أطفالنا قد يعيشوا حياة أطول حلم يراود الكثيرين. الحياة لفترة أطول، بصحة أفضل وشباب دائم..دائماً ماكان هذا الحلم مستحيلاً، لكن مع الثورة العلمية، وقدرة الباحثين علي تعديل الجينات الوراثية أصبح المستحيل ممكناً..فقط نحتاج بعض الوقت بعدها قد نري في أولادنا وأحفادنا من يعيش 1000 سنة أو يزيد. فلاديمير سكولاتشيف عالم روسي كبير في السن، علي السبورة المعلقة علي الحائط يكتب حساباته ومعادلاته المعقدة، هذا الرجل يقول إنه يملك السر، سر الشباب الدائم، يقول إنه أنتج دواء قادرا علي أن يمنع الشيخوخة وأن يمنح لنا الفرصة لنعيش في شباب دائم. حتي الآن لا يعرف كثيرون شيئاً عن هذا الدواء الذي اخترعه فلاديمير ولم يسمع عنه أحد حتي الآن، إلا أن هذا المسن الروسي ليس من النوع الذي قد تتشكك في كلامه، فهو ليس دجالاً ولامشعوذاً ولانصاباً، بل هو عضو في أكاديمية العلوم الروسية وعميد كلية الهندسة البيولوجية في جامعة موسكو. وحسب كلامه فإن دواءه الذي يتحدث عنه سيكون متاحاً في الأسواق خلال الخمس سنوات القادمة والذي يقول عنه "إنه دواء يوقف تدهور الخلايا في كل أنحاء جسم الإنسان " ويدعم مشروع فلاديمير شخصيات كبيرة جداً في روسيا منهم الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف والملياردير أوليج ديراباسكا الذي يمول المشروع. والأخير تدعم مؤسسته أيضاً الأبحاث المتعلقة بأبحاث النانو التي من المتوقع أن تحدث نقلة تكنولوجية في العالم كله، ويستثمر هذا الملياردير مبالغ تقدر ب440 مليون يورو في الأبحاث العالمية. وعلي بعد آلاف الكيلومترات من العاصمة الروسية موسكو وتحديداً في مؤسسة ماساشوسيتس العلمية في مدينة بوسطن الأمريكية، لايشكك أحد أبداً أن أبحاث فلاديمير قد تكون نوع من الخيال العلمي، بل يصدقونها تماماً. فهناك فريق بحثي يقوده العالم ليونارد جارنت الذي يعمل علي تطوير جين قادر علي تطويل عمر كل خلايا الجسم. وقد أثبتت التجارب علي بعض الفئران أن هذا الجين له آثار مذهلة علي الخلايا، حيث تظل في حالة ثابتة لمدة أطول وفي صحة أفضل. ويأمل جارنت في أن يستخدم هذا الجين في أدوية تفيد البشر في المستقبل القريب. علي مدار التاريخ العلمي، سعي مئات العلماء مثل فلاديمير وجارنتي للبحث عن الوسيلة التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يعمر في الأرض لسنوات طويلة. وكما يقول "جويل دي روزاني" مؤلف كتاب (الإنسان يشكل الحياة من جديد) "إن هؤلاء العلماء يقودون ثورة في علوم الأحياء لم نشهد لها مثيلا من قبل" فنحن وصلنا إلي مراحل متقدمة جداً وأصبحنا قادرين علي إعادة تشكيل ورسم كتاب الحياة" ففي 1958 توقع العالم الفرنسي "جون روستان" حدوث تحولات مثل هذه في علم البيولوجيا قادرة علي مد عمر الإنسان لفترات أطول. وهي نفس النظرية التي يؤمن بها "رولان مورو" الطبيب وعالم الفيزياء البيولوجية والذي قال في كتابه (الخلود في المستقبل) "اليوم نحن نعلم أن (الآلة الإنسانية) مصممة لكي تعيش فترة محددة، يمكن تقديرها ب120 عاما. إذاً نحن نستطيع نظرياً أن نصل بعمر الإنسان إلي هذه السن وأحياناً باستطاعتنا تعدي هذا الرقم" هناك توقعات كبيرة بأن يصل الإنسان إلي وسائل تطيل عمره، ومن خلال الابتعاد عن التدخين، وتقليل نسب السكريات والدهون في طعامنا