساعة» عايشت رحلة لمشاهدة الطيور بمحافظة الفيوم، خلال رحلة عودتها في فصل الربيع.
حوالي سبعة ملايين طائر تعبر مصر كل عام وفق بيانات المصرية لحماية الطبيعة، فالموقع الجغرافي الفريد الذي تحتله مصر بربطها بين القارات الثلاث، جعلها تشكّل جسرًا لعبور ملايين الطيور القادمة من مواطنها الأصلية في الدول الاسكندنافية، وشرق أوروبا والبلقان وسيبيريا ووسط وغرب آسيا لتمضية فصل الشتاء بإفريقيا. حيث تنحصر هجرات الطيور في موسمين رئيسيين تبدأ خلال فصل الخريف، بينما يُشكّل موسم الربيع الذي ينتهي في منتصف شهر مايو رحلة عودتها من إفريقيا إلي أوروبا. ما دفع العديد من المنظمات الدولية المعنيّة بالتنوع البيولوجي علي رأسها المجلس العالمي لحماية الطيور، إلي التعاون مع وزارة البيئة لتأمين مسارات هجراتها والحد من المخاطر التي تواجهها.
ويوضح الدكتور لؤي السيد مُنسق برامج الحياة البرية بإدارة التنوع البيولوجي بوزارة البيئة، ومسؤول ملف الطيور المهاجرة أن الميزات التي تتمتع بها مصر لجذب الطيور، تتمثل أيضًا في كونها غنيّة بتعدد الموائل والبيئات الطبيعية، من البيئة الصحراوية والجبلية في شبه جزيرة سيناء، إلي الأراضي الرطبة المتمثلة في ساحل البحر المتوسط والبحيرات الشمالية. وإذا نظرنا إلي خطوط الهجرة الرئيسية للطيور لدينا، سنجد أنها تبدأ من الخط الشرقي المائي الذي يعد أول وأكبر خط بحري للهجرة، وتمر خلاله الطيور المائية التي تعبر البحر المتوسط وتُشكّل وحدها أربعة ملايين طائر تقريبًا، غير الطيور الحوّامة التي تتدفق بطول ساحل البحر الأحمر، وتليه المسارات التي تمر بعدّة مناطق منها بحيرات المنزلة وإدكو والبرلّس، لتصب جميعها في مسار وادي النيل الذي يصل جنوبًا حتي أسوان.
أما عن أسباب هجرة الطيور فيُشير إلي أن هناك عوامل عديدة ومختلفة تدفعها إلي قطع هذه المسافات الهائلة، تعتمد علي الظروف المناخية التي تحتاجها الطيور للحصول علي الغذاء، وإتمام العمليات الحيوية اللازمة لدورة حياتها. حيث تتجمد الأشجار والحبوب والأنهار في أوروبا خلال فصل الشتاء، ما يدفعها للانطلاق صوب المناطق الدافئة والاستوائية في إفريقيا. كما أن عملية الانتخاب الطبيعي التي تحدث بضرورة موت أعداد من الطيور خلال رحلتها، لبقاء الأعداد الأكثر قدرة علي الاستمرار تُعد أيضًا من هذه العوامل، يُضاف إلي ذلك احتياج بعض الأنواع للتكاثر في البيئات التي تُهاجر إليها، حيث إن عملية التكاثر والوصول إلي النُضج الجنسي تحتاج إلي مناطق دافئة. بينما فُسر اتجاه حركة الطيور التي تكون من الشمال إلي الجنوب أنها تتم وفق مغناطيسية الأرض.
وتختلف استراتيجية الهجرة كما يؤكد الدكتور لؤي حسب اختلاف أنواع الطيور ما يترتب عليه تباين مساراتها، فالطيور الحوّامة وبعض الطيور الجارحة تتخذ الخطوط البرية والممرات البحرية الضيّقة، كونها تعتمد علي الطيران الشراعي الذي لا يُمكّنها من عبور البحر بسهولة. بينما تقطع بعض الأنواع البحر المتوسط مباشرة، وهي التي تستطيع الطيران لمدد طويلة دون توقّف، منها العصفوريات وأصناف من الطيور المغرّدة والطيور المائية الخوّاضة. ويتابع: نجري رصدًا مستمرًا لأنواع وأعداد الطيور المهاجرة وسلوكياتها، عن طريق أجهزة تتبع مُتصلة بالأقمار الصناعية تُربط حول أرجل الطيور، ما يُمكننا من إحكام وتقنين منظومة الصيد داخل مصر والتصدي للخروقات والانتهاكات التي تحدث.
