بملابس بيضاء وتفاحة مغموسة في العسل، يبدأ اليهود عامهم العبري الجديد آملين أن تكون أيامه كلها بيضاء وحلوة، أما تناول الرمان في عشية رأس السنة فيعتقدون أنه يمنحهم البركة، في الوقت الذي لا يتخلون عن رغبة الانتقام من أعدائهم فيوزعون علي بعضهم البعض التمر وهم يناشدون السماء أن تفتك بعدوهم وحتي يتأكدوا من تحقيق أمنياتهم يلتهمون كميات من "الكرات" لأنه يعني في لغتهم القطع. بهذه المشاعر المصابة بالتضاد بين ما هو روحي يطلب الرحمة وما هو دنيوي منتفخ بالحقد والكراهية تجاه الآخر يستقبل اليهود في فلسطينالمحتلة عامهم العبري الجديد بطقوس قديمة لا تتغير بين كل مدينة وأخري وهي الطقوس التي تتكرر مع بداية شهر أكتوبر من كل عام. يختتم هذا الشهر السنة العبرية، ويعرف بأهميتة الدينية لدي اليهود، يتميز بعاداته وصلواته، فيه يستيقظ العبريون مبكراً لأداء صلوات خاصة تدعي "الكفارة"، ويبدأون النفخ في "الشوفار" في نهاية صلاة الصباح، ومحاسبة النفس استعدادا للعام الجديد الممتلئ بالأعياد اليهودية عديدة، وأهمها رأس السنة اليهودية وعيد الغفران. ووفقا لتقاليد اليهود فبعد كسر ألواح العهد التي تلقاها موسي علي جبل سيناء، صعد مرة أخري للجبل للحصول علي لوحي العهد، ونزل بهما بعد مرور 40 يوماً في يوم الغفران وأثناء تواجده علي جبل سيناء كشف الله له آيات خاصة تصف رحمته، ووفق المعتقدات اليهودية عندما يذكر اليهود هذه الآيات يثيرون شفقة الله، وهناك من يؤمن أن الأربعين يوماً تدعي أيام "الرحمات والكفارات". وفي الأعوام الأخيرة يقوم اليهود ب"جولات كفارات" خلال هذا الشهر في الأحياء القديمة والدينية من المدن مثل القدس، عكا، طبريا، وصفد، فهذه المدن بها عامل جذب سياسي للإسرائيليين أو السائحين، ومن المعتاد عند زيارة طبريا الذهاب لقبور الصديقين المتعددين المنتشرين في أرض المدينة. وتظل القدس علي رأس جولات الكفارات، وفي الساعات الأولي من الليل طوال هذا الشهر تجري مئات الجولات في الأحياء اليهودية القديمة، ويأتي المتجولون ليستمعوا للصلوات الخاصة قبل شروق الشمس، لمعرفة العادات المختلفة للكنس واستيعاب أجواء هذا الشهر. وفقا للمعتقدات اليهودية فقد بدأ الله بخلق العالم والإنسان عشية رأس السنة الجديدة، وتجتمع العائلات في هذه الليلة الجديدة، مستقبلين العام الجديد بملابس بيضاء وقبل تناول العشاء يرددون طقوس منح البركات. ويشمل نظام البركات المأكولات المختلفة التي يرافق كلا منها تمني سنة أفضل، وعادة يبدأون الأكل بتفاحة بالعسل "ليتمتعوا بسنة سعيدة حلوة كالعسل وجيدة كالتفاح"، ويزرعان الأمل بسنة سعيدة دون مرارة أو حزن، وغمس خبز رأس السنة بالعسل، علي خلاف باقي السنة، التي يتناولون فيها الخبز بالملح. ويأتي بعد ذلك دور ثمرة الرمان التي ترمز إلي الوفرة والجودة، فالبركة هي "أن نكثر في تطبيق الوصايا كالرمان"، ففي الديانة اليهودية 713 وصية، وثمة من يقول إنه في كل ثمرة رمان 713 حبة وسواء كان ذلك صحيحا أم لا، فإن الهدف هو القيام بأكبر عدد ممكن من الأفعال الجيدة والوصايا الحسنة في السنة الجديدة، متمنين أن يكونوا أشخاصاً أفضل. الطعام الحلو الأخير في هذه الليلة هو التمر ويقومون بتلاوة الأدعية علي أعدائهم وكل من يتسبب لهم في ضرر ويأملون أن تكون هذه سنة سلام دون أعداء. وبعد ذلك ينتقلون إلي المأكولات المالحة وثمة هنا لعبة كلمات ونغمات يؤكل "الكرات" أو البصل الأخضر في رأس السنة لأن اسمه يشبه الفعل العبري "قطع"، ومن هنا تبدأ الصلاة والدعاء بأن يقطع أعداءهم وأعمالهم السيئة، وتشبه كلمة "سلق" في لفظها الفعل العبري "طرد" ومعناها أن يزيل أو يهرب فيتناولون السلق مع تلاوة أدعية لطرد كافة أعدائهم. أما القرع فيأكلونه ويطلبون من ربهم نزع الأفكار والأعمال السيئة، وعند أكل ال"لوبية" فيتلون الأدعية بأن تزداد حقوقهم وأفراحهم. وفي نهاية العشاء يباركون بأدعية للتخلص من الذنوب ثم تناول لحمة الرأس (عادة العجل) لدي الشرقيين أما العائلات الإشكينازية من يهود الألمان أو البولنديين فيأكلون رأس سمكة الكارب، ومنه يحضرون ال"جفيلتي فيش" أو السمك المحشو الذي تشتهر به الطائفة. وهناك من يتناول فاكهة جديدة، لم يأكلها منذ فترة طويلة كنوع من التجديد في رأس السنة وشكر الله علي بداية سنة جديدة.