بالإضافة إلي ممارسة الرياضة المستمرة نستطيع أن نبدأ الطريق، وسيكون بإمكاننا أيضاً معالجة الأمراض الوراثية المختلفة. ويقول سيرج براون المدير العلمي للهيئة الفرنسية للأمراض العضلية "العوامل الجينية لها تأثير كبير علي الأمراض التي تصيبنا ولها تأثير أيضاً علي إصابتنا بالشيخوخة والعجز. فقد عكف مثلاً علماء ألمان علي دراسة 138 معمرا يابانيا ووجدوا أن التركيب الجيني في أجسامهم مختلف إلي حد ما وهو مايجعلهم قادرين علي الحياة لمدة أطول ويسعي العلماء إلي فهم هذا التركيب الجيني حتي يمكنهم التدخل فيه وتعديله في المستقبل. فلقد تعرف الإنسان الآن علي جزء كبير من الميكانيزم المحرك لعملية الشيخوخة، وهذا هو الحال مثلاً في مرض نادر اسمه (البروجيريا) الذي يؤدي إلي وفاة الأطفال نتيجة للشيخوخة المبكرة، وقد استطاع العلماء التعرف علي البروتين الذي يتكاثر في الخلايا ويتسبب في انتشار المرض داخل الجسم، ومن خلال دواء مناسب استطاع العلماء التخلص من هذا البروتين، وهذا الإكتشاف كان له تأثير هائل سواء علي الأطفال المصابين بهذا المرض، أو الأبحاث المتعلقة بمقاومة الشيخوخة" الطموحات في هذا المجال العلمي كبيرة جداً، معالجة آثار الشيخوخة الناتجة عن كورسات العلاج من الأمراض المزمنة والخطيرة كالسرطان، الوصول لصحة أفضل للمسنين، الوقاية من أمراض مثل الزهايمر، كل هذا سيكون متاحاً، بعد كم من الوقت؟ لانعرف بعد، فالآراء تختلف. فنحن نحتاج 15 عاما حتي يعبر أي دواء الاختبارات المعملية ليتم التأكد من صلاحيته للاستعمال. لكن هناك بالفعل أدوية تحت الاختبار منذ عدة سنوات. وهناك اكتشافات مهمة حدثت، مثل الاكتشاف الذي حصل من خلاله 3 علماء أمريكيين علي جائزة نوبل في2009 لاكتشافهم دور أطراف الكروموزومات في شيخوخة الخلايا. وإعلان العالم الياباني ياماناكا عن اكتشافه أسلوبا لتحويل أي خلية إلي خلية جذعية (خلية قادرة علي التجدد) فنحن إذاً قد بدأنا الطريق بالفعل. إن هذا النوع من العلوم يطلق عليه "الطب التجديدي" ... فقد نكون قد استطعنا بالفعل إيجاد وسائل لزرع خلايا جلدية، أو لتنشيط نمو العظام، ، لكن الجديد هنا أنه باستطاعتنا أن نعالج عضوا به وهن أو عجز أو ضمور، عن طريق حقنه مباشرة بخلايا تجدد الجزء المصاب. ويقول سيرج براون "نحن نسعي لتطوير خلايا عصبية من أجل القضاء علي الزهايمر، وبنكرياس من أجل إنتاج الأنسولين وعلاج مرضي السكر. وسيكون بإمكاننا الحصول علي هذه العلاجات قريباً جداً". الحياة ألف عام كل ماتحدثنا عنه إلي الآن يتعلق بمد عمر الإنسان بوسائل طبيعية وكما ذكرنا من قبل فإن الإنسان بدون عوامل خارجة متوسط عمره في الأساس 120 عاما. لكن الحديث الآن وفي الولايات المتحددة علي وجه الخصوص، عن محاولات لإمداد عمر الإنسان بوسائل صناعية لكي يتخطي هذا العمر الحدود الطبيعية ويصل إلي ألف عام. وهذا أمر مقلق إلي حد ما". لقد أكد عالم الأحياء الإنجليزي أوبري جراي "أن الشيخوخة مرض كسائر الأمراض، وجسم الإنسان بشكل عام عبارة عن آلة شديدة التعقيد كنا فقط لانملك طريقة تصنيعها، لكن إذا علمنا كيف تعمل وكيف نستطيع صيانتها وتوفير قطع غيارها نستطيع بلاشك أن نطيل فترة عملها، لذلك فالقضاء علي الشيخوخة أمر ليس مستحيلاً.. والحياة الأبدية أيضاً حلم ليس بعيد المنال".