الدستور الجديد يبدو أنه يثير بالفعل جدلا بين المثقفين، دون أن يكون ذلك علي حساب حقيقة أنه هذا شأن عام والنقاش حوله حق أصيل لكل المصريين، باعتبار أن الدستور هو مصدر كل سلطة وأساس أي شرعية كما هو الحال في الدول الديمقراطية التي تنظر شعوبها بتبجيل لوثائقها الدستورية وتهب في مواجهة أي عدوان علي الدستور.. ووسط الجدل حول الدستور الجديد في مصر تتردد أسماء لها حضورها الثقافي، فيما تكشف المناقشات الجارية علي الساحة المصرية عن شعور وطني بأهمية التوافق العام حول الدستور الجديد واستلهام روح ثورة 25 يناير وتحقيق الحلم المصري في النهضة الشاملة واحترام الموروث الثقافي للشعب والحفاظ علي الهوية المصرية مع الاستفادة من دساتير الديمقراطيات العريقة وإعلانات حقوق الإنسان العالمية والمواثيق الدولية. كان الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية قد أعلن عن مشروع وثيقة موحدة للمبادئ الحاكمة للدستور الجديد تحت عنوان "إعلان حقوق الشعب المصري" .. موضحا أن نقطة البداية لهذا المشروع كانت بتكليف من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وذلك لإعداد وثيقة تعبر عن روح الثورة. وأشار أسامة الغزالي إلي أنه وضع هذا المشروع مستفيدا من عدة وثائق سابقة سواء علي مستوي مصر مثل وثيقة الأزهر وإعلان حقوق الإنسان المصري أو علي مستوي العالم مثل وثيقة الماجنا كارتا البريطانية ولائحة الحقوق المدنية الأمريكية وإعلان حقوق الإنسان والمواطن في فرنسا وإعلان الحقوق الخالدة في ألمانيا.. الوثيقة التي أعدها أسامة الغزالي تنص علي أن "المصريين جميعا مواطنون أحرار متساوون في الحقوق والواجبات والحريات أمام القانون والدستور دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو الانتماء الإقليمي أو الطبقي أو الاجتماعي أو أي سبب آخر، كما أن كرامة الإنسان المصري غير قابلة للانتهاك والحفاظ عليها مسئولية سلطات الدولة". واعتبر الروائي الدكتور علاء الأسواني أن من يطالبون بوضع الدستور أولا إنما يحتقرون الإرادة الشعبية التي صوتت ب"نعم" في الاستفتاء بغية إنجاز خريطة طريق تبدأ بالانتخابات أولا، فيما نوه الكاتب والباحث السيد يس بتجاوز الخلافات الحادة التي سادت في الفترة الماضية بين من ينادون بالدستور أولا وهؤلاء المتحمسين للانتخابات أولا وفقا لنتائج الاستفتاء الدستوري. وبدا نبيل عبدالفتاح الكاتب والباحث بمركز الأهرام مهموما بالمشهد الراهن وما وصفه بمحاولات بعض القوي اقتناص لحظة الاضطراب والسيولة والرؤي الغائمة لتحديد مصير الدولة الحديثة ومواريثها الدستورية والقانونية. ولاحظ معلقون أنه وسط حالة الاهتمام غير المسبوق بمسألة الدستور الجديد ظهر مفهوم عقد الحريات الاجتماعي بين المصريين، فيما يشكل الدستور الجديد الوثيقة القانونية والسياسية التي سيتم بواسطتها صياغة عصر الحرية الجديد وتحصين حقوق المواطن وكرامته.