مع تراجع مؤشرات أداء الاقتصاد المصري تأثرا بالأحداث السلبية التي صاحبت ثورة 25 يناير، والتي تمثلت في تأثر الاستثمار والصادرات، تبذل أجهزة الدولة جهودا كبيرة، بهدف دفع عجلة الإنتاج، وطمأنة المستثمرين، في الداخل والخارج أن مصر ملتزمة ومستمرة بالاقتصاد الحر وتعتمد علي القطاع الخاص كشريك هام جدا في المرحلة القادمة للتنمية وخلق فرص العمل، وإصلاح مناخ الاستثمار لجذب مزيد من الاستثمارات.. حول أهمية الاستثمارات في التنمية وأهمية الترويج للاستثمار في مصر خلال المرحلة القادمة التقت »آخر ساعة« مع أسامة صالح رئيس هيئة الاستثمار لإلقاء الضوء علي أهمية الاستثمار والجهود المبذولة لحل مشاكل المستثمرين خاصة أن هناك رغبة من المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر في ظل المناخ الجديد الذي تولد مع ثورة 25 يناير وإمكانية تحقيق انطلاقة اقتصادية جديدة! في البداية يؤكد أسامة صالح أن مناخ الاستثمار في مصر تأثر بالأحداث التي واكبت ثورة 25 يناير خاصة خلال شهري فبراير ومارس وإلي حد ما شهر أبريل وكانت فترة تسودها حالة عدم اليقين حول الاستقرار السياسي والاقتصادي بعد الثورة.. وفي شهر مايو بدأت عمليات تأسيس أكثر للشركات.. كما شهدت مصر زيارات لوفود عربية وأجنبية.. كما كان هناك اتصالات من جانب السفراء من الدول المختلفة سواء الأوروبية أو دول شرق آسيا والدول العربية وهذا بهدف الاطمئنان علي أحوال المستثمرين من بلدانهم في مصر. وقد قمنا في هيئة الاستثمار عقب أحداث الثورة بتكوين فريق عمل للتواصل مع المستثمرين، وبالتعاون مع القوات المسلحة استطعنا إلي حد كبير التغلب علي مشاكل التعديات علي المشروعات ونحمي كل الاستثمارات الموجودة.. وليس لدينا أي خسائر خلال الثورة في أي ممتلكات وهذا أعطي انطباعا جيدا.. وفي المقابل كان المستثمرون علي قدر كبير من المسئولية ولم يحدث تسريح للعمالة. المرحلة التالية: قمنا بعمل زيارات لبعض الدول المختلفة، وقام الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بزيارات للخليج وقد شاركت في هذه الزيارات، وكانت ردود الفعل إيجابية جدا، والناس عندها استعداد للدخول في مشروعات مختلفة.. مشروعات قومية ومشروعات لصناعات مختلفة هذا باختصار شديد ماحدث بعد الثورة منذ 52 يناير وحتي الآن. والعالم ينظر إلي مصر بشكل إيجابي جدا.. وينتظر استكمال الاستقرار الأمني في الشارع.. وأعتقد أن كثيرا من دول العالم والمستثمرين لديهم رغبة للاستثمار في مصر وخاصة بعد ماحدث من تغيير، وأصبح هناك توقع لشفافية أكبر في التعاملات. تراجع الاستثمارات ❊❊ إلي أي حد تأثرت الاستثمارات في مصر خلال الفترة الماضية.. وما الجهود المبذولة لتخفيف تلك الآثار؟ من خلال أحدث البيانات لدي هيئة الاستثمار هناك إحصاء يقارن تأسيس الشركات خلال (الفترة يناير يوليو 1102 مقارنة بنفس الفترة من عام 0102، وقد انخفض عدد الشركات المؤسسة إلي 5353 خلال الفترة يناير يوليو 1102 مقارنة بعدد 8264 شركة خلال نفس الفترة من عام 0102 بنسبة انخفاض بلغت 6.32٪. وقد بلغ إجمالي رؤوس الأموال المصدرة خلال الفترة يناير يوليو 1102 نحو 8.4 مليار جنيه مقابل 6.01 مليار جنيه بنسبة انخفاض بلغت 3.45٪. وبلغ إجمالي فرص العمل المتوقعة خلال ذات الفترة من عام 1102 نحو 43876 فرصة عمل مقابل 59501 فرصة عمل في ذات الفترة من عام 0102 بنسبة انخفاض بلغت 9.53٪. فقد تأثر تأسيس الشركات خاصة خلال شهر فبراير وكذلك شهر مارس.. ولكن مع عودة الاستقرار خلال شهري أبريل