د. عصام شرف وتكليف هيكل وزيراً للإعلام فضحت ثورة يناير إعلامنا الحكومي بكل عيوبه المتراكمة، وهو يجسد الذراع اليمني للنظام.. ويقدم حقائق مغلوطة للناس، حاول بقدر المستطاع تجميل وجه الرئيس وأعوانه ممن أفسدوا الحياة في مصر، في مقابل الهجوم المتواصل علي ثوار التحرير بلا حياء.. تخلي مبارك عن الحكم، فسقطت ورقة التوت الأخيرة عن الإعلام الحكومي وخاصة بعد قرار حبس أنس الفقي الوزير الذي أساء إلي شعب بأكمله.. رحيل الفقي عن الوزارة جعل البعض يعتقد بأن حكومة ما بعد الثورة بإمكانها أيضا تحطيم مقعد الوزير، فداعب الحلم النفوس بإلغاء وزارة الإعلام والدعوة إلي استقلاليته كما هو الحال في أغلب الدول المتقدمة. حتي جاء اختيار أسامة هيكل لتولي حقيبة الإعلام أشبه بالصدمة التي أطاحت بكل الآمال. عدم الاعتراف بهيكل والتقليل من شأنه كان يستند علي مقالة كتبها الوزير يهاجم فيها الثورة، ويحرض فيها الشباب علي عدم الخروج يوم 25 يناير وعدم الانسياق إلي الدعوات التي يطلقها البعض علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك، بحجة تخوفه من الصدام مع الشرطة يوم عيدهم، وعدم قبوله لتغيير النظام في مصر علي الطريقة التونسية. ذاكرة الثوار لم تنس ما قاله هيكل في الوقت الذي لم تر فيه أيضا ضرورة من استمرار إعلام موال للحكومة يتخذ قراراته منها ويسير وفق وجهة نظرها ويبتعد عن الصورة الحقيقية للشارع المصري. تولي هيكل لحقيبة الإعلام وعودة وزارة الإعلام قرار وصفه الناقد الدكتور عبد المنعم تليمة ب "المفاجئ"، ولم يجد مبررا لعودة الوزارة التي وصفها بأنها نقيض حرية التعبير وقال إن النظم الشمولية السلطوية اخترعتها لتوجيه الرأي العام. أما وزير الإعلام الجديد أسامة هيكل فقال عنه تليمة إنه رجل متوسط الكفاءة.وتوقع أن يتم إلغاء وزارة الإعلام من جديد بحيث يقتصر دور هيكل علي إعادة هيكلة الوزارة بشكل إصلاحي وليس ثوريا. بينما اعتبر إبراهيم أصلان القرار بقوله إن الطبيعي هو إلغاء وزارة الإعلام والبحث عن صيغة لترتيب وضع العاملين بها. واستغرب أصلان اختيار هيكل المحرض علي عدم اتباع الثورة بوضعه علي رأس المنظومة الإعلامية. وقال أصلان إن وزارة الإعلام قامت بدور أساسي لإخضاع المجتمع للجماعة الحاكمة في الماضي، ووجهت الرأي العام، وأصبحت كوادر وزارة الإعلام لا تحظي باحترام الشارع إلا القليل منها. ولكننا الآن نري أن الكوادر القديمة تخصص لها الفضائيات وهو ما يثير الشكوك في احتمالية الانقضاض مجددا علي الثورة . وجدد إبراهيم عبد المجيد رفضه لعودة وزارة الإعلام وأضاف بأن عودتها دليل علي تخبط المجلس العسكري والحكومة ، التي اعتبرت أنها تضم موظفين يقومون بتسيير الأعمال فحسب. ويؤكد الدكتور علي عجوة العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة أن التحكم في الإعلام هو وفرض القيود عليه يقف بالمرصاد في وجه حرية الرأي مما يعد تعتيما واضحا يحيد بالمسار الصحيح للإعلام الصادق. واعتبر عجوة المعايير المهنية فقط هي ما يشكل القرار داخل المنظومة الإعلامية، في الوقت الذي رفض فيه أن يكون الإعلام موظفا حكوميا يتلقي التعليمات ويمارس هذه المهمة منذ قيام ثورة يوليو.. وهو ما يعني أهمية إلغاء وزارة الإعلام.. وضرب مثالا بدول متقدمة وضعت حلولا كثيرة منها الوسائل الإعلامية الخاصة التي تتبع ما يكفل لها النجاح.. وقال إن وسائل الإعلام الرسمية في حاجة الي إدارة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون بشكل يقترب من نبض الشارع ويبتعد عن السيطرة الحكومية. حمدي الكنيسي يري من واقع خبرته علي مدي سنوات