في ساحة ميدان الحرية بالعاصمة الإيرانيةطهران، تجمع مئات الآلاف من الإيرانيين في ذكري الثورة الإسلامية التي اندلعت منذ 38 عاما، ورفع المحتجون لافتات كتبوا عليها عبارة »الموت لأمريكا» و»لن نرضخ لترامب»، في إشارة لتصريحاته النارية ضد آيات الله وضد البرنامج النووي الإيراني، وبرنامج الصواريخ الذي يتبناه مرشد إيران شخصيا، الذي خرج هو الآخر في خطاب مطول مهددا ترامب بالانتقام في حالة إقدامه علي أي تحرك عسكري ضد بلاده، ومحذرا إياه بأن الرد سيكون قاسيا، وفي أماكن وبأساليب لم تعتدها أمريكا من قبل! وكلام المرشد الإيراني ومعه الرئيس روحاني، جاء بعد أن تقدمت إيران بشكوي أمام محكمة لاهاي الدولية بسبب الحظر الظالم الذي فرضته أمريكا ضدها، بسبب برنامجها النووي والصاروخي، وبسبب تجميد جديد للأرصدة الإيرانية داخل أمريكا وبقرار سيصدر قريبا من ترامب، بعد أن نجحت طهران في استعادة نحو 1٫7 مليار دولار من الأرصدة المجمدة في البنوك الأمريكية والأوروبية وفي بعض بلدان العالم التي حذت حذو أمريكا في تجميد تلك الأرصدة بسبب البرنامج النووي الإيرني المثير للجدل. والقصة.. لا تقف عند ذلك فقط. فمنذ ظهور دونالد ترامب علي الساحة السياسية الأمريكية، كمرشح محتمل للانتخابات الأمريكية وهو يحذر إيران ويتوعدها بأقذع العبارات، ووصل الأمر به إلي أن قال إنه شخص مختلف تماما عن سلفه أوباما، الذي دلّل إيران وأظهر لها وجهه المتسامح جدا، في التعامل مع مخالفتها المستمرة لقواعد القوانين الدولية وعدم احترامها لسيادة العم سام علي العالم. وبعد أيام قليلة من وصوله لكرسي البيت الأبيض، بدأ ترامب في إظهار نواياه الحقيقية تجاه إيران وآيات الله، بل وذيول إيران كما سمّاهم بالمنطقة، وكان يقصد هنا حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، وأصابع آيات الله في كل من: سورياوالعراق ولبنان.. وحسب صحيفة »واشنطن بوست» الأمريكية فإن ترامب لم يضيع وقته كثيرا فقد بدأ في اتخاذ عدة تدابير وإجراءات ضد طهران، كان من أبرزها: إعلانه مبكرا بأنه سيعمل علي إعادة فتح باب التفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي يعتقد أنه أعطي لإيران ما لا تستحق، ما يعني عمليا - في حال تنفيذه - وقف كل الاتفاقيات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني التي تعطي لطهران مزيدا من التنفس إن جاز التعبير، عن طريق رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها ومنها: الأرصدة المالية وحق الاستخدام النووي السلمي إضافة لمزيد من العلاقات المنفتحة مع أمريكا وأوروبا وبعض بلدان المنطقة التي تدور في فلكهما، وبالطبع مزيد من الدور الإيجابي في قضايا المنطقة وبخاصة العراقوسوريا واليمن. وهو ما يفسره البعض كما تقول الجارديان البريطانية بأنه قد يكون عودة لنقطة الصفر في العلاقات الإيرانيةالأمريكية، وعودة كل الاختيارات لتطرح من جديد ومن بينها: الخيار العسكري المحدود ضد المنشآت الإيرانية المعلنة منها علي الأقل. ويضاف لذلك إعلان ترامب قراره الشهير بحظر دخول مواطني 7 دول من بينها إيرانلأمريكا لأسباب أمنية ودينية، ورغم تجميد القرار مؤقتا من جانب عدة محاكم أمريكية والتزام الإدارة الأمريكية ولو شكليا باحترام قرارات وأحكام القضاء، إلا أن ترامب يسعي وبقوة لاستخدام حقه الدستوري كرئيس، في إصدار قرارات جديدة تخوِّل له تنفيذ الحظر بصيغة أخري منها: حماية أمن الولاياتالمتحدةالأمريكية ومواطنيها من الخطر المتوقع وبالطبع من بينه: الخطر الإيراني الذي يمكن أن يصدر لأمريكا عن طريق الإيرانيين القادمين لأراضيها. وهناك: التهديدات القديمة الجديدة بفرض عقوبات وتجميد جديد للأرصدة الإيرانية داخل أمريكا، وبدعاوي جديدة منها: غسيل تلك الأموال في مساندة جماعات وطوائف دينية تناهض أمريكا وسياساتها حول العالم وفي داخل أمريكا نفسها. وهناك: القرار اللافت للنظر في وضع أمريكا لقوات الحرس الثوري الإيراني، في قائمة الإرهاب الأمريكية حول العالم التي تضم العديد من تلك الجماعات التي تعارض أمريكا وأبرزها: القاعدة وداعش وفتح الشام بالمنطقة. وهناك: رغبة أمريكا تحت زعامة ترامب بالطبع، في تحجيم الدور الإيراني بالمنطقة، ومنع تهديداته المستمرة لدول الخليج وبالذات البحرين، وهو الدور الذي تزايد بعد اتفاق تركي إيراني روسي لحل الأزمة السورية عن طريق إطلاق مباحثات موازية لمباحثات جنيف مثل اجتماعات أستانة في كازاخستان ودون تواجد أمريكي أو أوروبي مؤثر فيها. وهناك: رغبة إدارة ترامب في قمع وتحجيم رغبة آيات الله في تصدير ثورتهم الإسلامية ومعتقداتهم الشيعية للمنطقة بهدف فرض الهيمنة والنفوذ السياسي والديني، وهو الأمر الذي ترفضه أمريكا علي طول الخط لأنه أولا: يهدد مصالحها كقوة عظمي بالمنطقة ويهدد مصالح حليفتها الأولي إسرائيل التي تهدد إيران بمحوها من الخريطة، ولأنه ثانيا: خطر حقيقي لمصالح أصدقاء أمريكا بالمنطقة في مواجهة المد الشيعي الإيراني.