ومايو وزيادة الاطمئنان لدي المستثمرين بدأت بعض الشركات الكبري الموجودة في مصر تقوم بتوسعات، كما قامت بعض الشركات الأجنبية بعمليات استحواذ كبيرة في الفترة الماضية.. فقد قامت شركة انتل العالمية المتخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باستحواذ علي شركة مصرية، لتكون تلك الصفقة أكبر استثمار للشركة في الشرق الأوسط، أيضا قامت شركة إلكترولوكس، وهي أكبر شركة في العالم متخصصة في الأجهزة المنزلية، استحوذت علي شركة أوليمبيك إلكتريك.. أيضا قامت شركة جلاسكو من كبري شركات الأدوية والرعاية الصحية في العالم ونفذت عمليات توسع كبيرة.. وهذا أعطي إشارات للمستثمرين لكي يبدأوا مشروعات جديدة. ومنذ مايقرب من شهر ونصف بدأت عمليات تأسيس لشركات كبيرة وقد تم مؤخرا تأسيس شركة في مجال البتروكيماويات باستثمارات بلغت نحو 7.2 مليار جنيه وبرأسمال قدره مليار جنيه وهذا أكبر استثمار حصل بعد الثورة.. كذلك هناك مشروع لمستثمرين هنود في منطقة شمال غرب خليج السويس لإنشاء مصنع بنظام المنطقة الحرة الخاصة لإنتاج البولي إيثيلين.. نحن نتحدث عن مراحل.. فهناك توقف بعد الثورة، وبعد ذلك استحواذ وبدأت الشركات الكبيرة تتوسع، وبعد ذلك بدأنا جذب استثمارات جديدة. المشروعات الصغيرة والمتوسطة ❊ أعلنت هيئة الاستثمار عن تأسيس صندوق لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة برأسمال مليار جنيه.. متي يتم إطلاق هذا الصندوق..؟ تعطي هيئة الاستثمار اهتماما كبيرا لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. وكان لدينا خطة لإطلاق صندوق تنمية المشروعات الصغيرة في مطلع هذا العام وكان رأسماله مليار جنيه، ولكن بعد الثورة توقفنا .. ونحن نستعد لإطلاقه في القريب. ونتيجة للزيارة التي قام بها الدكتور عصام شرف لقطر.. قررت شركة صلتك القطرية استثمار نحو 01 ملايين دولار في هذا الصندوق.. وأهمية وجود هذه الشركة أنها تعتبر البوابة للخليج كله.. وسوف تكون هناك رحلات مشتركة بمشاركة مجموعة من هيئة الاستثمار ومجموعة من المشرفين علي الصندوق، وشركة صلتك لديها خبرات كبيرة في مجال ريادة الأعمال وتدعمها الحكومة القطرية بشدة. وهذه تعتبر أحد النجاحات في الفترة الماضية خاصة أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي التي تخلق فرص العمل الحقيقية.. فهذه المشروعات سريعة النمو ولهذا نعمل علي دعمها. ❊❊ الجهود الرئيسية لهيئة الاستثمار الترويج للمشروعات الاستثمارية في الداخل والخارج.. ما الذي قامت به الهيئة في هذا الشأن؟ خلال الجولات التي نقوم بها داخل وخارج مصر، نؤكد للمستثمرين دائما الرسائل الرئيسية التي تحرص عليها الحكومة، أن مصر مستمرة في الاقتصاد الحر، وتعتمد علي القطاع الخاص كشريك هام جدا في المرحلة القادمة للتنمية وخلق فرص العمل .. كما أن مصر مستمرة في إصلاح المناخ الاستثماري والتشريعي بحيث يكون عندنا القدرة في جذب الاستثمارات الأجنبية.. ونقوم بزيارات كثيرة لترسيخ هذه الرسائل والتأكيد عليها أكثر مما نتكلم عن الفرص الاستثمارية. ونحن لدينا في مصر المشروعات القومية، وهي مشروعات لها أهمية استراتيجية للدولة، يكون لها أهمية في مستقبل التوسع ونعطي أولوية للمشروعات القومية التي يكون فيها توسعات وحياة جديدة خارج الوادي.. علي رأسها محور طريق الصعيد البحر الأحمر، منطقة شمال غرب خليج السويس كمنطقة اقتصادية، المدينة المليونية في العلمين، مشروع شرق بورسعيد.. فهناك اهتمام بتنمية منطقة قناة السويس باعتبار القناة