رحلة مشاهدة الطيور
محافظة الفيوم لها أهمية خاصة في هجرة الطيور كونها تضم جميع البيئات الطبيعية الجاذبة لها، والتي تتنوع ما بين البحيرات العذبة والمالحة في بحيرات وادي الريان وبحيرة قارون، غير المستنقعات والأراضي الزراعية والصحراوية. ثلاثة عشر عامًا قضاها أحمد منصور الذي التقيناه علي مشارف قرية تونس في مجال سياحة مراقبة الطيور، وهي المهنة التي بدأ ممارستها بدعم من أحد المشروعات الهولندية لتنمية السياحة البيئية في الفيوم. »‬نشأتي في هذه القرية الهادئة جعلتني لصيقًا بالطبيعة ومُحبًا لكل ما تحويه، لكنني لم أكن أتخيل أن تُصبح السياحة البيئية وبصفة خاصة مُراقبة الطيور محور حياتي وعملي. حصلت علي ترخيص من الهيئة العامة لتنشيط السياحة لأصبح مُرشدًا لهذا النوع من السياحة، وبدأتُ بشكلٍ ذاتي بتعميق معرفتي بالطيور من خلال مصادر متعددة.
أغلب المقبلين علي سياحة مراقبة الطيور هم من الأجانب، فحتي الآن للأسف لا تلقي الاهتمام المحلي الكافي من المصريين لغياب الوعي بها. السياح الذين يهتمون بهذه السياحة يأتون من انجلترا وفرنسا وإيطاليا بشكل رئيسي. كثير منهم يطلبون مشاهدة أنواع مُحددة من الطيور وهذا يُمثل تحدياً حقيقياً للمُراقب، حيث يُمكن أن نرصد في الجولة الواحدة مالا يقل عن ثلاثين نوعاً من الطيور، كما أصطحب في بعض الجولات باحثين وعلماء في هذا المجال.
يحفظ منصور- عن ظهر قلب- أصوات عشرات الأنواع من الطيور، يُذهلني بقدرته علي تمييزها وتقليدها، بدا لي في حالة تواصل وانسجام معها. يُخبرني أن هذه المهارة التي اكتسبها خلال سنوات ممارسته لمُراقبة الطيور، تُعد من أهم المهارات التي يحتاجها المُراقب المُتخصص حتي يتمكن من تتبعها وتمييز أنواعها المُختلفة، كما أن تقليد هذه الأصوات يجذب الطيور ويزيد من فرص مشاهدتها، خاصة في غير الأوقات التي تظهر بها. فالوقت المُناسب لمشاهدة الطيور المُهاجرة يختلف كما يؤكد منصور حسب نوع الطائر والمناطق التي يتواجد فيها، غير أن الوقت المثالي لأغلب الأنواع يكون في ساعات الصباح الباكر وقُبيل الغروب أيضًا.
يصحبنا منصور في جولة لرصد ومشاهدة أنواع الطيور التي تحلُ هنا في موسم الربيع خلال رحلة عودتها إلي أوروبا. نبدأ بالمستنقعات المُقابلة لبحيرة قارون والتي تمتاز بكثافة الأحراش المُحيطة بها. »‬طبيعة هذه المستنقعات جعلتها ملاذًا آمنًا للعديد من الأنواع التي تميل إلي الاختباء والبُعد عن الأنظار» يوضّح منصور وهو ينقل خطواته بحذر مُتفقدًا- عبر منظاره- مجموعة بعيدة من الطيور: هذا النوع يُطلق عليه »‬الدجاج السُلطاني» وهو مُحبب لمراقبي الطيور كونه من الأنواع النادر ظهورها لاحتجابها أغلب الوقت بين الغاب الكثيف، وطيور البكاشين غير العصفوريات المُهاجرة التي تتعدد أنواعها، فمنها الطائر الحُسيني وأبو فصادة الأصفر أو »‬الكركزان» يوضح أن ألوان الإناث تختلف عن الذكور في كل نوع.
نستقل قاربًا لنتجه إلي الجهة الجنوبية من بحيرة قارون، حيث تمتدُ علي مرمي البصر طيور »‬الفلامنجو» بلونيها الأبيض والوردي، ترقد بهدوء لا يقطعه غير اقترابنا منها، مُشكّلة بانعكاس حركتها علي سطح البحيرة لوحة فنيّة هائلة. هذا النوع من الطيور يهاجر كما يخبرني منصور من فرنسا وأسبانيا ويبدأ رحلة العودة في نهاية شهر إبريل. رصدت خلال موسم الهجرة الماضي نوعًا جديدًا من »‬الفلامنجو» الأسود من بين سرب هائل. هذه الطيور تتحرك كل يوم باقتراب موعد الغروب إلي جزيرة »‬القرن الذهبي» التي تتخذها موقعًا للمبيت. هناك تكنيكات تتبعها أسراب الطيور خلال رحلة الهجرة، حيث يتولي أحد الطيور في مقدمة كل سرب، مهمّة الدليل الذي يستكشف الموائل ومواقع الهبوط.
يُشير إلي مجموعاتِ بعيدة، هذه الطيور المائية الخوّاضة تعتمد في غذائها علي خوض المياه وصيد الأسماك، منها البلشون الأرجواني والأبيض وطائر »‬أبو منجل» الذي يُعد أحد أهم الطيور الفرعونية، إلا أنه استقر في أوروبا منذ قرونٍ طويلة. رصده الدائم والمستمر للطيور المُهاجرة مكّنه من مُلاحظة أن أنواعًا عدّة منها تحوًلت إلي طيور مُقيمة، عنها يقول: هناك أعداد كبيرة من الطيور تستوطن هُنا وتتكاثر لأكثر من موسم لتآلفها وانسجامها مع البيئة المُحيطة بها، منها أنواع من النوارس والخُطافات، وطائر »‬صائد السمك» وأبو المغازل، واللقلق الأبيض.