طويلة أن فكرة إلغاء وزارة الإعلام في الحكومة الجديدة خطأ ويؤكد ضرورة وجودها في المرحلة الانتقالية وتكون مهمتها تحديد أوضاع قطاعات الإعلام المختلفة سواء القنوات التليفزيونية أو الإذاعية ومدينة الإنتاج الإعلامي والنايل سات وهيئة الاستعلامات وصوت القاهرة وغيرها حتي لا ينضم العاملون بها إلي طابور البطالة.. ثم يتم التمهيد لتحويلها إلي هيئة علي شاكلة الهيئة البريطانية علي أن يتم اختيار هذه الهيئة بعناية شديدة من خبراء وأكاديميين.. لتقديم حرية وتدعيم الديمقراطية لصالح الشعب. وأشار الإذاعي عبدالرحمن رشاد رئيس شبكة صوت العرب الي أن انتصار ثورة 25 يناير وضعت الشعب في مصاف الدول التي تعي أهمية الرأي والتمتع بالتعددية وقال: في كل الدول لا وجود لوزارة الإعلام.. ويفضل أن تكون هناك هيئة تابعة للدولة المصرية وليست للحكومة وأن تصرف ميزانيتها من مجلس الشعب وتضم بين أعضائها نجوم الفكر والثقافة والسياسة والإعلام وأن يتم تولي رئيس الهيئة بالانتخاب ليعبر عن طوائف الشعب المصري. وأيدت الإعلامية مني الحسيني إلغاء وزارة الإعلام لأن هذا يعطي فرصة لإعلام حقيقي يخدم مصالح الجمهور لا مصالح رئيس الدولة.. ويساعد علي وجود إعلام قوي قادر علي منافسة الفضائيات والتخلص من الإملاءات والتوجه خاصة إذا ثبت عدم صحتها يمكن تقديم فريق العمل للمحاكمة. ويقول الإذاعي عمرو عبدالحميد »رئيس شبكة الشرق الأوسط«: إن الإعلام المصري لديه الآن فرصة ذهبية لاقتناص المزيد من الحرية المنشودة لتقديم إعلام حقيقي حر غير منحاز لأي طرف وبشرط أن يصاحبها المهنية الحقيقية حتي لا يؤدي ذلك الي فوضي وتقديم إعلام أجوف.. وشدد علي أهمية إسناد العمل لكوادر إعلامية مؤهلة تعي المسئولية الملقاة علي عاتقه.. وآن الأوان لوضع حد للدخلاء علي الإعلام. ويقول الإعلامي حمدي الكنيسي: كنت من أشد المعارضين لإلغاء منصب وزير الإعلام وأن قرار عودة المنصب مرة أخري جاء متأخرا خاصة أن وزارة الإعلام ليست الإذاعة والتليفزيون فقط فهناك مدينة الإنتاج الإعلامي والهيئة العامة للاستعلامات وصوت القاهرة والتعاون بين الدول وغيرها فلا يمكن لهؤلاء في يوم وليلة لايجدون من يتخذ لهم القرارات، فنحن نحتاج لبعض الوقت لترتيب البيت من الداخل وأرجو أن تتاح الفرصة للوزير الجديد لتصحيح المسار في هدوء وتأن، وعلي الوزير أن يسارع في توفير الإمكانيات المالية لتقديم البرامج القوية التي افتقدها التليفزيون المصري في الفترة الأخيرة وإعطاء الفرصة للكفاءات والموهبين . وينضم الدكتور صفوت العالم الأستاذ بإعلام القاهرة إلي المؤيدين لقرار تعيين وزير للإعلام طالما لا يؤثر ذلك في الحريات التي تتفق مع مبادئ الثورة وقال: العبرة هنا بالسياسات فهناك بعض الدول التي ألغت وزارة الإعلام ولكنها استحدثت أشكالا أخري شبيهة بسياسات الوزارة، وبالتالي لم يتغير شيء. ويضيف الإعلامي محمود سلطان: مع أنني كنت من المعارضين لتعيين وزير للإعلام بعد الثورة إلا أنني من المؤيدين في هذه الفترة لتعيين وزير للإعلام خاصة أنه مكلف حسب معلوماتي بمهام محددة أولاها موضوع الهيكلة والمرحلة المقبلة تحتاج إلي سلطة تستطيع اتخاذ القرارات وهذا يتوافر لدي الوزير ولا يتوافر لدي رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون فكان لابد من تعيين وزير للإعلام يمتلك الصلاحيات الواسعة ويؤكد أن هناك ملفات مستعجلة أهمها من وجهة نظري تطوير الشاشة حتي يشعر المشاهد بشيء جديد وجذاب علي شاشة التليفزيون المصري، فإذا فعلت كل شيء ولم تطور الشاشة فكأنما لم تفعل شيئا ويأتي بعدها عمليات الأجور والهيكلة والحريات.