أهم ممر ملاحي في عالم وهذا هو مستقبل مصر. المجموعة الثانية من المشروعات هي المشروعات الموجودة داخل المحافظات، فكل محافظة لديها قائمة بالمشروعات، ونحن لدينا حصر بها ونسميها الخريطة الاستثمارية لمصر. آخر مجموعة، هي المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأهم شيء حدث بعد الثورة هو مايسمي بالعيادة التي نساعد بها المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. فأحد أهم المعوقات التي تواجه تلك المشروعات أنها لا تتوافر لها الرعاية الكافية.. وقد قمنا بعمل اتفاقيات مع الشركات الكبيرة المتخصصة في تقديم الاستشارات في مجال المحاسبة والاستشارات الفنية والاستشارات القانونية، وتقدم خبراتها للمشروعات الصغيرة تحت رعاية الهيئة.. أيضا قمنا بعمل اتفاقية مع شركة ضمان مخاطر الائتمان لضمان المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدي البنوك .. كل هذا لأننا ندرك أن هذا القطاع العريض من المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو الذي سيبني هذا المجتمع. مصداقية مصر ❊❊ أحد المعوقات التي تواجه المستثمرين المنازعات مع الجهات الحكومية المختلفة وتم تشكيل لجنة مؤخرا لحل هذه المنازعات لتحقيق الاستقرار للمشروعات؟ هناك احترام من مختلف أجهزة الدولة للتعاقدات التي تم إبرامها مع المشروعات .. وحتي في حالة المنازعات يتم حل هذه المنازعات بالتراضي.. ولعل قضية الأرض المملوكة لإحدي شركات الأمير الوليد بن طلال في توشكي يؤكد هذا المفهوم.. فقد كان مخصصا للشركة مساحات كبيرة من الأراضي لاستصلاحها.. وتم التفاوض بشأن هذه المساحات.. وتم الاتفاق أن يحتفظ بجزء من الأرض لاستصلاحها ويعيد بقية المساحة.. وقد ارتضي بهذا الحل .. كما أن الدولة ارتضت بهذا الحل، وتم إنهاء النزاع دون الدخول في إجراءات التقاضي.. وكان هناك حرص من جانب الأمير الوليد علي حل المشكلة ووعد بعمل أي حل يساعد هذا البلد العظيم.. ومن هذا المنطلق بدأت دراسة حل حالات مشابهة.. وقد قامت لجنة فض المنازعات بدور فعال جدا بعد الثورة وتم عقد جلستين، وتم بحث أكثر من 07 حالة تم حل 54 حالة منها.. واختصاص لجنة فض المنازعات النظر في المنازعات بين المستثمرين والوزارات الأخري. ومؤخرا قام الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بتشكيل لجنة للنظر في تسويات العقود محل المنازعات وعقدت أول جلسة خلال هذا الشهر وتقدم لها 71 طلبا وبدأ بالفعل النظر في العقود بحيث تراعي أنه لا ضرر ولا ضرار.. المستثمر يظل محتفظا باستثماره، ويتم تسوية الفروقات المستحقة للدولة.. وهذا إما بالسداد النقدي أو يتم رد الأراضي للدولة.. وهناك حرص من جانب رئيس الوزراء علي سرعة البت في هذه المنازعات بهدف تحقيق الاستقرار لمناخ الاستثمار. هذا إلي جانب قيام هيئة الاستثمار بتقديم المزيد من التيسيرات للمستثمرين لمساعدة المستثمرين التعامل مع الجهات المختلفة، وأول إجراء تم اتخاذه بعد الثورة في شهر مارس إصدار بطاقة لكل مستثمر أن يتعامل بشكل مباشر مع مصلحة الجمارك دون الرجوع لهيئة الاستثمار.. كما يجري أيضا تيسير إصدار التراخيص وقدمت الهيئة مشروع قانون لمجلس الوزراء من خلال المجموعة الاقتصادية لسرعة إصدار التراخيص كما يحدث في كل دول العالم.. وهذا بعد النجاح الذي تحقق في سرعة التأسيس الذي أصبح يتم الآن on line. هناك أيضا دراسات لتبسيط الخروج من السوق سواء في حالات الإفلاس أو التعثر وعملنا في هيئة الاستثمار مجموعة من القواعد للخروج الاختياري.