السياحة البيئية- وبخاصة سياحة مشاهدة الطيور كما يؤكد- لا تلقي الاهتمام والدعم الكافي من الدولة، ولا يوجد حتي الآن شركات مُتخصصة في هذا النوع من السياحة، حيث تقتصر علي بعض البرامج التي تحتاج إلي ترويج وتسويق. كما نحتاج إلي زيادة الوعي بأهمية المحافظة علي الطيور ومجابهة المخاطر التي تتعرض لها. فهناك انتهاكات تحدث داخل محمية بحيرة قارون، في عمليات الصيد غير المشروع بدون تصاريح خاصة علي جزيرة »‬القرن الذهبي» بالفيوم، ما يهدد أعداد كبيرة من الطيور المهاجرة لشعورها أن هذه الأماكن لم تعد آمنة لها، حيث يدفعها ذلك إلي الانتقال لأماكن أخري، ورصدت بالفعل تأثير ذلك علي بعض الأنواع التي قلّت أعدادها.
المخاطر
عن هذه المخاطر يحدثنا الدكتور أسامة الجبالي مدير مشروع صون الطيور الحوَّامة المُهاجرة، الذي يوضّح أن هذا المشروع تتولي تنفيذه وزارة البيئة بتمويل من مرفق البيئة العالمي، وبالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المُتحدة والمجلس العالمي لحماية الطيور. حيث يختص المشروع بحماية فصيل من الطيور الحوّامة، يتكوّن من 37 نوعًا تصل أعدادها إلي مليوني طائر علي مستوي العالم، منها النسور والصقور واللقلق الأبيض والأسود والبجع. هذه الأصناف تحوي خمسة أنواع لها أهمية خاصة علي المستوي الدولي، كونها من الأصناف المهددة بالانقراض من أهمها النسر الذهبي. لذا نعمل علي تأمين مسار الطيور الذي يمر بساحل البحر الأحمر والأخدود الإفريقي العظيم، فالظروف التي تتعرض لها تؤدي إلي نفوق مئات الآلاف منها كل عام.
يتابع: هناك العديد من المخاطر التي تواجه هذه الطيور في هجراتها، أخطرها عمليات الصيد الجائر غير المُستدام، والتسمم بالمبيدات التي تُستخدم بكثافة في بعض الأراضي الزراعية. غير أن الخطر الأكبر يتمثل في تدمير بيئاتها وموائلها الطبيعية خاصة في المناطق الساحلية والبحيرات، والذي يحدث بعمليات الردم في بعض المناطق. فطبيعة البيئة والتغيرات التي تطرأ عليها تؤثر علي خصائص السلوك الخاص بالطيور وقد تدفعها إلي تغيير مساراتها، حيث أنها تعتمد في هجراتها علي الملاحة الجوية، بتحديد اتجاهاتها وفق جغرافية الأماكن، والعلامات الأرضية المتمثلة بشكل رئيسي في السواحل والخلجان وسلاسل الجبال. كما أن تلوث هذه الموائل بالمخلفات الصلبة أو السائلة تؤثر بشكل كبير علي الطيور.
ويؤكد الجبالي أن المشروع يسعي إلي دمج خطط صون الطيور المهاجرة، في مختلف القطاعات التنموية التي تؤثر عليها وبصفة خاصة قطاع الكهرباء والطاقة، وذلك للحد من خطر الصعق الذي تتعرض له الطيور، عبر الاصطدام بخطوط الضغط العالي الواقعة في مساراتها. كما قامت وزارة البيئة بالتنسيق مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بتوقيع بروتوكول تعاون بينهما، يتضمن حماية الطيور بتنفيذ إجراء »‬الغلق عند الحاجة» لمراوح مزارع طاقة الرياح أثناء عبورها في مواسم الهجرة، وتم تفعيله بمناطق جبل الزيت والزعفرانة والكريمات، كونها تعد من المناطق الحرجة التي تُسمي ب»‬عنق الزجاجة» لكثافة عبور الطيور بها.
بالتوازي مع ذلك نتجه الآن بالفعل إلي تنفيذ برامج لدعم السياحة البيئية وتعظيم مواردها، حيث بدأنا بتدريب المرشدين السياحيين ورفع الوعي البيئي للسكان المحليين، وخصصنا مركزين لمراقبة الطيور في محمية رأس محمد بجنوب سيناء وفي »‬بحيرات الأكسدة» بشرم الشيخ. هذه البرامج واعدة جدًا إلا أنها تحتاج إلي تكاتف من جانب جميع الجهات المعنية في الدّولة حتي تؤتي ثمارها. الدول الغنية بالموارد الطبيعية تعي أهمية التنوع البيولوجي لديها وتسعي إلي تنميته واستغلاله اقتصاديًا. أمريكا علي سبيل المثال تحصد ملايين الدولارات كل عام من سياحة مشاهدة الطيور فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.